وزيرة الخارجية الفرنسية تؤكد لنظيرها الإيراني عزمها على تحرير كل مواطنيها المعتقلين في طهران
تظاهرة في باريس للمطالبة بالإفراج عن الفرنسيين المعتقلين في إيران، في 28 يناير الماضي (رويترز)
أفرجت السلطات الإيرانية اليوم الجمعة عن الفرنسي بنجامان بريير ومواطنه الحامل الجنسية الإيرلندية برنارد فيلان اللذين كانا موقوفين في قضيتين منفصلتين، في خطوة رحبت بها باريس التي أكدت العمل للإفراج عن آخرين.
وأتى إطلاق بريير (37 سنة) وفيلان (64 سنة) اللذين كانا موقوفين في مشهد بشمال شرقي إيران، بعد سلسلة تحذيرات أطلقها مقربون منهما على خلفية الوضع الصحي لكل منهما وظروف الاحتجاز في ثاني كبرى مدن إيران.
والفرنسيان هما من بين زهاء 20 أجنبياً تحتجزهم السلطات الإيرانية على خلفية تهم مرتبطة غالباً بالأمن القومي، إلا أن المعنيين ينفون هذه الاتهامات. ويرى ناشطون أن احتجاز الأجانب كـ”رهائن” هو جزء من استراتيجية طهران لانتزاع تنازلات سياسية من دول الغرب.
ولا يزال خمسة فرنسيين محتجزين في إيران، أربعة منهم خلف القضبان، إضافة إلى باحثة إيرانية خرجت من السجن لكنها ممنوعة من مغادرة البلاد.
وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية إن بريير وفيلان أفرج عنهما من السجن في مشهد و”هما في طريقهما إلى فرنسا”.
وكان فيلان يعمل مستشاراً في مجال السياحة والسفر ومقره في باريس.
وأوقف مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2022 في مشهد وبقي منذ ذلك الحين في السجن.
تهمة نقل معلومات إلى “دولة معادية”
وأفادت أسرته في مارس (آذار) الماضي بأن القضاء الإيراني حكم بسجنه ست سنوات ونصف السنة على خلفية اتهامه بنقل معلومات إلى دولة معادية.
ونفت العائلة هذه الاتهامات، مشيرة إلى أن فيلان أوقف لالتقاطه صوراً لمسجد أضرمت فيه النيران ولعدد من رجال الشرطة وإرسالها إلى صحيفة بريطانية.
وحذرت العائلة من أن صحة الرجل الستيني تدهورت في السجن، إذ أعلن الإضراب عن الطعام والشراب في يناير (كانون الثاني) الماضي، احتجاجاً على اعتقاله لكنه أوقف تحركه بناءً على طلب عائلته التي كانت تخشى على حياته.
حكم وبراءة
أما بريير فاعتقل في مايو (أيار) 2020 أثناء سفر في إيران أكدت العائلة أنه كان لغايات سياحية. وفي وقت لاحق، حكم عليه بالسجن ثماني سنوات لإدانته بالتجسس، قبل تبرئته في الاستئناف في فبراير (شباط) الماضي، بحسب عائلته.
وبريير الذي كان معتقلاً مثل فيلان في سجن وكيل أباد، بدأ أيضاً إضراباً عن الطعام أواخر يناير احتجاجاً على ظروف توقيفه.
اقرأ المزيد
- منظمة العفو تحذر من إعدام ثلاثة إيرانيين بسبب الاحتجاجات
- تنديد أممي بمئات أحكام الإعدام في إيران
- إعدام شخصين في إيران لإدانتهما بإهانة المقدسات الإسلامية
شكر من ماكرون
ووفق موقع “فلايت رادار 24” لتتبع حركة الطائرات، أقلعت طائرة من طراز “فالكون 900” تابعة لشركة “إيرليك” المتخصصة في النقل الجوي الطبي والقادرة على نقل مسافرين مضطرين إلى التمدد على حمالة، من مشهد عند الساعة 14:50 (11:20 بتوقيت غرينيتش)، ومن المقرر أن تحط في مطار لو بورجيه بباريس بعد الثامنة ليلاً (18:00 ت غ).
