هل تصمد المعارضة التركية في الـ 28 من مايو الجاري أم نفد البارود؟

1

مراقبون يشيرون إلى أهمية مراقبة الصناديق ويرون إعلان حزب اليسار الأخضر دعمه لكمال كليتشدار خطوة قيمة للغاية

دورا مينغوج 

المعارضة التركية تطمح في فوز كليتشدار أوغلو في الجولة الثانية من الانتخابات (أ ف ب)

هل وقعت أية مخالفات خلال انتخابات الرئاسة التركية في الـ 14 مايو (أيار) الجاري؟ وهل فشل تحالف الأمة في حماية صناديق الاقتراع؟ ولماذا لم تجد الحملة الانتخابية الواسعة لكمال كليتشدار أوغلو رداً إيجابياً من الجمهور؟ وهل سيؤثر تغيير خطاب المعارضة في جمهور الناخبين؟ وماذا سيفعل كليتشدار أوغلو بين الناخبين القوميين الأتراك وبين والأكراد؟

هناك كثير من الأسئلة هذه الأيام بخصوص انتخاب رئيس الجمهورية التركي، إذ ذهبت الانتخابات إلى جولة ثانية للمرة الأولى في تاريخ تركيا، فيما تراجع مستوى حزب العدالة والتنمية تقريباً إلى مستواه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2002، ولم يتمكن الرئيس رجب طيب أردوغان من حسم النتيجة من الجولة الأولى كما كان يقول.

وعلى رغم ذلك يتحدث ناخبو المعارضة حول إمكان فوز كليتشدار أوغلو في الجولة الثانية، وإذا تم جمع الأصوات التي حصل عليها حزب “الحركة القومية” وحزب “الجيد” وحزب “النصر”، أي الأحزاب التي تعرف نفسها على أنها قومية، سنجد أن نسبتهم من الأصوات وصلت إلى 23.72 في المئة، وذلك يشير إلى أن ربع الناخبين في تركيا استخدموا تفضيلهم في إطار القومية، كما حصل مرشح تحالف “الأجداد” الذي تم تجاهله في استطلاعات الرأي سنان أوغان على 5.17 في المئة، لكن قبل النظر في الكيفية التي يحدد بها القوميون الأتراك السياسة ينبغي النظر في مزاعم المخالفات التي تحدثت عنها المعارضة، إذ ظهرت ادعاءات على وسائل التواصل الاجتماعي حول عمليات عد احتيالية.

الرئيس أردوغان قال إن “تصريح وزير العدل بكير بوزداغ قبل الانتخابات ’من قال إن هناك غش في الانتخابات يعلم بوضوح أنه سيخسر ولذلك يختلق الأعذار، فالانتخابات التركية هي من أكثر الانتخابات نزاهة في العالم‘ يكشف أكاذيبهم، وعلى رغم ذلك لم يعتذروا لا لناخبيهم ولا للجمهور”.

أكثر تساؤلات ناخبي المعارضة كانت حول الصمت الذي أبداه قادة أحزابهم، إذ ظهر كليتشدار أوغلو صباح 15 مايو الجاري في بيان موجز لمدة دقيقة ونصف الدقيقة فقط، مما جعل الناخبين يتساءلون لماذا لا يوجد تفاصيل أكثر، قبل أن يأتيهم الجواب يوم الخميس 18 مايو، إذ قال كليتشدار أوغلو إنهم “لن يسمحوا حتى لصوت واحد أن ينهيهم، وفي انتخابات الـ 28 من الشهر الجاري، سيكون هناك مليون مراقب من المعارضة على صناديق الاقتراع لضمان نزاهة الانتخابات”، وبعد تصريحاته بدقائق تم تعيين ديفريم باريش جليك نائباً لرئيس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بعد استقالة سلفه أونور سال أديغورزيل.

موقع “اندبندنت التركي” تحدث إلى عضو هيئة التدريس بجامعة كوتش للعلوم السياسية والعلاقات الدولية الأستاذ الدكتور مراد سومر لسؤاله عما إذا كان هناك تدخل منظم ومنهجي في الانتخابات، إذ يرى أن حزب الشعب الجمهور “غاب”، وذلك على رغم أن النائب الممثل للحزب، محرم إيركي قال “إننا نتابع كل صوت”، وبحسب سومر فإنه إذا كان هناك فرق بين النتائج المعلنة من قبل المجلس الأعلى للانتخابات واللوائح الموقعة فيجب تحديدها والتحقيق فيها، كما طالب أن ينشئ تحالف الأمة فريقاً يطابق كل تقرير موقع إلكتروني مع بيانات الجهة الانتخابية المتعلقة بصناديق الاقتراع المعنية.

