واشنطن تؤيد صفقة العراق مع «توتال إنرجيز» للطاقة

1

غداة توقيع اتفاق مبادلة النفط مقابل الغاز مع إيران

صورة نشرها مكتب رئيس الوزراء العراقي في «تويتر» لمدير مكتبه إحسان ياسين العوادي والسفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق بعد توقعيهما الاتفاق

صورة نشرها مكتب رئيس الوزراء العراقي في «تويتر» لمدير مكتبه إحسان ياسين العوادي والسفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق بعد توقعيهما الاتفاق

  • حمزة مصطفى

وصفت وزارة وزارة الخارجية الأميركية الصفقة التي أبرمتها الحكومة العراقية مع شركة «توتال إنرجيز» بأنها «خطوة عملاقة» نحو استقلال الطاقة وتعزيز أمانها في البلاد.

يأتي ذلك بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في كلمة متلفزة مساء الثلاثاء، عن الاتفاق مع إيران على تزويدها بالنفط الأسود مقابل استمرار توريد الغاز منها لتشغيل محطات توليد الكهرباء.

وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في بيان الأربعاء: «نؤيد جهود العراق في تحقيق استقلالية الطاقة وتحسين تقديم الخدمات». وأضاف أن «صفقة الطاقة العراقية مع شركة (توتال إنرجيز) تُعدّ خطوة عملاقة نحو تعزيز أمان الطاقة في العراق وتوفير فرص اقتصادية لجميع العراقيين».hx

وكانت وزارة النفط العراقية وقّعت مع شركة «توتال» مؤخراً عقداً بقيمة 27 مليار دولار. وطبقاً لمصدر عراقي أبلغ «الشرق الأوسط»، فإن «الصفقة مع (توتال) تشمل الكثير من المشروعات، منها تطوير حقل أرطاوي النفطي وزيادة الإنتاج فيه إلى أكثر من 210 آلاف برميل يومياً، وهو حقل ينتج نفطاً خاصاً خفيفاً بدرجة تزيد على 40 درجة، ويُعدّ من الوقود الممتاز في المنطقة». وأضاف: «تشمل الصفقة أيضاً مشروع تجميع الغاز من حقل مجنون وغرب القرنة / 2 والحقول الأخرى، واستثمار الغاز المصاحب بطاقة 600 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، ويُقسّم مرحلتين، لكلِّ مرحلة 300 مقمق»، مبيناً أن «المشروع الثالث، وهو مشروع (ماء البحر) باستخدام البحر لأغراض الدعم المكمني، وهو من المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية الكبيرة، ويهدف إلى توفير مياه البحر لدعم الضغط المكمني في الحقول النفطية المختلفة».

وأوضح أن «المشروع الرابع هو مشروع إنشاء محطة توليد كهربائية بطاقة 1000 ميغاواط، تستخدم الطاقة الشمسية تماشياً مع ممارسات الصناعة النفطية باستخدام الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الغازية، ويُعد أحد أكبر مشروعات توحيد الطاقة في المنطقة والبداية الحقيقية لاستثمار الطاقة المتجددة في العراق». وبينما أكد أن «الخطوات العملية سوف تبدأ على أرض الواقع وستُباشر الفرق الفنية عملها في مواقعها خلال أيام كإنشاء البنى التحتية، وبحسب الدراسات، ستُجنى ثمار هذه المشروعات بعد 3 سنوات»، أشار إلى أن «توقيع هذه العقود وجولة التراخيص الخامسة يندرجان ضمن الرؤية الاستراتيجية لاستثمار الغاز الذي تأخّر العراق بالشروع في استثماره وتعزيز قدرة البلاد على إنتاج الطاقة الكهربائية».

مفاجأة السوداني

وفي خطوة بدت مفاجئة، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع عن التوصل إلى اتفاق مع إيران لحل أزمة الكهرباء من خلال مقايضة الغاز بالنفط الأسود.

وبينما بدا هذا الحل من وجهة نظر بعض المراقبين خطوة مهمة على صعيد التخلص من قبضة الضغوط الأميركية بشأن العقوبات المفروضة على إيران والتي تحول دون تحويل الأموال إلى إيران لسداد الديون المترتبة بذمة العراق لها، فإن مراقبين آخرين رأوا أنها تمثل التفافاً على تلك العقوبات، محذرين من ردة فعل واشنطن.

