حجي مراد
يقول شيكسبير ،،، اننا في نهاية كل يوم نحتاج الى سلة مهملات لنرمي بها كل من لا نريده أن يرافقنا إلى الغد ،،،
الكثير من الناس في العراق سواء كانوا سياسون أم مواطنون يعلقون حالة الفشل التي نعيشها اليوم على الدستور والقوانين والتشريعات الناظمة الأخرى ، ويعلقون حالة الفشل كذلك على شكل نظام الحكم في البلاد كونه نظام برلماني وليس نظام رئاسي ، ولكن الحقيقة ليست كلها كذلك ، أذ أن الفشل الحقيقي هو فشل الإنسان العراقي نفسه ، سواء كان المواطن فرداً من الشعب أم كان فرداً سياسياً .
فكثيراً ما نجد تظاهرات تنطلق تطلب بالتغير ، وكتابات تُنشر تطالب هي الاخرى بالتغير ، وربما نجد مطالبات بصور أخرى تطالب هي الأخرى بالتغير ، وأكثر تلك المطالبات تتسم بالمطالبة بتغير نظام الحكم البرلماني السائد في العراق الى نظام حكم رئاسي ، فهل يا ترى نسينا الماضي الرئاسي الحاكم في العراق قبل العام ٢٠٠٣ ، فقد كنا فيما مضى نعتقد جميعاً بأن الحل سيكون بمجرد الخلاص من النظام الرئاسي والتوجه نحو الديمقراطية والحكم البرلماني ، وقد جاء التغيير بالفعل ، ولكن لم يتغير أي شيء ، أو ربما تغيير كل شيء ولكن كانت النتائج للأسوء .
اذاً فالعيب في حقيقته ليس في النص الدستوري الحاكم ولا في نص القانون الأنتخابي الناظم للعملية الأنتخابية ، بل العيب الحقيقي في الإنسان العراقي نفسه مواطناً كان أم سياسياً ، فالتغير لكي يكون تغيراً ناجعاً يجب أن يكون تغيراً في ذات الأنسان العراقي نفسه ، حيث يجب أن يبدءُ التغيير منه وينتهي فيه ، فهذا هو التغيير الحقيقي والمنشود والناجع ، فما الفائدة من أعادة الأنتخاب أو تعديل قانونها أن لم يتغير فكر الناخب العراقي نفسه في طريقة أنتخابه ، فلازال الناخب العراقي ينتخب على أساس الطائفة والعشيرة ، ولا أثر يذكر للبرنامج الأنتخابي للمرشح على ترشيحات الناخب العراقي ، فهذا هو الفشل الحقيقي للعملية السياسية في العراق .
وهنا لابد من الأشارة الى أن تجاهل البعض لمسؤليته الفردية في أحداث ذلك التغيير المتشود ، وأعتقاده بأن الخطأ متأصل فيه كأنسان منذ أن أكل سيدنا أدم عليه السلام من الشجرة المحرمة ، وأنه لايمكنه التغيير أو لايهمه ذلك التغير أصلاً ، فبهذا النمط السلبي الضيق في التفكير سنفقد الشعور بالمسؤلية ، وسيصبح الواحد منا ناقماً ومنتقماً من نفسه ومن مجتمعه دون أن يفكر في الحل .
فعلينا جميعاً أن ندرك بأن الهوية الفردية للأنسان لا تكتمل إلا باندماجه في الجماعة ، فلا مواطن من دون الوطن ولا عراقي من دون العراق ، فحينئذاً سنشعر جميعاً بقيمتنا كأفراد مجردين وبقيمتنا كأفراد مندمجين في المجتمع ، بل سنعرف عندها قيمة المجتمع وأهميته ، ذلك لأن الحياة الصحيحة تكمن بأن ينظر الأنسان لغيره وهو ينظر لنفسه ولا ينظر لنفسه فقط ، فعلينا بزمام المبادرة ولِنبدء بالتغير من أنفسنا .
يقول شيكسبير ،،، اننا في نهاية كل يوم نحتاج الى سلة مهملات لنرمي بها كل من لا نريده أن يرافقنا إلى الغد ،،،
فلنتعض مما قاله شيكسبير ولنتعض أيضاً من دول الغرب ، ففي تلك الدول أستطاعوا تحويل قاذورات المزابل والنفايات عندهم إلى طاقة نافعة ، ولم يتركوها ترافقهم في باقي أيامهم ، وهذه خطوة مذهلة وبنائة ، فعلى من يريد أن يحذو حذوهم منا ، فما عليه إلا القيام بحرق القاذورات والنفايات السياسية الكثيرة الموجودة في بلدنا ، حيث أن في العراق الكثير من السياسين الفاسدين الذين أذا صنفتهم كنفايات أو كقاذورات تكون قد ضلمت النفايات والقاذورات بذلك التصنيف ، ومع ذلك فما علينا ألا أن نحرقهم ونحويلهم إلى طاقة في مصانع تدوير النفايات ، وعند ذلك سنكون قد حققنا منفعة عظيمة للمجتمع ، فهذا الشيء الوحيد الذي ممكن أن نجده نافعاً في زعماء وساسة هذه المرحلة التعيسة من تاريخ العراق ، وهو أن يكونوا نفايات وقاذورات محروقة لتوليد طاقة تُستغل لتوليد أفكار وأرادات نافعة لصناعة التغير .
أحرقوهم وسوف يصلح الحال وسوف لن تندموا فقد قالها المتني من قبل “وإنما الناسُ بالملوكِ وما _ تُفلِحُ عُربٌ ملوكهم عجمُ ” .