حسن فليح / محلل سياسي
الجزء الثالث
التتقرير السري المسرب من “iFb” اذن موقع العراق الجغرافي المجاور لايران والسعودية خصوصا، ثم باقي المشرق العربي بالاضافة الى تركيا وانقسامه الطائفي الواضح، جعلناه كأفضل ساحة للصراع الشيعي الايراني، السني السلفي السعودي هكذا… بعد ان قمنا باضعاف وخنق العراق حربيا وقتصاديا وبشريا طيلة اعوام التسعينات، نجحنا بفعل دعم اصدقائنا من القادة الاكراد والاسرائيلين والايرانيين والسعوديين ، ان نقنع قادة شيعة العراق وباقي الناقمين على صدام من السنة ان يكونوا اداة طيعة في مشروعنا التدميري للعراق وللعالم الاسلامي باجمعه بحجة مكافحة الدكتاتورية وبناء الديمقراطية ، يتوجب التنوية بدور صديقنا صدام فهو خدمنا منذ صعوده الى السلطة في عام 79 اذ قام باعدام القادة البعثين المناوئين لسياستنا وتخريب الوحدة مع سوريا ثم دخول الحرب التدميرية مع ايران ثم اجتياح الكويت وتوفير كل الحجج لنا بضرب العراق وحصاره وتجويعة واذلالة حتى اجتياحة واحتلالة ، بل ان المسكين قد خدمنا دون قصد حتى بعد اطاحتنا به اذ نجحنا من خلال مسرحيات محاكمته التلفزيونية ان نخلق منه بطلا عربيا سنيا راح ضحية المتعصبين الشيعة وهذا الامر لعب دورا حاسما في تغذية الصراع الطائفي ، منذ عام 2003 ، تمكنا بصورة تفوق التوقع ان نجعل من العراق ساحة مكشوفة ومثال فاضح لكل المسلمين للصراع الدامي المحتدم بين القطبين السني والشيعي ، بل جعلنا منه ارضا لعذابات المسيحيين والصابئه وباقي الجماعات ، بالاضافة الى عذاب الاكراد قبل ذلك ، طيلة عقدين من الزمان اننا جعلنا من العراق ارضا للخراب ومركز للظلام الذي ينتظر المنطقة باجمعها آملين ان نجعل منه فيما بعد ارض النظام والاستقرار والبحبوحة ومركز لشرق اوسط ديمقراطي منسجم تماما مع مصالحنا ، ان خلاصة سياستنا الحالية في العراق ان يبقى لسنوات طويله تحت سيطرتنا الكاملة المباشرة او غير المباشرة سياسيا وعسكريا والعامل المهم الذي نجحنا بتأسيسة ونعمل على ابقائه اننا جعلنا من الدولة العراقية منقسمة طائفيا وقوميا بحيث لايمكنها ان تكون دولة مركزية قوية ، واصبحت ارض سهلة لتفجيرها او التحكم بها من قبلنا ، فترانا دائما عندما يستقوى الاكراد ويضعف العرب نبادر الى خلق الخلاف بين الاكراد وتسهيل ضربهم من قبل دول الجوار وما ان يستقوي العرب حتى نبادر الى تأجيج الصراع الطائفي بينهم ونعطي المجال لبروز الدور الكردي وأستخدام ورقة كركوك واذا ما لاحظنا توحد الاطراف العراقية جميعها وبروز نوع من الثقة بالدولة والشعور بالاستقرار وبروز ميول وطنية معادية للامريكان حتى نبادر بتحريك عملائنا وتسهيل الامر للارهابيين للقيام بعمليات تدميرية تزعزع هيبة الحكومة وتحيي الاحقاد الطائفية وتشجع هجرة الشباب والكوادر وبتالي تبرير الاعتماد علينا من اجل حمايتهم من الارهابيين، هل تعلم بأننا نحن من يشجع التغلغل الايراني في العراق ونعمل اعلاميا على تضخيمه اضعاف اضعاف المرات من اجل اخافة الدول العربية وتركيا ودفعها لكي تتصارع في ارض العراق وايضاً اخافة العراق ودفعه لتمسك بنا لحمايتهم من الخطر الايراني ، خذ مثلا مسألة تاخير تشكيل الحكومات خلال اشهر طويلة كان يكفي منا بعض الضغوط البسيطة على اطراف النزاع لكي يضطروا للاتفاق على تكوين الحكومة المناسبة ولكننا تقصدنا الحيادية وناخذ دور الاب الناصح الذي لايمتلك سلطة حاسمة ازاء الضغوط الايرانية والسعودية والسورية كلها من اجل ان يدوم ضعف الدولة ويفقد العراقيين ثقتهم بنخبهم وقادتهم ويدعم شعورهم الطفولي بانهم بحاجة لدورنا الابوي الناصح والحامي لامن البلاد، ومن اكبر دلائل نجاحنا الكبير بالتحكم بعقول العراقيين وباقي العالم اوهمناهم باننا عازمون على ترك العراق بعد ان فشلت سياستنا به بين حين واخر نجري مسرحية اعلامية لانسحابات عسكرية خداعة بينما يكفي القليل من الحكمة للتفكير بالامر التالي اننا شيدنا بالمنطقة الخضراء في بغداد اكبر واضخم واقوى سفارة في تاريخ البشرية مساحتها 104 هكتارات وتعد اكبر بستة اضعاف من مجمع الامم المتحدة في نيويورك وبعشرة اضعاف من سفارتنا في بكين كلفتنا حوالي مليار دولار وتكلفتها السنوية مليار دولار فيها عشرين مبنى والف موظف وهي تعتبر مدينة مستقلة حيث تضم السكن والاسواق وكل وسائل الترفيه ومولدات الطاقة والمياه والتنقية والتصفية حيث يمكنها العيش مستقلة تماما لعدة اعوام فكيف يصدق انسان حتى لو كان له عقل طفل نُشيد مثل هذه السفارة الاسطورية في بلد ندعي باننا بالطريق لمغادرته .