أما متخصص العلوم السياسية بجامعة إسطنبول بيلغي إمره أردوغان فيرى أن الشيء الرئيس الذي يجب الانتباه إليه هو عملية العد، “إذا كان هناك من يريد الخداع فليس هذا هو المكان المناسب، إنما هناك مسألة تسجيل ما يخرج من صندوق الاقتراع، وكيف تم تسجيل التقرير من صندوق الاقتراع؟ وكيف دخل الصندوق؟ وكل هذا لا يمكن ملاحظته في هذه المرحلة إنما أثناء الانتخابات، وعلى سبيل المثال في ولاية معينة يدلي رئيس قرية بأصواته نيابة عن القرية بأكملها، وليس من الممكن رؤية السيطرة على هذا الآن، أنت تراها فقط هناك وبعد ذلك هناك عملية فرز الأصوات، وإذا كان هناك بعض الفساد يمكنك ملاحظته في تلك اللحظة فلذلك فإن الأخطاء المذكورة في الوقت الحالي هي في مرحلتها النهائية، وهناك قرى صغيرة فيها 50 أو 60 أو 80 صوت، هل يمكن إرسال شخص إلى هناك؟ ولنفترض أن شخصاً قد ذهب، فهل سيكون قادراً على أداء واجبه؟”.

مزاعم تلاعب

هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها أتراك عن مزاعم التلاعب بعد الانتخابات، فبعد انتخابات 2018 تعرضت المعارضة إلى انتقادات واسعة لعدم قدرتها على حماية الأصوات، وحتى لو تم محو هذا التصور في الانتخابات المحلية لعام 2019، لا سيما في إسطنبول، إلا أن القضية نفسها لا تزال على جدول الأعمال بعد انتخابات الـ 14 من مايو، إذ تتبادر إلى الذهن القصة المنسوبة إلى نابليون عندما يسأل القائد بعد خسارة معركة ما “لماذا خسرنا؟ فيجيب: السبب الأول هو عدم وجود ما يكفي من البارود”، فيرد نابليون، لا حاجة لحساب الباقي”.

33FR6YH-highres.jpg

محللون يتوقعون أن تشهد جولة الإعادة حشداً للناخبين (أ ف ب)

ألم يكن لدى المعارضة بارود في انتخابات الـ 14 من مايو؟ ألم تكن الطاولة السداسية التي تضم أحزاب سياسية مثل حزب “المستقبل” وحزب “الديمقراطية والتقدم” غير مدركة بشكل كاف إمكانات حزب “العدالة والتنمية” الذي كان في السلطة لأكثر من 20 عاماً، وبمعنى آخر هل كانت المعارضة تستعد وهي تدخل الانتخابات الأكثر أهمية في التاريخ، وكأنها تدخل دولة إسكندنافية وليست تركيا؟”.

ورداً على ذلك يقول أستاذ العلوم السياسية البروفيسور مراد سومر إن “هذا التشبيه قد يكون مبالغة بالنسبة إلى المعارضة، ولسنا في وضع يمكننا فيه القول إن ديمقراطيتنا قوية، ونحن نثق بالمؤسسات كما هي الحال في السويد فلا داعي للقلق، لكن المعارضة ربما كان لديها قلق لأنها قد تخيف الناخبين في طريقهم إلى صندوق الاقتراع إذا ظهرت أخطار وتهديدات محتملة، لذا وبصراحة أعتقد أنك لا تفهم الناخبين جيداً، وعلى رغم ذلك فإن جزءاً مهماً من الناخبين وبخاصة الأجيال الشابة يريدون المشاركة، فهم لا يريدون فقط أن يهدأوا، وإنما يريدون أن تقال لهم الحقيقة ومن ثم يكونون جزءاً من حل المشكلة، وعلى المعارضة أن تأخذ مصيرها بأيديها، إذ كان عليها الإدلاء بتصريحات منتظمة للغاية وإبلاغ الناخبين ووسائل الإعلام بذلك”.

من جانب آخر يقول البروفيسور إمره أردوغان إنه “عندما يتعلق الأمر بالانتخابات، حتى في انتخاب جمعية، إذا لم تتمكن من التحكم في صناديق الاقتراع فستخسر، لذا فإن السيطرة على صناديق الاقتراع هي المرحلة الأساس من هذا العمل”.