وبعيد إعلان إطلاقهما، شكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر “تويتر” “كل من أسهم في هذا الموضوع”، معتبراً أن بريير وفيلان باتا “حرين، أخيراً”، وقادرين على “لقاء أحبائهما”.
من جهتها، أعربت دبلن عن “ارتياحها”. وقال وزير الخارجية الإيرلندي مايكل مارتن إن “برنارد فيلان أفرج عنه من السجن في إيران وهو الآن في طريق العودة إلى عائلته. كانت الأشهر السبعة الماضية تجربة شديدة الصعوبة لبرنارد وعائلته وأنا سعيد ومرتاح لأنها انتهت الآن”.
بنجامان بريير (يمين) و برنارد فيلان (أ ف ب)
تصميم فرنسي
من جهتها، أكدت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أنها تحدثت اليوم الجمعة، إلى نظيرها الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكدت له “تصميم فرنسا على ضمان استعادة المواطنين الفرنسيين الآخرين الذين ما زالوا معتقلين في إيران، حريتهم بالكامل”.
من جهتها، أكدت الخارجية الإيرانية أن الوزيرين بحثا في شأن الإفراج عن بريير وفيلان، والذي وصفته الوزارة بأنه “عمل إنساني”.
وقالت كولونا في مؤتمر صحافي مع نظيرها الإيرلندي على هامش اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين “سنواصل العمل كأوروبيين للإفراج عن مواطنينا، إنهم أربعة، وعن جميع المواطنين الأوروبيين وعددهم كبير للأسف، المعتقلين من دون سبب في إيران”.
ولا يزال أربعة فرنسيين وصفتهم وزارة الخارجية الفرنسية في وقت سابق بـ”الرهائن”، معتقلين في سجون في إيران.
والأربعة الموقوفون هم النقابيان سيسيل كوهلر وجاك باريس اللذان أوقفا في السابع من مايو (أيار) 2022 خلال زيارة “سياحية” وفق المقربين منهما، بينما اتهمتهما طهران “بالتعاون والتواطؤ للنيل من أمن البلاد”، ولوي أرنو الذي يعمل في المجال الاستشاري وأوقف في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي في طهران من دون أن تعرف ما تهمته، إضافة إلى فرنسي رابع لم تكشف باريس عن هويته.
أما الباحثة الإيرانية الفرنسية فريبا عادلخاه فأفرجت طهران عنها في فبراير الماضي من سجن إيوين، حيث كانت تقضي عقوبة بالسجن خمس سنوات صدرت في عام 2020 لإدانتها بالمساس بالأمن القومي، وهي تهم سبق لها أن نفتها.
وأوقفت طهران عادلخاه في عام 2019 وحكمت في العام التالي بسجنها خمس سنوات، قبل الإفراج عنها ووضعها قيد الإقامة الجبرية في أكتوبر 2020. وفي يناير 2022 أعلن القضاء إعادتها إلى السجن بسبب “مخالفتها” شروط الإقامة الجبرية. ولم يسمح لها بمغادرة إيران بعد منذ الإفراج عنها في فبراير 2023.
ويشكل الموقوفون الأجانب موضوع تجاذب حاد بين إيران والدول الغربية، علماً أن عديداً منهم يحملون جنسية مزدوجة، وهو ما لا تعترف به طهران التي تتعامل معهم كإيرانيين حصراً.
وزادت حدة الانتقادات الغربية لطهران على خلفية هذه المسألة في أعقاب الاحتجاجات التي اندلعت في إيران منتصف سبتمبر 2022 بعد وفاة الشابة مهسا أميني إثر توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
وأعلنت طهران توقيف عدد من الأجانب، أفرجت عن بعضهم لاحقاً، على خلفية هذه الاحتجاجات.