مفاهيم مناخية.. ما هي الزراعة الكهروضوئية؟

1

بينما يستعد زعماء العالم للاجتماع في مؤتمر COP28 وسط أزمة الطاقة، فإن تغير المناخ والطاقة المتجددة يتم التركيز عليهما بشكل حاد.

وفي الوقت نفسه، ستكون هناك حاجة إلى زيادة القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ عبر النظم الغذائية المستدامة لمواجهة أزمات ارتفاع الجوع وسوء التغذية. وبالتالي، يمكن أن تكون الزراعة الكهروضوئية حلًا واعدًا لمواجهة تلك الأزمات.

ما هي الزراعة الكهروضوئية؟

جاءت الزراعة الكهروضوئية Agrivoltaics كحلًا فعّالًا ومبتكرًا لزراعة المحاصيل تحت الألواح الشمسية، مع تعزيز التنمية الريفية المستدامة وحماية التنوع البيولوجي والنظام البيئي. حيث إن النظام الشمسي الكهروضوئي يحتاج إلى مساحة أرض واسعة تتناسب مع عدد الألواح ولكن هذه المساحات قد تكون على حساب الأراضي الزراعية. وبالتالي كان لا بد من تطوير فكرة الزراعة الكهروضوئية للمحافظة على الأراضي الزراعية والاستفادة منها في الوقت نفسه في مجال الطاقة الشمسية.

ومن ثمَّ، تصف كلمة agrivoltaics استخدام الأرض لإنتاج الطاقة الكهروضوئية من خلال تركيب الألواح الشمسية وأيضًا لتنفيذ الأنشطة الرعوية وزراعة المحاصيل. والذي يعُّد أحد الأهداف الرئيسة لما يسمى بالصفقة الأوروبية الخضراء، التي تحدد سلسلة من التدابير التي تهدف إلى تعزيز إزالة الكربون من القطاع والتي تلعب فيها الخلايا الكهروضوئية دورًا أساسيًا.

أنواع الزراعة الكهروضوئية:

هناك ثلاثة أنواع من الزراعة الكهروضوئية والتي تتمثل فيما يلي:

1- الزراعة المثبتة على الأرض

عندما يتعلق الأمر بتنفيذ الخلايا الكهروضوئية، فإن تركيب الألواح الكهروضوئية المثبتة على الأرض هو الخيار الأكثر شيوعًا للمشروعات واسعة النطاق (5 ميغاواط). ويؤدي هذا النوع من الخلايا الزراعية إلى زيادة رفاهية الحيوانات بسبب سهولة الوصول إلى الظل، كما يمكن زراعة النباتات الدائمة والمراعي بين وأسفل الألواح الشمسية للرعي.

 كما تعتبر هياكل تتبع الطاقة الشمسية هي الأكثر ملاءمة لأنها توفر فرصًا إضافية من خلال الاستفادة المثلى من الشمس والظل للمحاصيل الأساسية، وتحقيق التوازن في الإنتاج الزراعي وإنتاج الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا النوع من الزراعة الكهروضوئية، يسمح بحماية المحاصيل من التأثيرات الجوية القاسية.

2- الزراعة بواسطة الألواح الكهروضوئية المرتفعة

 يتم تعريف هذا النوع من تنفيذ الألواح الكهروضوئية بحقيقة أن الألواح الكهروضوئية أعلى من المعتاد باستخدام هياكل خاصة. مما يجعل المسافة إلى الأرض أكبر (من 2.5 م إلى 5 م بشكل عام) حسب أهداف المشروع واحتياجاته. وهذا يجعل من الممكن تعزيز المحاصيل والمحاصيل الأكبر، مثل أشجار الفاكهة أو كروم العنب.

وبفضل المساحة المتبقية بين الألواح الكهروضوئية، يمكن للضوء أن يخترق المحاصيل والمزارع، مما يسمح بتنميتها بشكل سليم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعديل ارتفاع هذه الألواح وفقًا لاحتياجات المشروع، مما يسمح بمرور آلات الحصاد والأشخاص وما إلى ذلك.

3- الزراعة بواسطة البيوت/ الصوبات الزجاجية (الدفيئات الشمسية)

تعد البيوت الزجاجية الشمسية أو الكهروضوئية واحدة من أكثر النماذج التي تم تنفيذها على نطاق واسع في السنوات الأخيرة. والتي تتكون من دمج الألواح الكهروضوئية على سطح البيوت الزجاجية، مما يؤدي إلى توليد طاقة متجددة يمكن ضخها في الشبكة، للتخزين أو لاستهلاك واحتياجات الزراعة (الإضاءة، نظام الري، الخ) بطريقة مستدامة دون خفض إنتاجها. وتفيد التقارير أن الزراعة القائمة على الدفيئات الشمسية تنتج غذاءً أكثر بعشر مرات من الزراعة في الحقول المفتوحة، ولكنها قد تتطلب طاقة أكبر بعشر مرات.

