مقالات

حواري مع كيسنجر

عمرو الليثي- صحيفة المصري اليوم

من أهم الملفات التى قمت بمناقشتها من خلال برنامج «اختراق» منذ أكثر من اثنين وعشرين عاماً ملف حرب أكتوبر (تشرين الأول) المجيدة، ومن الشهادات الهامة التى حصلت عليها من شخصية هامة لعبت دوراً هاماً على المسرح السياسي هو السير هنري كيسنجر، وزير خارجية الولايات المتحده إبان فترة حرب أكتوبر.وفى عام 2002 أصدر السيد كيسنجر كتابه الأشهر الأزمه the crises الذي يحوي شهادته عن كواليس حرب أكتوبر.. تواصلت مع مكتبه في واشنطن لأطلب التصوير معه واتفقت معهم على سفري إلى واشنطن وإجراء حوار مدته 30 دقيقة مع السيد كسينجر عن كتابه الأزمة.

كان الكتاب ألف صفحة تقريباً من القطع الكبير، لم أنَم طوال الرحلة بالطائرة وقضيت الرحلة حتى فرغت من قراءة الكتاب ووضع هوامش باللون الأحمر تحت أهم ما كتب في كتابه، وجاء موعد لقائي مع كسينجر وكنت في غاية القلق، فأنا أحاور واحداً من أهم صناع القرار السياسي في أمريكا لسنوات طويلة. قابلني بترحيب رسمي، حاولت أن ألطف الحوار بكلمة مجاملة عن كتابه، لم يهتم كثيراً بما قلت، كل اهتمامه كان منصباً عن أسئلتي له وكان قد لفت نظري في كتابه إعجابه بأوبرا عايدة، فكان أول سؤال له لو قدر له أن يمثل في أوبرا عايدة فأي الشخصيات يحب أن يؤديها؟ فأجابني بسرعة شديدة: راداميس، والأغرب أنه يرى أن الرئيس السادات يذكره بالبطل راداميس، وبدأ كسينجر يتعامل معي بشكل أكثر مرونة وصارحني عندما سألته عن حرب أكتوبر قائلاً كان رأيي في السادات أنه يشبه شخصية من أوبرا عايدة فلم آخذه على محمل الجد، لذا لم نصدق أن هذا هو عام القرار أو عام الحسم، كنت في البيت الأبيض وجاءني من السادات عرض هام للسلام ولكنني لم أرد- واستطرد كيسنجر قائلًا: «هو عرض للسلام في مقابل عودة إسرائيل لحدود ما قبل 67 وكانت خطوة كبيرة وحتى ذلك الوقت لم تعرب أي دولة عربية عن استعدادها للسلام، ولكن لم نكن في وضع للتعاون مع ذلك»، واستمرت الاتصالات طوال يوم 6 أكتوبر بكل الأطراف، ولكن عجلة الحرب كانت قد دارت والقوات المصرية تقاتل في شرق القناة وتدفقوا على الجسور التي نجحوا في إقامتها.
وقال إن بداية الحرب كانت مفاجئة لنا وكنت في نيويورك ومعي مساعدي جوزيف سيسيكو، كنا نشارك في الاجتماع السنوي العادي للأمم المتحدة وقد تحدثنا إلى كل من وزير الخارجية الإسرائيلي إيبان ووزير الخارجية المصري الزيات قبل أيام من البدء الفعلي للحرب، وقد أكد لنا كلاهما أنه ليست هناك حرب متوقعة، وأنه ليست هناك نية في بدء الحرب، لذا كان ذلك فشلًا للاستخبارات الإسرائيلية وفشلًا للمخابرات الأمريكية، وما حدث كان مفاجأة كبيرة للغاية للولايات المتحدة. وللحديث بقية مع كيسنجر.