يرغب الأهل دوماً بأن يكون أطفالهم سعداء ولا يدخل الحزن أبداً إلى قلوبهم. سعياً إلى تحقيق ذلك، يمكن أن يبالغوا في تأمين طلباتهم ليستعيدوا سعادتهم. كما يعتقد الأهل أنّهم بذلك يحقّقون المثالية في الأبوة. إنما في الواقع، الحفاظ على سعادة الطفل طوال الوقت ليس مطلوباً إلى هذه الدرجة وليس مفيداً دائماً لنمو الطفل، بحسب ما نُشر في Doctissimo.
لماذا يجب أن يمرّ الطفل بمشاعر متنوعة؟
المرور بأوقات صعبة قد يكون مفيداً للطفل أحياناً. إذ أنّ المرور بمشاعر متنوعة بين تلك الإيجابية وتلك التي تبدو صعبة، يُعتبر مفيداً لنموه. بحسب دراسة جديدة تناولت مجموعة من المشاعر مرّ فيها 37 ألف شخص، تبين أنّ الذين عاشوا مشاعر متنوعة تمتعوا بصحة نفسية أفضل، مع تراجع في معدّلات الإكتئاب وتحسن في الصحة الجسدية. هذا، إضافة إلى أنّهم يُحسنون التعامل مع مختلف المشاعر والمواقف التي يمرون فيها، وإن كان من الصعب على الأهل التعامل مع ذلك بموضوعية. بحسب الخبراء، من الصعب تقبّل ما هو سلبي في ثقافتنا. لكن بعكس ما يعتقد الأهل، لا يضرّ بالطفل أن يعيش مشاعر سلبية. فالمشاعر التي يعتبرونها مزعجة هي في الواقع مفيدة، وإذا استمرت لوقت أطول، فهذا يعني أنّ ثمة سبباً لذلك ومعنى او حتى هدفاً إما لنموه أو لتوازنه العاطفي أو لصحته النفسية. حتى أنّ الغضب، الذي قد يترافق مع الكثير من التوتر، يساعد الطفل في إيجاد التوازن.
كيف يجب التعامل في مواجهة المشاعر المتنوعة لدى الطفل؟
استفادة الطفل من المشاعر السلبية لا يعني أنّه من المفترض أن يتعمّد الأهل وضع الطفل في مثل هذه المواقف، بل من المفترض بهم مرافقة الطفل في ما يمرّ فيه من مشاعر من دون الحاجة إلى إخفائها. على سبيل المثال، عندما يشعر الطفل بالتوتر أو الحزن بعد يوم مدرسي طويل، غالباً ما يحاول الأهل إخفاء ذلك عبر الترفيه عنه وإيجاد أمور إيجابية تساعد في تجنّب موقف غضب يمكن أن يظهر، لأنّه من الصعب التعامل معه. في الواقع هذا الغضب يُعتبر مهمّاً على الصعيد النفسي، لأنّه يساعد الطفل في تحقيق التوازن على المستوى النفسي والتخلّص من المشاعر السلبية التي لديه، كما تعلّم كيفية فهم مشاعره وضبطها. كما يمكن عندها اكتشاف الحدود التي لديه. لذلك من المهمّ أن يعيش الطفل هذه المشاعر عندما يحتاج إلى ذلك. في المقابل، محاولات إلهاء الطفل بأمور أخرى عندما تكون لديه مشاعر سلبية، لها أثر موقت فقط، وهي لا تساعد الطفل في تحقيق التوازن. يجب ترك الطفل يحزن عندما يفشل أو يُصاب بخيبة أو يخاف عند تعرّضه لموقف يدعو للخوف، فيساعده ذلك بشكل أفضل في المضي قدماً في حياته وتحقيق التوازن على الصعيد النفسي.
المصدر: النهار العربي