( ازمة المياه مع تركيا وايران وضعف المفاوض العراقي )

1

حسن فليح / محلل سياسي

مما لاشك فيه أن ضعف الاحزاب والحكومات المتعاقبة في ادارة الازمات ونعدام خبرتها وعلاقاتها الغير متكافئة مع دول الجوار ومعظمها أقامت علاقات تبعية مع هذا الطرف او ذاك على حساب المصالح العراقية الامر الذي أضعف موقفها التفاوضي اتجاه تلك الدول وخاصةً في ازمة المياه التي يعاني منها شعبنا كثيرا ، وبقت دون معالجة جدية لمدة عقدين من الزمن ، علما ان العراق يمتلك وسائل ضغط كبيرة سياسية واقتصادية وسنأتي على شرحها ، ذلك فضلا عن قانونية الحقوق المائية للعراق والتي تجيز له بتدويل الازمة حيث اشار القانون بعدم الجواز لدول المنبع بحجز المياه ، ان المنظومة السياسية الحالية لا تكترث للواقع الذي خلفته الازمة واثارها السلبية والمتفاقمة على شعبنا بقدر اهتمامها بأمور أخرى لزيادة إمكاناتها السياسية والمالية واستجداء الدعم السياسي الخارجي لمعالجة ازمتها الجماهيرية في الداخل ، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى كان لابعاد الخبراء في ملف المياه والمناخ من إدارة المؤسسات المتخصصة بعد عام 2003، وجلب شخصيات حزبية لا تفقه شيئاً وغير مختصة أسهم في اتساع رقعة الأزمة ، الامر الذي جعل الجارتين في وضع مرتاح وغير آبهتين بمعانات العراقيين من اثر شحة المياه ، علما سيأتي ملف المياه على رأس الملفات التي ينتظر العراقيون حسمها خلال الزيارة المرتقبة التي يجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى بغداد خلال ألايام المقبلة ، ولا نعلم عن مدى جدية واستعداد الحكومة في طرح القضية بعتبارها تمس العراقيين جميعا وتخص صميم حياتهم اليومية، يجب على المفاوض العراقي استحضار كل عوامل الضغط السياسي والاقتصادي من اجل انتزاع الحقوق المسلوبة من قبل ايران وتركيا وان استمرار العلاقات معهما مرهون باستجابتهم للمطلب العراقي بخصوص اطلاق المياه وعدم حجزها ومنعها من الوصول للنهري دجلة والفرات ، من المؤكد سيحمل السيد اوردكان ملفات عديده سيضعها على طاولة البحث مع الحكومة العراقية ، واهمها بالنسبة له الملف المتعلق بحزب العمال الكردي والذي يتخذ من شمال العراق ملاذاً له ، وليس مستغربا ان يطلب السيد اوردكان من الحكومة العراقية اعتبار حزب العمال الكردي منظمة ارهابية لكي يتمكن من استهدافه عسكريا داخل الاراضي العراقية ويضفي الشرعية لذلك العمل تحت هذا العنوان ، وربما يروم بعقد صفقة عنوانها المياه مقابل اطلاق صفة الارهاب على حزب العمال الكردي، متى نجد ساستنا يجيدون فن الحوار واستخدام نقاط ضعف المقابل لتحقيق الاهداف والغايات التي تحقق المصالح العراقية ، ان ذلك واحد من أهم الملفات السياسية والضاغطة على الجانب التركي وليس العكس ، وان قضية حزب العمال شأن داخلي تركي وعلى الحكومة التركية ان تجد حلا سياسيا بخصوص الاكراد واعطائهم الحق باندماجهم والعيش بسلام في وطنهم وممارسة حريتهم السياسية والثقافية والتعليمية ، علما ان السيد اوردكان يعلم جيدا ان مثل هذا القرار ليس بيد حكومة بغداد والتي هي متداد لحكومة طهران، وان ربط مسالة حزب العمال بازمة المياه تُعد مراوغة سياسية ليس ألا ، الغاية منها هو ابقاء موضوع المياه دون حل جذري وخاضع للمد والجزر والتحكم من به قبل تركيا لاهداف سياسية انية ومستقبلية ، اما فيما يخص الجانب التجاري وتاثيرة المباشر كوسيلة ضغط اخرى متاحه امام المفاوض العراقي ، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا 15.2 مليار دولار في العام 2022، مقارنة بـ12.8 مليار دولار في العام 2021. وحققت الصادرات التركية إلى بغداد نمواً بلغ 23.6%، لتسجل 13.8 مليار دولار، بينما نمت الصادرات العراقية إلى إسطنبول بنسبة 14.7% مسجلة 1.4 مليار دولار قال خالد أجار رئيس مجلس الأعمال التركي إن بلاده والعراق يعملان على زيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى أكثر من 20 مليار دولار ، كذلك الامر ينطبق على ايران وحجم التبادل التجاري معها مقارب لتركيا ، وان استخدام هذا الملف للضغط من اجل فتح المياه من قبل ايران وتركيا يأتي بثماره لمعالجة الازمة ، بالوقت أن الاقتصاد التركي والايراني يعاني من العملة الصعبة ، وأغلاق نهر الدولار المستمر من المنبع العراقي كفيل باطلاق المياه من المنابع الايرانية والتركية ، كذلك يجب التحرك للتحرر من موضوع الغاز والعمل على تعدد مصادر استيرادة من دول اخرى لحين استثمار الغاز العراقي المهدور وتحقيق الاكتفاء الذاتي بغية افراغ ملف الغاز المتعلق بالكهرباء والتحرر من هذا الارتباط الغير مبرر مع ايران والمجحف بحق العراقيين والمكبل لحرية القرار ، ان ازمة المياه تتطلب تظافر الجهود السياسية والفنية والقانونية لتحقيق موقف وطني موحد بالمواجهه ، وان حسن العلاقات مع الدول لاتعني بان العراق عليه ان يضحي بكل شيء من اجل لاشيء ، كفى عشرون عاما من هدر الحقوق والسكوت الذي اتاح للجميع التمادي وتحقيق غاياتهم على حساب العراق ومصالحه الحيوية ، وان سياسة التبعية اضاعت حقوق وكرامة العراقيين وكسرت هيبة العراق الدولية .

التعليقات معطلة.