خالد الجيوسي
يُثير رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري هذه الأيام الجدل بتصريحاته غير المَفهومة تماماً، بل حتى أن تيّاره السياسي، لم يعد يفهم ما ينوي الرجل فعله، والحديث هنا عن آخر تصريحات له لمجلة “باري ماتش” الفرنسية، والتي قال فيها أن “حزب الله” لديه أسلحة، ولكنه لا يستخدمها على الأراضي اللبنانيّة، وهو ما دفع بالكثير من أتباعه، لاتهامه بأنه يُهادن الحزب الذي ساهم “بفك أسره” من المُعتقل السعودي الفاخر، ليعود ويُغرّد الرجل أنه في حالة ربط نزاع مع الحزب، كما حالة الأخير معه.
الرئيس الحريري، الذي سبق وأن أشار إلى أنه يُفضّل الاحتفاط بما حدث معه في السعوديّة لنفسه، بالرغم من تأكيده على كتابته لخطاب الاستقالة بنفسه من العاصمة الرياض، يبدو أنه يُريد التأكيد على تهديد سلامته، وعدم نسف “مسرحيّة الاستقالة” التي قامت على أساس تهديد حياته، فيقول في ذات المُقابلة للمجلة الفرنسيّة المذكورة، أن حياته لا تزال مُهدّدة من قبل النظام السوري، والذي أصدر حُكماً بالإعدام ضدّه، وبالتالي هُنا بات المُهدّد لحياة الرئيس هو نظام الأسد، لا حزب الله الذي “فرّ” الحريري هلعاً منه إلى عاصمة الأمان السعوديّة!
لا نفهم، كيف تكون حياة الرئيس الحريري مُهدّدةً فجأة من قبل النظام السوري، ودون سابق إنذار، وهو الذي أي الحريري هاجم هذا النظام، ورأسه، ولم يُبق أي جُمل هجوميّة، إلا واستخدمها ضده، وبعد مرور سبع سنوات، وخروج سورية ونظامها من الأزمة، ألم يكن من الأفضل لسورية، التخلّص من الحريري خلال عُمر الأزمة، لو كان الأخير بالفعل يُشكّل تهديداً، لدرجة الاهتمام والتصفية؟
ربّما يُصيب الرئيس الحريري في أمر واحد فقط، حين يقول أن سلاح الحزب لا يُستخدم داخل الأراضي اللبنانيّة، وبالتالي ينسف بقصد أو غير قصد رواية السعوديين الحُلفاء، حول خطورة “سلاح المُقاومة” على الداخل اللبناني، ووجوب مُصادرته، وربّما ينجح الحريري في تجنيب بلاده صِداماً داخليّاً، وحرباً أهليّة، وربّما يرد الرئيس الحريري الجميل لحزب الله، وما تردّد عن مُساهمته في تحريره.
نعتقد أن على الرئيس الحريري الابتعاد عن سياسة المُجاملات، والتردّد والخوف، ولا بُد أن يكون أكثر جُرأة من تصريحات حول سلاح حزب الله، وسياسة إرضاء كل الأطراف، وأن يكون جريئاً ضد حليفته كما حزب الله، فحتى واشنطن “وبّخت” السعوديّة كما تقول الأنباء على سعيها لتقويض الاستقرار في لبنان، فما الذي ينتظره أو يخشاه الحريري، بعد أن تعرّض للإهانة بلا شك على يد السعوديين، لعلّه سيكون في مكانة رفيعة لن ينساها التاريخ، لو وقف إلى جانب مصلحة بلاده كُليّاً، فاحتفاظ المرء بإهانته لنفسه، لا يخدم الكرامة، وإن بقي على قيد الحياة!