الأخ الأكبر دائماً على حق

1

مصطفى زين
 
يعتبر اليمين الأوروبي المتطرف الرئيس دونالد ترامب «ناطقاً» باسمه، يعبّر عن توجهاته الداخلية والخارجية حيال المسلمين والأجانب. ويتخذ قرارات متناغمة مع توجهات الأحزاب الفاشية التي تنتظر تصريحاته لتثقف محازبيها وتزودهم «فكراً» متطوراً مصنوعاً في الولايات المتحدة. «فكر» يحيي الصراع العرقي والتمييز على أساس اللون والدين، في عودة إلى ما قبل الخمسينات أيام ازدهار العنصرية البيضاء وكفاح السود للحصول على حقوقهم المدنية، وانفلات غرائز «كلو كلوكس كلان» التي ما زالت ناشطة في بعض الولايات وتؤمن بتفوق العرق الأبيض.
رفع ترامب شعار «أميركا أولاً» خلال حملته الانتخابية، وبعد وصوله إلى البيت الأبيض، ويتصرف على هذا الأساس في الداخل والخارج. في الداخل، قرر إقامة جدار على الحدود المكسيكية وتخلص من مسؤولين كثيرين في البيت الأبيض لأنهم يرون مصلحة أميركا في الانفتاح على محيطها. لم يجد حرجاً في اتخاذ قرارات تمنع مواطني عدد من الدول الإسلامية من دخول الولايات المتحدة، فتصدى له بعض القضاة ناقضين تلك القرارات.
أما أحدث تعبيراته عن العنصرية فكانت في إعادته نشر مقاطع فيديو، بثتها نائب رئيس حزب «بريطانيا أولاً» اليميني المتطرف جايدا فرانسين، تصور مجموعة من الإسلاميين يضربون صبياً ثم يلقيه أحدهم من فوق السطح، بينما تظهر لقطة أخرى شاباً يركل صبياً متكئاً على عكازين، ويصور ثالث رجلاً ملتحياً وهو يحطم تمثالاً للسيدة العذراء. ودافع البيت الأبيض عن إعادة ترامب نشر هذه المقاطع وقالت الناطقة باسمه سارة ساندرز: «لا أتحدث عن طبيعة الفيديو… التهديد حقيقي، ما يتحدث الرئيس عنه هو الحاجة إلى الأمن القومي والإنفاق العسكري وهي أشياء حقيقية جداً. ما من شيء مصطنع في هذا».
«لا شيء مصطنعاً» سوى أن بعض مقاطع الفيديو مركبة وإعادة بثها تعزز موقف دعاة العنصرية وتثير الخلافات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين. في بريطانيا، لم يبق حزب إلا وانتقد الرئيس، من المحافظين إلى التروتسكيين مروراً بالعمال. حتى أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي كانت لديها «الجرأة» على أقرب الحلفاء واعتبرت فعلته «خطأً». وتذكر بعضهم شعار «بريطانيا أولاً» الذي رفعه قاتل النائب العمالية جو كوكس. وارتفعت أصوات كثيرة تطالب بإلغاء دعوة ترامب لزيارة لندن. ولم يدافع عنه أحد سوى اليميني المتطرف نايجِل فراج. لكن كل الاحتجاجات ستبقى مجرد كلام، وهذا ما يراهن عليه ترامب في كل مرة يهين حلفاءه، فهو يعرف أنهم لا يستطيعون الاستغناء عن علاقاتهم بأميركا، كائناً من كان ساكن البيت الأبيض، ويعتريهم الخوف عندما تنشر وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث دراسات عن توجه واشنطن للانكفاء على نفسها.
الأخ الأكبر دائماً على حق. توجيه النقد إليه مجرد عتب.

التعليقات معطلة.