المصدر: دمشق – النهار العربي
قوات أميركية في سوريا.
–وسط تصاعد حدّة الاتهامات المتبادلة بين القوات الروسية والأميركية في سوريا بشأن الاستفزازات العسكرية، وخرق بنود تفاهم منع التصادم الموقّع بين الجانبين منذ عام 2015، أعلن كلٌّ منهما عن القيام بمناورات وتدريبات عسكرية مع حلفائه في المنطقة، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة عن خلفيات هذه التحرّكات ودلالاتها في هذا التوقيت، وما إذا كان ذلك يعزّز احتمالات الاحتكاك بين الأميركيين والروس في سوريا، أو أنّ الأمر لا يتعدّى مجرد استعراض للقوة تجنّباً للانزلاق نحو مواجهة ليست مرغوبة من الطرفين. تدريبات “التحالف” لم تكد تنتهي المناورات التي قامت بها القوات الأميركية مع مقاتلي “جيش سوريا الحرّة” في قاعدة التنف على مثلث الحدود بين سوريا والأردن والعراق، حتى أعلنت قوة المهام المشتركة الأميركية في سوريا عن البدء بمناورات عسكرية مشتركة مع “شركائها المحليين” شمال شرق سوريا، والمقصود “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد). ووفق بيان المهام المشتركة الثلثاء، فإنّ أفراداً من القوات العاملة لدى التحالف الدولي (تقوده واشنطن)، بدأوا، في الأول من تموز (يوليو) الجاري، تدريبات جوية في محافظتي الحسكة ودير الزور أو بالقرب منهما “للتحقّق من أنظمة الأسلحة والحفاظ على كفاءة الطاقم واستعداده”. وأضاف البيان أنّ هذه التدريبات تضمن استمرار قدرة التحالف على دعم القوات المحلية “الشريكة لها”، وحماية أعضاء التحالف في المنطقة، لافتاً إلى أنّ قوة المهام المشتركة أجرت تخطيطاً شاملاً وتدابير سلامة مناسبة قبل التدريبات وأثناءها على إطلاق النار الحي، من أجل حماية التحالف والسكان المحليين. وتُعتبر “قوات سوريا الديموقراطية” المدعومة أميركياً صاحبة النفوذ في محافظة الحسكة وجزء من ريف دير الزور الشمالي والشرقي، وتشير الولايات المتحدة إلى “قسد” بوصف “القوات الشريكة” في المنطقة. مناورات وتدريبات في قاعدة التنفالإعلان عن بدء المناورات العسكرية بالذخيرة الحيّة في الحسكة ودير الزور، سبقه بساعات الإعلان عن انتهاء مناورات أخرى أجرتها قوات التحالف الدولي في قاعدة “التنف” العسكرية شرقي محافظة حمص.وقال المكتب الإعلامي لـ”جيش سوريا الحرة” في تصريحات صحافية، إنّ الفصيل أنهى الثلثاء الماضي، مناورات عسكرية ضمن المنطقة المعروفة باسم “منطقة 55 كيلومتراً” الممتدة حتى منطقة البادية شرقي حمص. وأضاف المكتب الإعلامي أنّ المناورات استمرت لأيام عدة، وشملت جميع أنحاء المنطقة التي ينتشر فيها الفصيل المعارض المدعوم أميركياً، واستُخدمت فيها الذخيرة الحيّة والمهام الاستطلاعية والدفاعية.وهدفت المناورات العسكرية في منطقة التنف إلى إظهار قدرة قوات التحالف و”جيش سوريا الحرّة” المشتركة على الدفاع عن المنطقة وحماية المدنيين فيها، بحسب المكتب الإعلامي. مناورات روسيا وحلفائهافي المقابل، أعلن رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا الأدميرال أوليغ غورينوف، مساء الثلثاء الماضي، إجراء مناورات عسكرية مشتركة للقوات الجوية وقوات الدفاع الجوي الروسية والسورية.وقال إنّ الإجراءات التدريبية ستبدأ في سوريا اليوم الأربعاء وتستمر 6 أيام.