وكان السوداني أكد في كلمته المتلفزة: «توقعنا حصول أزمة في الكهرباء، وقد شخّصنا الأسباب منذ بدء عمل الحكومة الحالية، لكن الحلول المتوسطة المدى ستنهي أزمتي الكهرباء واستيراد الغاز». وأشار إلى أن «عقود استثمار الغاز ستوفر 600 مليون متر مكعب قياسي للعراق لتغذية محطات توليد الطاقة الكهربائية». وأضاف: «في الأول من شهر تموز (يوليو) كان التجهيز طبيعياً وتمكنا من تأمين التيار الكهربائي من 16 إلى 18 ساعة يومياً، لكن وفي اليوم نفسه تم إيقاف توريد الغاز الإيراني للعراق؛ ما أدى إلى تراجع التجهيز بسبب الإجراءات الأميركية». وبيّن السوداني أن «إجراءات الخزانة الأميركية معقدة واستطعنا تحويل مليار و815 مليون يورو إلى إيران»، مضيفاً: «لم نتمكن من الحصول على موافقة أميركية من اجل تحويل أموال إيران».

جدل الصفقة

إلى ذلك، ومع بدء الجدل حول هذه الصفقة وما إذا كان هذا الاتفاق يحتاج إلى موافقة البرلمان، أكد الخبير القانوني علي التميمي في تصريحات له أن «القانون المدني يحمل في طياته مواد ما تسمى بالمقايضة العينية، والتي نُص عليها بالمواد 597، 598، 599، 600»، لافتاً إلى أن «المقايضة جائزة في العقود سواء كانت داخلية أو خارجية، والتي تعني أن يكون هناك تبادل لشيء بشيء أخر دون دفع للأموال».h

وأضاف، أن «هذا الأمر كان شائعاً في العراق سابقاً، وكذلك اعتمدت الأمم المتحدة مقايضة النفط مقابل الغذاء بقرار لمجلس الأمن الدولي»، عادّها «فكرة إيجابية جداً تُحسب لرئيس الوزراء، محمد شياع السوداني (ضربة معلم)».

وأوضح الخبير القانوني أن «الحكومة ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد، مثل العقوبات المفروضة على إيران من قِبل الولايات المتحدة، حيث تمنع الخزانة الأميركية التصدير والاستيراد أو التعامل بالدولار»، مبيناً أن «التبادل ألغى هذه المسألة، والتُف عليها بطريقة ذكية وتخدم الشعب العراقي». وبشأن حقيقة ضرورة مصادقة مجلس النواب على الاتفاق، بيّن التميمي، أن «توقيع مذكرة تفاهم بين العراق وإيران لا تحتاج إلى مصادقة البرلمان، إنما تتعلق فقط باتفاق الوزارتين ونافذة مباشرة عند التوقيع عليها».

اقرأ أيضاً

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)

العراق لمقايضة وارداته من الغاز الإيراني بالنفط

محطة كهرباء عراقية (مواقع التواصل)

طهران تنجح في تحميل واشنطن مسؤولية تدهور الكهرباء في العراق

 على صعيد متصل، حذّر النائب السابق مثال الآلوسي من خطورة «التفاف» الحكومة العراقية على العقوبات الأميركية الموجّهة ضد إيران. وقال الآلوسي في بيان: إن «قضية اتفاق المقاصة للنفط العراقي مقابل الغاز الإيراني، ربما فيه نوع من الالتفاف على العقوبات الأميركية الموجّهة ضد الجمهورية الإيرانية»، محذراً أن «هذا الأمر قد تكون له تداعيات اقتصادية خطيرة».

وأضاف أن «الحكومة العراقية مطالَبة بالحذر بالتعامل مع القضايا التجارية مع إيران، لوجود فيتو أميركي»، لافتاً إلى أن «أي تعدٍ لهذا الفيتو يعدّ انتهاكاً للعقوبات الأميركية على إيران». وأوضح أن «الالتفاف على العقوبات الأميركية الموجّهة ضد الجمهورية الإيرانية من قِبل الحكومة العراقية، ربما يدفع واشنطن إلى شمول العراق ببعض العقوبات التجارية والمالية»، قائلاً: «يجب تقديم مصلحة العراق والعراقيين على مصلحة إيران الاقتصادية، التي محاصرة اقتصادياً بشكل كبير من خلال العقوبات الأميركية».

التعليقات معطلة.