ويشير أردوغان إلى التصريحات التي أدلى بها نائب حزب الشعب الجمهوري أوز كان ساليجي في شأن أمن الانتخابات قبل التصويت، إذ قال “لا توجد مشكلة، نحن هنا نتحدث عن طاولة من ستة أحزاب، ولنفترض أنه إذا كان أحدهم ضعيفاً في الجنوب الشرقي فسيكون الآخر داعماً، وإذا كان أحدهم ضعيفاً في البحر الأسود فسيكون الآخر داعماً، ستة أحزاب إنها ليست مجرد حفلة واحدة، وإضافة إلى ذلك هناك مواطنون مراقبون، وإذا لم تتمكن حركة سياسية تستهدف 26 مليون صوت أو أكثر من جذب 20 ألف شخص إلى صناديق الاقتراع فهناك مشكلة”.

هناك أسئلة أخرى تتبادر إلى الذهن، إذ إن الحزب الذي زاد عدد مقاعده في البرلمان هو حزب “الشعب الجمهوري”، والحزب الأكثر خسارة في البرلمان هو حزب “العدالة والتنمية”، لكن لا يزال تحالف “الجمهور” يشكل الغالبية، وبمعنى آخر فحتى لو فازت المعارضة في الانتخابات الرئاسية في الجولة الثانية فإن وعدهم بنظام برلماني معزز سيرحل إلى فترة ربيع أخرى لتحالف الأمة، لأن المعارضة لن يكون لها غالبية مطلقة في البرلمان لتغيير الدستور، إذا هل توزيع المقاعد في البرلمان يجعل كليتشدار أوغلو أفضل في نظر ناخبيه؟

البروفيسور أردوغان يرى أن هناك تأثيراً نفسياً سيكون له أثر سلبي، ويؤكد أن “نسبة 88 في المئة من المشاركة في الجولة الأولى ليوم الـ 28 من مايو لا ينبغي خفضها أو زيادتها، لكن لكي تستطيع المعارضة جذب عدد أكبر من الناخبين إلى صناديق الاقتراع فينبغي أن تعطي شعورا بـ ’نحن نفوز‘ فعلى رغم الزلزال والأزمة الاقتصادية وغيرها من المشكلات”.

وعلى رغم انخفاض أصوات حزب “العدالة والتنمية” إلا أنه فاز بعدد من النواب ولذلك فهو ربح، إذ إن إعطاء الشعور بأننا فزنا يساعد في استقطاب الأشخاص الذين سيقفون على 190 ألف صندوق اقتراع، فلا أحد يذهب لشيء ليخسره”.

الربيع سيأتي إليك

بعد انتخابات الـ 14 من مايو انسحب حزب “الشعب الجمهوري” من وكالة الإعلان والاتصالات، فالخطاب الذي حمل عنوان “الربيع سيأتي إليك” تزامناً مع حملة إيجابية، ترك رسائل أقسى في الإطار الزمني المحدود أمام تحالف الأمة، إذ قوبلت خطابات كليتشدار أوغلو بشكل مختلف مع صعود الأصوات القومية، خصوصاً فيديوهات “كمال في المطبخ و”مجلس السيد كمال” وفيديو “لن نبيع وطننا” الذي صدر الأربعاء الماضي.

أما مرشح تحالف “الأجداد” سنان أوغان المدعوم من حزب “النصر” المناهض للاجئين فهو الذي نقل الانتخابات إلى جولة ثانية، وقد أجرى مؤتمراً صحافياً الخميس في مقر حزب الشعب الجمهوري، وقال “ألست أنت يا أردوغان جالساً على طاولة مع المنظمات الإرهابية؟ ما هو مكانك للتساؤل عن حبنا للوطن؟ ما هو مكانك للكذب؟ لم أجلس أبداً مع المنظمات الإرهابية ولن أفعل ذلك أبداً، لن أتبع أي سياسة مهادنة تتبعها، أردوغان أنت لم تحم حدود البلاد وشرفها، فلقد جلبت عمداً أكثر من 10 ملايين لاجئ إلى هذا البلد، وقمت ببيع جنسية هذا البلد في مقابل الأصوات المستوردة، وبمجرد أن أتولى السلطة سأعيد جميع اللاجئين إلى ديارهم”.

ووفق البروفيسور سومر فإن هذا التغيير مهم في تحديد نتائج الانتخابات، وبالتالي أصبح موقف تحالف “الأجداد” وسنان أوغان محط اهتمام الناخبين.

