يتهرب معظم قادة الأحزاب السياسية في العراق من الكشف عن ذممهم المالية، مستغلين في ذلك الثغرات الموجودة في القانون المنظم لعمل الأحزاب، والذي تم إقراره في العام 2015.
ويقول نشطاء عراقيون إن العديد من قادة الأحزاب يمتلكون إمبراطوريات مالية، لا يعرف مصادرها، وجزء كبير من هذه الأموال مودعة في بنوك ومصارف بالخارج.
ويلفت النشطاء إلى أن جزءا من هذه الأموال يظهر مع موسم الانتخابات، حيث يجري توظيفها في التأثير على العملية الانتخابية، عن طريق شراء الأصوات أو السيطرة على الدعاية الإعلامية.
ويشير هؤلاء إلى أن قادة الأحزاب يستغلون غياب التشريعات من أجل التنصل من أي التزامات بالكشف عن مصادرهم المالية، خشية الوقوع تحت طائلة القانون لارتكاب مخالفات اقتصادية.
وطالبت هيئة النزاهة الاتحاديّة، الجمعة، الجهات المختصّة بتزويدها بأسماء المشمولين بالإفصاح عن ذممهم الماليّة، فيما وصفت استجابة رؤساء الأحزاب وأعضاء الهيئات المؤسّسة لها لواجب الإفصاح عن الذمة المالية بـ”المتدنّية جدا”.
هيئة النزاهة تصف استجابة رؤساء الأحزاب وأعضاء الهيئات المؤسّسة لها لواجب الإفصاح عن الذمة المالية بـ”المتدنّية جدا”
وهيئة النزاهة الاتحادية هي مؤسسة مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب، وتتركز مهامها على مكافحة الفساد، سواء منع وقوعه، أو تعقب المتهمين به والقبض عليهم بالتنسيق مع الجهات الأمنية الأخرى.
وسبق وأن أصدرت الهيئة في العام 2016 قرارا بشمول كلّ من رؤساء الأحزاب السياسيّة وأعضاء الهيئات المؤسسة لها بواجب الإفصاح عن ذممهم الماليّة، عملا بأحكام المادّة (17 / البند الثاني عشر) من قانونها رقم 30 لسنة 2011، التي نصّت “على شمول كلّ من ترى الهيئة ضرورة بالكشف عن ذممهم المالية”.
وبدت خطوة هيئة النزاهة محاولة من قبلها لتدارك الفراغ التشريعي في ما يتعلق بهذه المسألة، حيث إن القانون المنظم للأحزاب في العراق تجاهلها، كما تجاهل الإشارة إلى العديد من المسائل الأخرى بينها الحركة التجارية للأحزاب.
وقالت الهيئة في بيان إنها “فاتحت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات للتنسيق معها، بغية تزويد الهيئة بقائمة تتضمّن أسماء المشمولين من رؤساء الأحزاب وأعضاء الهيئات المؤسّسة بعدها الجهة المعنية بمتابعة منح إجازة التأسيس للأحزاب السياسيّة، لتحديث قاعدة بياناتها الخاصّة بهم”.
وشددت الهيئة على “إشعار المكلّفين؛ لغرض ملء استمارة كشف الذمة الماليّة”، لافتة إلى أنّ “استجابة رؤساء الأحزاب وأعـضاء الهيئات المؤسّسة للأحزاب متدنّية جدا، مقارنة ببقية الجهات المشمولة بتقديم استمارة الكشف”.
مراقبون يستبعدون أن تلقى تحركات هيئة النزاهة استجابة، لاسيما من قبل الأحزاب المتسيدة للمشهد العراقي
وقالت إنها “تواصلت مع دائرة المنظمات غير الحكوميَّة في الأمانة العامَّة لمجلس الوزراء من أجل التنسيق معهم، لغرض ملء استمارة كشف الذمة الماليَّة لرؤساء المُنظَّمات”، مشيرة إلى “طلبها لقائمة تتضمَّن أسماء جميع المُنظَّمات ورؤسائها”، مشدِّدة على “أهميَّة إشعار رؤساء المُنظَّمات بالاستجابة لواجب الإفصاح عن ذممهم الماليَّة”.
ولفتت إلى أنّ اتخاذها هذه الإجراءات جاء تزامنا مع التحضيرات لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، واستنادا إلى المادة (16 / أولا – ت، وثالثا) من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم (30 لسنة 2011) المُعدَّل، التي أوجبت على رؤساء الجمعيات والاتحادات والنقابات والمنظمات ومؤسّسي ورؤساء الأحزاب السياسيّة الكشف عن ذممهم الماليَّة.
ومنحت الهيئة “صلاحية تكليف أي تنظيم سياسي أو منظمة غير حكومية أو اتحاد أو نقابة أو جمعيّة لإثبات مشروعية مصادر التمويل والتبرّع وأوجه الإنفاق وفقا للقواعد المتبعة في الصرف”.
ويستبعد مراقبون أن تلقى تحركات هيئة النزاهة استجابة، لاسيما من قبل الأحزاب المتسيدة للمشهد العراقي، مشيرين إلى أن هذه الأحزاب تمتلك أكثر من طريقة للالتفاف على مطالب الهيئة، من بينها تقديم وثائق مفبركة، حيث سبق وأن حصل ذلك.
وتستعد الأحزاب العراقية لانتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل، ويتوقع أن تنزل هذه الأحزاب بثقلها المالي في هذا الاستحقاق الذي يكتسي أهمية كبرى باعتباره المدخل للسيطرة على الحكومات المحلية، وفقاً لصحيفة العرب.