هجوم بالطيران الشراعي والمسيّرات ..واغلاق السفارة الامريكية في بيروت وهروب جميع دبلوماسييها
كتب / عبد الباري عطوان
التصعيد العسكري من قبل قوات المقاومة في جنوب لبنان بدأ ينتقل من مرحلة القصف الصاروخي لمواقع عسكرية إسرائيلية في العمق الفلسطيني المحتل الى عمليات إنزال طيران شراعي لعناصر كوماندوز في وسط المستوطنات الإسرائيلية مصحوبا بإطلاق اكثر من عشرين مسيّرة “انتحارية”، وسط تواتر أنباء على ان هذا التفعيل لفصائل المقاومة يتزامن مع آخر انطلاقا من الأراضي السورية المحاذية لهضبة الجولان المحتلة.
رد المقاومة الاسلامية اللبنانية (حزب الله) على استشهاد ثلاثة من كوادرها ليل الاثنين الماضي نتيجة عدوان صاروخي إسرائيلي جاء سريعا جدا، بالمسيرات، والطائرات الشراعية المحملة بالمقاتلين، مما اوقع العديد من القتلى الإسرائيليين في قاعدة “الجرادح” الإسرائيلية في الجليل، ووثقت المقاومة هذه العملية بفيديو يؤكد وقوع العديد من القتلى والجرحى الإسرائيليين.
***
ما نريد ان نقوله ان جبهة الجنوب اللبناني تشهد حاليا عملية “تسخين” متسارعة تمهيدا للمعركة الكبرى التي سيكون هدفها الأبرز التضامن عسكريا مع حركات المقاومة في قطاع غزة اولا، واقتحام الحدود والمستوطنات الإسرائيلية تنفيذا لخطة معدّة مسبقا لتحرير منطقة الجليل في الشمال الفلسطيني المحتل.
القناة 14 الإسرائيلية اعترفت بهذه الهجمات، وكل ما ورد في فيديو المقاومة من معلومات حول سقوط قتلى وجرحى، ونقلت عن مسؤول أمني كبير قوله “ان هذه الاحداث في الشمال تأتي تغييرا لقواعد اللعبة”.
انتقال المواجهات الى الجبهة الشمالية مع “حزب الله” يشكل الهاجس الأكبر لدولة الاحتلال بعد هزيمتها الكبرى والمهينة، على ايدي مقاتلي حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في قطاع غزة، واعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن والمتحدثون باسمه ان ارسال حاملة الطائرات “جيرالد فورد” الى الساحل اللبناني يأتي للتصدي لحزب الله في حال دخوله الحرب دعما وتضامنا مع المقاومة في القطاع.
لم يكن مفاجئا بالنسبة الى الكثير من المراقبين ونحن من بينهم، تلك التهديدات الامريكية التي نقلتها دولة الامارات، واكدها موقع “اكسيوس” المقرب من وزارة الدفاع، الى الرئيس السوري بشار الأسد بأن حياته ستكون مستهدفة في حال دخوله او “حزب الله” في حرب ضد دولة الاحتلال في تواز مع تهديد آخر مماثل للسيد حسن نصر الله تولت نقله فرنسا عبر قنوات لبنانية.
رد القيادة السورية والمقاومة اللبنانية على هذه التهديدات الامريكية جاء حازما بإرسال طائرات شراعية محملة بالفدائيين، لا ترصدها الرادارات الا بصعوبة، والحاقها بأخرى مسيّرة، مما يعني ان الجبهتين السورية واللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي جرى تفعيلهما، وان المرحلة الثانية إطلاق آلاف الصواريخ الدقيقة لتدمير القواعد والمستوطنات الإسرائيلية في الشمال الفلسطيني المحتل، والمفاجآت القاتلة للكيان تتوالى.
غزة، وباختصار شديد، لن تظل في الميدان لوحدها، وان نظرية وحدة الساحات بدأت تُطبق عمليا على الأرض، وان إطلاق آلاف الصواريخ يوميا لدك العمق الإسرائيلي بات مسألة أيام وربما ساعات على الأكثر.
دخول سورية الحرب باستهداف الجولان المحتل من قبل جيشها العربي، او منظمات فدائية مقيمة على الأرض السورية، يشكل تطورا كبيرا في قواعد الاشتباك، وردا طال انتظاره انتقاما من الغارات الصاروخية التي استهدفت المطارات الحربية والمدنية وبعض القواعد العسكرية السورية.
هجمات الفدائيين عبر طائرات شراعية على المستوطنات في الجليل تعني النزول المفاجئ الى قلب الميادين، وخوض حرب شوارع مع المستوطنين وقوات الجيش الإسرائيلي، وهو حدث سيصيب القيادة العسكرية وجيشها ومستوطنيها في مقتل.
عندما تغلق السفارة الامريكية في بيروت أبوابها، وتطلب من دبلوماسييها ومواطنيها المغادرة فورا، فهذا يعني ان رد المقاومة على تصريحات الرئيس جو بايدن الوقحة التي وصف فيها حركة حماس بالشر المطلق، و”استأسد” بإرسال حاملة طائرات الى الساحل الفلسطيني المحتل قد بدأ يتبلور ونحن في انتظار حزمة الصواريخ الدقيقة الأولى التي سيطلقها حزب الله لقصف البنى التحتية الإسرائيلية ومخازن الامونيا في حيفا وما بعد حيفا.
***
يبدو ان الرئيس بوتين في طريقه لفك الارتباط عمليا مع دولة الاحتلال لإعلانه اليوم ودون مواربة، خلال مؤتمر للطاقة بموسكو “ان إسرائيل استولت على بعض الأراضي الفلسطينية “الاصلية” باستخدام القوة العسكرية” مضيفا “ان القضية الفلسطينية في قلب كل انسان في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ليس الآن فقط، وانما منذ عقود، وان الظلم الواقع على الفلسطينيين لا يمكن تصوره”.
شكرا للرئيس الروسي على هذه الوقفة المشرفة المدافعة عن شعبنا الفلسطيني الضحية وقضيته العادلة، وفي هذا التوقيت، مثلما نقول لبايدن في الوقت نفسه انك تقود شعبك ودولتك الى الدمار، وستدفع ثمنا باهظا جدا، ربما اكثر فداحة من الثمن المذل والمهين الذي دفعته في أفغانستان بإنحيازك الى الإرهاب والعنصرية الإسرائيلية ومجازرهما.. والأيام بيننا.