ويضيف، “بالطبع فإن كلا المرشحين يحاولان الفوز ولذلك سيحاولان الحصول على دعمه، لكن في الواقع لا شيء قاله السيد كليتشدار أوغلو في الـ 17 مايو يختلف جوهرياً عما قاله قبل ذلك، لكن هناك أسلوباً مختلفاً وقاسياً، ومن الواضح أن هذا الأسلوب جاء لإقناع ناخبي تحالف الأجداد، فتركيا لديها مشكلات مهمة على رأسها الاقتصاد، إضافة إلى ذلك تعد مشكلة اللاجئين مهمة من قبل معظم الناخبين، إذ إن هذا المعدل المرتفع من اللاجئين يخلق حساسية اجتماعية في أي بلد من العالم، ولذلك وبغض النظر عن الحكومة التي ستأتي فإنها ستتبع بعض السياسات تجاه هذه القضية، لكن المهم هنا هو عدم وجود ممارسات غير قانونية تنتهك حقوق الإنسان، لكي لا يتحول هذا الخطاب القومي القاسي إلى خطاب كراهية”.

تحديد المصير 

لم يكن سراً أن مرشح تحالف “الأجداد” سنان أوغان أراد الجلوس إلى طاولة المفاوضات، إذ سبق أن قال قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات خلال لقائه رئيس حزب المستقبل أحمد داوود أوغلو، إنه ستكون لديه مطالب، كما شارك على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي مقالة للنائب عن حزب العدالة والتنمية توغرول تركيش حول القومية، لكن الآن يتم تغيير الخطاب، والسؤال هنا هل الأكراد يقررون صندوق الاقتراع؟ أو بعبارة أخرى هل سيحدد القوميون الأتراك مصير الانتخابات؟

بحسب البروفيسور إمره أردوغان “فمن الصعب والسابق لأوانه القول إن الإبرة قد تحولت بشكل كامل إلى إطار القومية التركية من خلال النظر إلى نتائج الانتخابات وحدها، إذ إن أحد الركائز الأساس للقومية في تركيا هو معاداة الأكراد، وحزب الحركة القومية وسنان أوغان معادون للأكراد بشكل علني، وحتى لو كان حزب ’الجيد‘ معادياً للأكراد فلا يمكنهم التحدث بذلك علناً، لأن حزب ’الشعوب‘ الديمقراطي يدعمهم، وهذا إسقاط واضح للثقافة القومية التي أنتجت منذ فترة طويلة”.

فهل من يستطيع إقناع سنان أوغان سيفوز بالرئاسة؟ وإذا اتخذ أوغان موقفاً مع تحالف الأمة فهل سيستمر الأكراد بدعم كليتشدار أوغلو؟ علماً بأن موقف حزب اليسار الأخضر في العملية المؤدية إلى الجولة الثانية لن يختلف عن موقف الجولة الأولى.

وعلى رغم ذلك فإن البروفيسور أردوغان لا يعتقد أن 5.17 في المئة من الناخبين تحت سيطرة أوغان، “هذا ليس حزب العمل القومي، إذ يسيطر الزعيم على القاعدة 100 في المئة، بعض أصوات سنان أوغان أتت من محرم إنجه، فهم ليسوا قوميين مثل أوغان، كما أننا لا نعرف ما إذا كان هذا مظهراً من مظاهر الاغتراب السياسي في البيئة ثنائية القطب للنظام السياسي الحالي، فإذا كان هناك مثل هذا الاحتمال فإن شراء كرسي بصفقة لا يجعله أكثر فائدة، وبعبارة أخرى إذا كان الناس لا يحبون الطريقة التي تتم بها السياسة فلن يعجبهم ذلك أيضاً، إضافة إلى ذلك فإن سنان أوغان سياسي اتخذ موقفاً صريحاً ضد الحركة السياسية الكردية وقال إنه لا يتسامح مطلقاً، فإذا كان هذا الشخص سيصبح نائباً للرئيس فمن المؤكد أن هذا يمكن أن يخلق رد فعل في الكتلة السياسية الكردية.

أما بخصوص الدعم المحتمل لمرشح تحالف “الأجداد” سنان أوغان لتحالف الأمة فيرى البروفيسور سومر أن إعلان حزب اليسار الأخضر دعمه لكمال يعد خطوة قيمة للغاية ومبدئية وتضحية بالنفس على طريق الديمقراطية، لكن إذا وافق سنان أوغان على دعم تحالف الأمة فإن ذلك لا يعني أن جميع ناخبيه سيصوتون تلقائياً لكليتشدار أوغلو، لذلك سيضطر الأخير إلى توجيه حملة لناخبي أوغان وحزب اليسار الأخضر، “أعتقد أنه سيكون من الطبيعي أن يقوم أوغان بدعم مرشح تحالف الأمة لأننا عندما ننظر إلى الخطوط الحمراء والمطالب التي ذكرها فهي كلها سواء، المواد الأربعة الأولى من الدستور أو قضية اللاجئين في كل هذه الأمور، وهو أقرب إلى كليتشدار أوغلو من أردوغان مع منطق مختلف قليلاً”.

