نعتمد غالباً على الشكل كمعيار لعملية التقدّم بالسن. في الواقع، تؤكّد الطبيبة المتخصّصة في طب العائلة ومكافحة الشيخوخة الدكتورة شيرين بظان، أنّ حالة الأعضاء وفقدان وظائف معينة فيها هما المعيار الأساس الذي يجب الاعتماد عليه في الدرجة الأولى، وذلك قبل الاعتماد على الشكل. وانطلاقاً من ذلك، تدعو الدكتورة إلى التمييز بين العمر البيولوجي والعمر المعتمد على الهوية، فقد يكونان مختلفين فعلاً، وإن لم يظهر ذلك بوضوح أولاً.
ما العوامل التي يمكن ان تساهم في تسريع عملية التقدّم بالسن؟
يعتقد كثيرون أنّ العوامل الجينية وما فوق الجينية تحدّد عملية التقدّم بالسن وما إذا كانت متسارعة او بطيئة. لكن أكّدت الدراسات أنّ دور العوامل الجينية محدود في نسبة 19 إلى 30 في المئة، فيما للمحيط ونمط الحياة الدور الأهم في تحديد ذلك، أي بنسبة 70 أو 80 في المئة. ويُقصد بذلك معدّلات التلوث والسموم والتغذية والرياضة والتوتر والتدخين، فكلها عوامل لها الدور الأساس في تسريع أو إبطاء عملية التقدّم بالسن على مستوى العمر البيولوجي. وبالتالي، لا يُعتبر الإنسان محكوماً في هذا المجال في ما تحدّده الجينات، لأنّه قادر على إحداث تغيير جذري عبر تعديلات في نمط الحياة.
هل يمكن التدخّل لإبطاء عملية التقدّم بالسن؟
تُعتبر العلوم الخاصة بإطالة أمد العيش من أحدث العلوم والتقنيات المتوافرة في المجال الطبي لإبطاء عملية التقدّم بالسن. والهدف منها هو إطالة أمد الحياة للفرد وهو متمتع بصحة جيدة. وتشير بظان، إلى أنّ العمر على الهوية ليس العمر الحقيقي، بل العمر البيولوجي هو الذي يعكس قدرات الجسم والأعضاء ووظائفها. لذلك، من المهم التركيز على العمر البيولوجي في مواجهة عملية التقدّم بالسن وتداعياتها. هنا يأتي دور الطب الوقائي وطب مكافحة الشيخوخة، وهو يدعو إلى التدخّل في ذلك عبر التركيز على نمط الحياة وغيرها من العوامل التي يمكن التحكّم فيها لإبطاء عملية التقدّم بالسن.
ما الفحص الذي يمكن أن يُجرى لتحديد العمر البيولوجي؟
يمكن تحديد العمر البيولوجي من خلال فحص Epigenetic DNA Test الذي يُعتبر في غاية الدقّة، وهو عبارة عن إجراء فحص دم، وتُرسل العينة إلى مختبرات متخصّصة في سويسرا للحصول على النتيجة، التي تُظهر العمر البيولوجي، وما إذا كان يقلّ أو يزيد عن عمر الإنسان. فإذا كان اقلّ من عمره على الهوية يكون لديه مخزون شباب عالٍ، وإلّا فيكون في شيخوخة مبكرة. وعلى الرغم من توافر أنواع عديدة من الفحوص في هذا المجال، إلّا أنّها تتميز بدقّتها العالية بالمقارنة مع باقي الفحوص.
على إثر نتيجة الفحص، ما الخطوات التي تساعد في إبطاء عملية الشيخوخة إذا تبيّن أنّ الشخص هو في حالة شيخوخة مبكرة؟
أياً كانت نتيجة الفحص، تؤكّد بظان على ركيزتين أساسيتين تلعبان دوراً في الحفاظ على مخزون الشباب:
-التغذية: يلعب نظام التغذية المتوسطي دوراً مهمّاً هنا بفضل غناه بالخضراوات والفاكهة والأسماك والدهون الصحية المتنوعة كالجوز والزيتون والافوكادو، إضافة إلى قلّة الدهون الضارّة والأطعمة المصنّعة. من هنا أهمية التركيز على هذا النظام الغذائي الأمثل.
-ممارسة رياضة متنوعة بانتظام. تُعتبر ممارسة رياضة الايروبكس في غاية الأهمية لتحريك الدورة الدموية. لكن بشكل عام، لكل شخص رياضة مناسبة له بسبب بنيته وسنّه وعوامل أخرى تؤخذ في الاعتبار لاستفادة قصوى منها.
هما ركيزتان أساسيتان للحفاظ على مخزون الشباب، إضافة إلى أهمية الابتعاد عن التدخين والتلوث والكحول وكافة مصادر التوتر. هذه العناصر مجتمعة كفيلة بالحدّ من الالتهابات في الجسم.
بشكل عام، يُعتبر الفحص في غاية الدقّة بنسبة تصل إلى 99,9 في المئة، وعلى إثر نتيجته والبيانات الخاصة بالشخص المعني، يمكن إحداث التغييرات اللازمة في نمط حياته. وحتى إذا كان يمارس الرياضة، يمكن ألّا تكون مناسبة له أو أنّه يمارسها في نمط لا يناسبه. بالاستناد إلى النتيجة يمكن العمل على إحداث تغييرات في ذلك أيضاً. مع الإشارة إلى انّ ذلك يكون في إطار برنامج متكامل مع متابعة، ومجموعة شاملة من الفحوص التي تُجرى بهدف مكافحة الشيخوخة.