وستشمل الإجراءات المشتركة سلاح الجو وقوات ووسائل الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية في صدّ الهجمات الجوية، وفقاً لغورينوف. وكانت قناة “samsyria” على “تلغرام” قد أعلنت، في وقت سابق، عن مناورة جوية مشتركة للقوات الجوية السورية والقوات الجوية الروسية، ستبدأ في غضون أيام قليلة، وتتزامن مع “استفزازات” يقوم بها سلاح الجو الأميركي، وبعد هجوم إسرائيلي على سوريا استهدف قاعدة دفاع جوي شرق طرطوس، وتسبب بإصابات بين الخبراء والمتخصّصين الروس. ويُعرف عن هذه القناة أنّها متخصّصة في متابعة أنشطة سلاح الجو للأطراف الفاعلة في سوريا، بما فيها روسيا وإسرائيل وأميركا، وطالما تنبأت بوقوع الغارات الإسرائيلية قبيل ساعات من حدوثها. سبق كل ذلك حملات إعلامية متبادلة قادتها كل من واشنطن وموسكو بشأن نشاط قوات كلٍّ منهما في سوريا، واتهم كل طرف الآخر بانتهاك التفاهمات الثنائية القائمة بينهما، لاسيما في ما يتعلق بتفاهم منع التصادم بين قوات الجانبين. اتهامات روسية للقوات الأميركيةواتهم جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، الأثنين، القوات الأميركية بالاستعداد لتنفيذ “عملية استفزاز باستخدام المواد الكيميائية السامة”، بهدف تعطيل عملية التطبيع العربي مع دمشق. وأضاف الجهاز في بيان نشرته وكالة “سبوتنيك” الروسية، أنّ نائب قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي جيمس ميلوي، يقود أنشطة “داعش” الإرهابية في جنوب سوريا. وقبل ذلك بيومين، تحدث مركز المصالحة الروسي عن انتهاك التحالف الدولي لمذكرة السلامة الجوية في سوريا، حيث اتهم نائب رئيس المركز أوليغ غورينوف قوات التحالف بانتهاك مذكرة السلامة الجوية 315 مرّة في سوريا خلال حزيران (يونيو) 2023. وكان قائد القوات المركزية الجوية في الجيش الأميركي أليكسوس غرينكيفيتش قد اتهم في أواخر حزيران (يونيو) الماضي موسكو، بتشجيع الطيارين الروس على اتخاذ إجراءات من شأنها أن تزيد مخاطر الحوادث والصراع مع القوات الأميركية في سوريا. واللافت أنّ هذه التطورات تزامنت مع تسريب معلومات عن مخطط أميركي جديد في الشرق السوري، حيث أكّدت دراسة أعدّها مركز “كاندال” أنّ “ملامح المشروع الأميركي الجديد القديم (المشروع طُرح عام 2020 أول مرّة) هو تشكيل قوّة عشائرية عربيّة سنيّة من التشكيلات العربيّة المكوّنة مع “قسد” وإضافة تشكيلات عشائرية جديدة، والقيام بربط وتنسيق عالٍ مع قاعدة التنف ثمّ البدء بعملية عسكريّة تضبط الحدود العراقية – السورية تنطلق من بادية البوكمال والسيطرة على مدينة البوكمال الحدودية حتى قاعدة التنف”. ويتمثّل الهدف الأول للمشروع بقطع الشريان البرّي بين طهران وبيروت، عبر السيطرة على الحدود العراقية – السورية، ثمّ يأتي بعد ذلك ربط قاعدة التنف مع القوّات الحليفة لأميركا، والتي ستتشكّل من العشائر العربية، وهذا يشكّل عامل ضغط على “قسد” التي ترفض التوسعة في العمل العسكري ضدّ الميليشيات الإيرانية والنظام، بسبب هيمنة جناح موالٍ لإيران داخل قيادة “قسد” كما ذُكر سابقاً. بعد ذلك سيتمّ توسعة المشروع حتى يشمل خط الطبقة – السخنة، إذ إنّ روسيا بعد علمها بجديّة أميركا بهذا المشروع، طلبت عدم الاقتراب من منطقة تدمر إلى الداخل السوري، لأنّها منطقة نفوذ روسية بحتة، وفق الدراسة ذاتها.