33FM74C-highres.jpg

الرئيس أردوغان ومنافسه كليتشدار أوغلو يعولان على  نتائج الصندوق (أ ف ب)

في البرازيل وبعد 12 عاماً أعيد انتخاب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رئيساً للدولة، وقال لولا مخاطباً أنصاره بعد أداء اليمين، “أعد بمحاربة جميع أنواع عدم المساواة في الدخل والجنس والعرق وسوق العمل والتمثيل السياسي والصحة والتعليم في بلادنا”، إذ لعبت التحالفات التي أقامها لولا دوراً في انتصاره وإزاحة بولسونارو بناء على الاعتراف بأن هناك هجمات على الديمقراطية البرازيلية، إذ أقام لولا تحالفات مختلفة بما في ذلك مع خصمه السياسي السابق، كما عقد تحالفات مع بعض الإنجيليين، وعلى رغم أنهم يدعمون بولسونارو إلى حد كبير إلا أن لولا نجح في جذب 30 في المئة من جمهورهم وفقاً لاستطلاعات الرأي هناك، وهي الحال في المعارضة التركية إذا وعدت بـ “إعادة توحيد البلاد”، لذلك يكون التساؤل هنا هل ستشكل حال “الوحدة” ميزة لكليتشدار أوغلو قبل الـ 28 من مايو بالنظر إلى أن القوميين الأتراك سينضمون أيضاً إلى المعادلة بشكل طوعي؟

بحسب الأستاذ في جامعة “كوتش” البروفيسور مراد سومر فإن هناك بالفعل تشابهاً بين البلدين، “كانت سياسات السيد لولا والتحالف الذي شكله صعباً حقاً، وبعبارة أخرى فإن وضع تحالف الأمة في تركيا مشابه جداً لهذه الحال، إذ تم انتخاب لولا من قبل ائتلاف من الفاعلين السياسيين بمطالب وأولويات مختلفة للغاية، وتمكن من الفوز على بولسونارو، وكذلك يحاول كليتشدار أوغلو القيام بذلك، فمن الممكن الفوز بهذه الطريقة”.

 المعارضة تواجه 

السؤال الأبرز الذي أثير بعد الصورة التي ظهرت في انتخابات الـ 14 مايو هو على أي أساس بنى حزب “الشعب الجمهوري” و”تحالف الأمة” إستراتيجيته السياسية؟ إذ يرى البروفيسور إمره أردوغان أن “هناك إستراتيجية سياسية، لكن الجمهور لا يعرفها، ويسرد الأسئلة التالية واحداً تلو الآخر، “تحديد جيل المرشحين؟ وكيف تم اختيار المرشح الرئاسي؟ وكيف يتم اختيار المرشحين البرلمانيين؟ وكيف تم تحديد الترتيب؟ وهناك عدد من السياسات، أين كان الناس عند وضعها؟ أو أين كانت المنظمات غير الحكومية؟ وكم عدد المنظمات غير الحكومية التي ظهرت في المقدمة في تحديد هذه السياسات؟ أين الشباب؟ وما هي نسبة تمثيل الشباب؟ وما هي نسبة تمثيل المرأة؟ السياسة تمت على ارغم الشعب، وهذا هو موقف الديمقراطية الذي يمكن أن نطلق عليه التفويض، وبعبارة أخرى يقال، “أعطونا إياها سنحلها بطريقة العلم، وهنا نقدم علم الاقتصاد”، يقال “يمكننا القيام بهذه المهمة، لكن هل سأل الناس؟ لا”.

ولذلك تم اختزال الجمهور في عملية البناء السياسي وعملية تطوير السياسة والحملة الانتخابية، ولم تؤخذ ذاتية الشعب بعين الاعتبار، وكل الناس، الشباب والكبار والنساء وربما الأطفال، فالناس بذلوا قصارى جهدهم، إذ كانت هناك مشاركة بنسبة 88 في المئة، وبحسب تقارير فإن 95 في المئة من القاعدة الحزبية تصوت لمرشحي حزبهم، إذاً ما الذي يمكن أن يفعله الناس أكثر؟

التعليقات معطلة.