مزايا الزراعة الكهروضوئية

يوفر التحول إلى مصادر توليد الطاقة النظيفة والاستخدام المستدام للأراضي، فرصة لتقليل آثار أزمة المناخ على الزراعة، وحماية التنوع البيولوجي. وهذا هو الحال بالنسبة للطاقة الكهروضوئية، التي تعتمد نهجا مبتكرا يمكّن من خلاله التعايش والتفاعل بطريقة متبادلة المنفعة، وبالتالي تعزيز الفرص الجديدة للمشاركة النشطة للسكان المحليين والشركات. ومما سبق، يمكن إجمال أهم المزايا جراء استخدام الطاقة الكهروضوئية في الزراعة فيما يلي:

– استهلاك أقل للمياه لأغراض الري بسبب الظل الجزئي الذي توفره الوحدات الكهروضوئية، حيث يؤدي الظل الذي توفره الألواح الشمسية إلى تقليل تبخر الماء وزيادة رطوبة التربة ويمكن أن يحقق توفيرًا يصل إلى 29%، وبالتالي فهو يساعد على الحفاظ على مستوى الماء الأمثل للنباتات.

– الحماية ضد درجات الحرارة المرتفعة والظروف الجوية القاسية؛ حيث عندما تصل النباتات إلى ما يسمى بنقطة تشبع الضوء، لم يعد الضوء مفيدًا للمحصول، مما يزيد الطلب على المياه ويحتمل أن يسبب أضرارًا ويعوق نمو المحاصيل، وبالتالي تساعد الألواح الشمسية في تحديد الكمية المثلى من ضوء الشمس.

– زيادة إنتاج الكهرباء وكفاءتها؛ حيث إن وجود المحاصيل تحت الألواح الشمسية يساعد على خفض درجة حرارتها، مما يزيد من إنتاجيتها بنسبة تصل إلى +10% .

– تحسين النظام البيئي؛ حيث يساهم تكامل الخلايا الكهروضوئية في التنمية المستدامة وحماية وتحسين التنوع البيولوجي والنظام البيئي من خلال حظر استخدام مبيدات الأعشاب واستخدام خلايا النحل وتربية الحيوانات داخل محيط الأرض وتركيب سياج محيطي بالنباتات.

– زيادة العائد من إنتاجية الأرض، حيث وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، تسهم الزراعة الكهروضوئية في مضاعفة استخدام الأراضي، ومن ثمَّ إطعام العدد المتزايد من سكان العالم مع توفير الطاقة المستدامة أيضًا.

– وبالنسبة للمزارعين، فهو مصدر دخل إضافي يمكّنهم من إعادة الاستثمار في أعمالهم وجعلها أكثر قدرة على المنافسة.

– خلق منافع القيمة المشتركة في جميع أنحاء المنطقة من خلال التعاون مع المهندسين الزراعيين والشركات الزراعية وأصحاب المصلحة داخل القطاع الزراعي.

نماذج استخدام الزراعة الكهروضوئية

قام الباحثون في كوريا الجنوبية بزراعة البروكلي تحت الألواح الكهروضوئية؛ حيث تم وضع الألواح على ارتفاع 2-3 أمتار عن الأرض وبزاوية 30 درجة، مما يوفر الظل ويوفر حماية للمحاصيل من الطقس.

وجدت دراسة أجريت على هذا المشروع أن جودة البروكلي لم تكن أقل من جودة البروكلي المزروع بالطريقة التقليدية. ولم يكن هناك أي تغيير كبير في مذاقه. واكتشف الباحثون من جامعة تشونام الوطنية أيضًا أن البروكلي المنتج كان ذا ظل أعمق من اللون الأخضر، مما يجعله أكثر جاذبية للعديد من المستهلكين.

وفي أماكن أخرى، تسمح الأنظمة الزراعية في شرق إفريقيا للمزارعين بالاستفادة بشكل أفضل من الأراضي التي كان يُنظر إليها في السابق على أنها غير قابلة للحياة. وفي ضوء ذلك، استخدمت كينيا نظم الزراعة الكهروضوئية من خلال تثبيت ألواح شمسية على ارتفاع عدة أمتار عن الأرض، مع وجود فجوات بينها؛ حيث إن الظل النابع من الألواح يحمي الخضروات من الإجهاد الحراري وفقدان الماء.

وقد أدى ذلك إلى تمكين المزارعين الريفيين من زراعة مجموعة أكبر من المحاصيل ذات القيمة الأعلى. ويذكر الباحثون -في هذا الصدّد- أن المشروع يحصد طاقة الشمس مرتين بشكل فعال.

ويجري تنفيذ مشروع تجريبي أيضًا في فرنسا، حيث تم وضع أكثر من خمسة آلاف لوح شمسي فوق مزرعة في بلدة أمانس شمال شرق البلاد. ومن المتوقع أن يتم توصيل الألواح بالشبكة، وإنتاج نحو 2.5 ميجاوات من الطاقة في أوقات الذروة.

كيف يمكن للزراعة الكهروضوئية أن تساعد في معالجة أزمة تغير المناخ؟

إن زيادة قدرة الطاقة الشمسية في العالم ستكون جزءًا كبيرًا من حل معادلة الاستدامة. وفي الوقت نفسه، تُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه من المتوقع زيادة عدد سكان العالم بما يقدر بنحو 2 مليار شخص في السنوات الثلاثين المقبلة، في ظل محدودية الأراضي التي أصبحت في أعلى مستوياتها. من هذا المنطلق، تعتبر الزراعة الكهروضوئية إحدى الطرق لاستخدام نفس مساحة الأرض لإنتاج المزيد من الغذاء مع طرح المزيد من مصادر الطاقة المتجددة.

التعليقات معطلة.