مقالات

( مسك العصى من المنتصف سياسة لم تعد مقبولة )

حسن فليح / محلل سياسي

على المنظومة السياسية ان تحسم خياراتها حيث لاوجود لمساحة وسطية تسمح للعب مجددا بعد الان ، مسك العصى من المنتصف سياسة تسابق عليها جميع روؤساء الوزارات للحكومات التي تشكلت بعد الاحتلال والى يومنا هذا ، علما ان تلك السياسة اثبتت فشلها واضعفت العراق اقليميا ودوليا وكسرت هيبته ولم تجلب للعراقيين غير اليأس والخذلان طيلة العشرين عاما الماضية ، ولن تضع حدا لخروج العراق من تلك السياسة وويلاتها ، والتي باتت مرفوضة من طرفي الصراع ولاعبين الاساسين إنفسهم قبل المكلفين دستوريا بحماية العراق والمسؤولين عن ادارتة ، وحقيقة الامر ان الاهثين خلف سياسة مسك العصى من المنتصف كانو ولازالو بلا موقف واضح وبلا مشروع وطني حقيقي يكسبهم ود الشعب لكي يلتف حولهم في وقت الملمات ، الامر الذي أفقدهم صوابية الاختيار وادخلهم في خطاء النهج والممارسة ومرحلة نهاية مستقبلهم السياسي ، وأمر طبيعي من لم يكن له موقف ازاء القضايا المصيرية والوطنية التي تمس البلاد والعباد فمن المؤكد سيكون اداة طيعة ورخيصة لهذا الطرف الدولي او ذاك ، يُنقل عن رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة ، مارغريت ثاتشر ، حينما طُلب منها أن تتخذ موقفا وسطيا في قضية مهمة: حيث قالت ( الوقوف في منتصف الطريق يعرضك للخطر ، وسوف تدهسُك العربات السائرة في كلا الاتجاهين) حقا انه قول حكيم ، عشرون عاما مضت ولم تحقق القوى السياسية اجماعا وطنيا ولو بالحد الادنى من الثوابت الوطنية لتجعل العراق على جادة الصواب وينهي سياسة مسك العصى من الوسط بالتعامل المخزي بين الاحتلالين الامريكي من جهة والايراني من جهة اخرى التي اتعبت الشعب والبلاد ، في حين ان العراق يمتلك كل مقومات الحضور الدولي الفاعل امام تلك القوتين لجعل الطرفين امام احترام ارادة الشعب العراقي وخياره الوطني وفرض سياسة احترام جميع المصالح المشتركة مع الدول على قدر احترام تلك الدول لمصالح العراق وتفعيل سياسة الرد بالمثل استنادا الى الشعب وقواه الوطنية وتاريخة العريق وحضارته العظيمة ومايمتلكة من ثروات وموقع جغرافي مهم ، ان الذين يمسكون العصى من المنتصف هم الانتهازين الذين لاموقف لهم ولن يحضون بالاحترام لا من قبل الجهات والدول الضاغطة والمتصارعة على بلادهم مهما بلغ حجم الولاء ونوع العمالة لهم ، ولا من قبل شعبهم ، وهذا الذي يحصل بالعراق الان ، حيث ان تلك السياسة لامبرر لها ولايوجد تفسير مقنع غير الضعف والانبطاح للغير وتسليم مقدرات البلاد للنهب والاستحواذ ومصادرة سيادته وقراره الوطني ، تشير التحركات السياسية والعسكرية لكلا الارادتين الايرانية والامريكية الان ان كلاهما لن يسمحو بعد الان باستمرار سياسة مسك العصى من المنتصف ويتحركون لحسم الموقف بالعراق كلا على طريقته لكسب المعركة لصالحه ، خاصةً بعد فشل الاتفاق والمباحثات السرية بين الامريكان والايرانيين في عُمان وقطر ، وهذا ماصرحت به صحيفة الفانيلشن تايمز صباح يوم الاربعاء المصادف 16 / 8 ، وهذا يعني لامجال لتلك السياسة ان تستمر لان المرحلة القادمة على المحك وعلى الحكومة العراقية ان تحسم امرها اما مع هذا الطرف او ذاك ، ولم تعد تلك السياسة مرحبا بها من طرفي النزاع بعد الان ، في حين ان القوى السياسية فقدت ثقة الشعب تماما بها ، وهو العامل الاهم والاقوى من جميع القوى المتصارعة على بلادنا واكثرهم فاعلية على الارض في مثل تلك الظروف ، ايران من جهتها تمتلك التفاصيل في ضبط ايقاعات الموقف السياسي للحكومة العراقية وتمتلك اجنحة مسلحة داخل العراق وحكومة وبرلمان موالي لها وهذا هو سر قوتها وورقتها بالصراع الدائر في الساحة العراقية والاقليمية ، في حين تمتلك الولايات المتحدة الشرعية في تعديل المسار السياسي او تغيير نظام الحكم على اعتبار هي الراعية للعملية السياسية والنظام السياسي الذي اقامته بعد الاحتلال وكذلك تمتلك قوة ردع جبارة وتؤمن ان العراق ودول الخليج جزءاً من امنها القومي والمصدر الحيوي للطاقة ، وان سياسة التوظيف والاحتواء مع ايران يجب مغادرتها وانتفاء الحاجة لها وحان وقت الحسم ، لاجل ذلك جائت بأرتالها وحشودها لتصلح وتعزز مكانتها بالشرق الاوسط وتريده لوحدها ولاشريك اقليمي لها ، المصيبة ماذا تمتلك القوى السياسية والحكومة ازاء هكذا امر وهكذا موقف خاصةً بعد فقدانها لثقة الشعب وعدم اكتراثة لمصيرها علما ان عجلة الصراع ستسحق من يقف ضدها عميلاً كان ام موالياً ، شعبنا
الان ينظر ويعي بواقعية وطنية لطبقة سياسية زجته في خضم صراع لاناقة له ولاجمل وعليه ان يتحمل مرة اخرى مزيدا من الدم ومزيدا من هدر ثرواته ويتحمل نتائج هذا الصراع على ارضة وتبعاته ، بسبب طبقة سياسية انحرفت عن خطها الوطني واعطت ولائها للخارج على حساب العراق ومصالحة الوطنية ، وغير مبالية بمعانات الناس وهمومهم ، مرة اخرى سيدفع الشعب ثمن غباء وحماقات وتخلف حكوماتة وقواه السياسية وضعف ادواته في فرض خياراته .

admin