المصدر: النهار العربي بغداد–محمد الجبوري
من تظاهرات أنصار مقتدى الصدر احتجاجاً على حرق القرآن. (أ ف ب)
A+A-شهد العراق خلال اليومين الماضيين تراشقاً إعلامياً بين عدد من مدوّني التيار الصدري مع نظرائهم من الإطار التنسيقي، ما أثار تساؤلات عن خلفية هذه التجاذبات في هذه الفترة.
بدأ التراشق بعد تغريدة حساب “وزير القائد” المعبّر عن آراء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والتي انتقد فيها ما سمّاها “القنوات الميليشيوية والحكومية، ولا سيما الشيعية”، لتغاضيها عن مساندة الاحتجاجات المنددة بحرق المصحف في السويد، والتي شهدتها معظم مناطق البلاد. ساحات “السوشال ميديا”وقال وزير القائد في مدوّنة نشرها في “فايسبوك” إن “قنوات دولية تنشر وتبث أخبار تظاهرات العراقيين الذين تظاهروا من أجل القرآن ومن أجل وقف الفاحشة لا لمطالب سياسية أو دنيوية أو حتى خدمية أو من أجل فساد حكومي، وأما القنوات الميليشوية والحكومية، ولا سيما الشيعية منها، فقد غضّت بصرها عنها”، مضيفاً: “ألا فتعساً لتلك القنوات التي تغض بصرها عن نصرة الدين”. وكتب: “لو أن أسيادها (تلك القنوات) تظاهروا أو أغلقوا سفارة السويد في بلدانهم لغطّوها إعلامياً وبكثافة”، مستدركاً بالقول: “لكنّ للحق رجالاً وللحق قنوات وأنتم لستم منها في شيء، فتعساً لكم وأضلّ أعمالكم، وذلك لأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم، فتباً للّات والعزى ومناة الثالثة، ودمّر الله أمثالها”.
وأثارت تغريدة وزير الصدر الأوساط الإعلامية للإطار التنسيقي الشيعي، فأطلقت المنصة المقربة من حركة “عصائب أهل الحق” “شعجب نيوز” هاشتاغ “عرجكم بعثي مو بيدكم” ووسومات أخرى انتقدت فيها وزير الصدر.
وكتب المدون أحمد الذواق المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي: “اللهم احشرني مع مدير قناة العهد سند الشيعة الصدري الشجاع المقاوم ومدير قناة الرابعة ومدير قناة الاتجاه ومدير قناة اي نيوز ومدير قناة النجباء… اللهم أما (أولئك) فاحشرهم مع البزاز مدير قناة الشرقية كما يحبون”، قاصداً رجل الأعمال سعد البزاز. وقال مدون تابع للتيار الصدري – طلب عدم الكشف عن اسمه – لـ”النهار العربي” إن “مدوني الإطار التنسيقي وقنواتهم الإعلامية أدوات عند جهات سياسية، وبما أن قادتهم أخذوا ينتهجون سياسة التناغم مع السفيرة الأميركية لأجل إدامة عمر حكومة محمد شياع السوداني التي يدعمها الإطار، فهم الآن يقفون بالضد من أي تحرك أو دعوة يطلقها القائد مقتدى الصدر، وبخاصة الدعوات الدينية كالتظاهرات المنددة بحرق القرآن”.
وأضاف أنه “بالحقيقة إن قادة الإطار التنسيقي وحتى مدونيهم الآن هم في حالة سبات، لا يهمهم المذهب بحجم ما تهمهم كيفية الحفاظ على مصالحهم وإدامتها، وهنا أقول إن ما حصل بغضٌ بالتيار الصدري، لأن الخلاف قديم معهم ولا يزال”.
وكتب المدون المقرب من الإطار التنسيقي أحمد عبد السادة: “لا أثق بدوافع مقتدى الصدر حتى لو كانت مواقفه صحيحة كموقفه من حرق القرآن وظاهرة المثليين، لأن الحوادث والتجارب السابقة علمتنا أن مقتدى حين يتبنى موقفاً ما، فإنه يسعى من خلاله لتحقيق هدف لا علاقة له بالموقف الذي تبناه، ولهذا أفسر دعوته إلى تظاهر أتباعه بالآتي: أولاً: وجد مقتدى في الفعل المشين المتمثل بحرق القرآن فرصة للعودة إلى الواجهة ودائرة الضوء بعد انزوائه وانكفائه في أعقاب فشل انقلابه العسكري أمام بوابات المنطقة الخضراء. وثانياً: أراد مقتدى أن يختبر مدى استجابة أتباعه له، وأن يعرف حجم الجماهير التي يستطيع تحشيدها بعد نكبة الخضراء وصدمة الانكسار والاندحار”. وأضاف “أوصل مقتدى رسالة إلى الإطار الشيعي مفادها أنه لم يستسلم وما زال قادراً على تحريك الشارع وركوب الأمواج وإرباك الوضع، وأن اقتحام أتباعه السفارة السويدية قد يكون مقدمة و”بروفة” لاقتحام الخضراء مجدداً”. ومساء أمس غرّد “وزير القائد” مجدداً محيياً “المؤمنين الذين انتفضوا في المحافظات من أجل قرآنهم”. توتّر مستمروتشوب العلاقة بين الإطار التنسيقي الذي يضم قوى سياسية مقربة من إيران والتيار الصدري، خلافات قديمة تصاعدت حدّتها بعدما رفع الصدر مطالبه بالتغيير الكامل نتيجة فوزه في الانتخابات التشريعية التي أجريت في 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2021 وحصل فيها على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية (73 مقعداً من أصل 329)، وتحالفه في ما بعد مع تحالف السيادة السني والحزب الديموقراطي الكردستاني، لكن لم يفلح التحالف الثلاثي في تشكيل الحكومة نتيجة الضغوط التي مارسها تحالف الإطار التنسيقي الخاسر في الانتخابات الماضية. وفي مطلع أيلول (سبتمبر) 2022، شهدت المنطقة الخضراء الحكومية، اشتباكات مسلحة عنيفة بين جماهير التيار الصدري وعناصر تابعة للميليشيات أدت إلى مقتل أكثر 30 شخصاً وإصابة أكثر من 700 شخص.