اخبار سياسية

سوناك “متهم” بترك أفغان مؤهلين للانتقال إلى بريطانيا في باكستان لتوفير المال

حصري: محامون لدى “المحكمة العليا” يزعمون أن وزيرة الداخلية سويلا برافرمان علمت بقرار رئيس الوزراء بالتواتر 

هولي بانكروفت  

في كابل عاصمة أفغانستان، تتعاون القوات المسلحة البريطانية مع الجيش الأميركي في عمليات إجلاء مدنيين مؤهلين وأسرهم إلى خارج البلاد في 21 أغسطس عام 2021 (وزارة الدفاع البريطانية /غيتي)

استمعت “المحكمة العليا” في بريطانيا لإفادات تتهم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بترك آلاف الأفغان المؤهلين للانتقال إلى المملكة المتحدة، قابعين في فنادق باكستانية، في محاولة منه لتوفير المال وخفض التكاليف.

وقد بقي نحو 2300 أفغاني عملوا إلى جانب القوات المسلحة البريطانية، عالقين في فنادق في إسلام آباد لعدة أشهر، بعدما أوقفت المملكة المتحدة رحلات طيران مستأجرة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وطلبت من العائلات تأمين أماكن إقامتهم بأنفسهم في المملكة المتحدة، قبل نقلهم.

اقرأ المزيد
  • هل تنجح باكستان في ترحيل اللاجئين الأفغان؟
  • إجلاء “شائن” لآلاف اللاجئين الأفغان من فنادق بريطانيا
  • 50 ألف لاجئ بلا مأوى هذا الشتاء في بريطانيا
  • 10 آلاف لاجئ أفغاني يصلون إيران يوميا
  • تخوف من أن يقطع قانون الهجرة البريطاني المقترح طريق لجوء قانوني آمن
  • لماذا تحاول الحكومة البريطانية إيواء طالبي اللجوء في قواعد عسكرية مهجورة؟

وقد لجأ اثنان من الأفراد العالقين في باكستان إلى القضاء البريطاني، متخذَين إجراءات قانونية ضد رئيس الوزراء، ووزيرة الداخلية سويلا برافرمان، ووزير الدفاع بن والاس، ووزير الخارجية جيمس كليفرلي، بسبب فشل الحكومة في تسهيل نقلهم إلى المملكة المتحدة. وفي جلسة استماع عقدتها “المحكمة العليا” يوم الخميس الفائت، قال محامو الثنائي إنهما مكثا مع عائلتيهما في فنادق تمولها الحكومة البريطانية في إسلام آباد لمدة سبعة أشهر و11 شهراً على التوالي.

وسبق للشرطة الباكستانية أن اقتحمت أحد الفنادق التي كان يقيم فيها أفغان متوجهون إلى المملكة المتحدة، واعتقلت عدداً من الأفراد الذين انتهت صلاحية تأشيراتهم. وأصدرت السلطات الباكستانية أيضاً إنذاراً نهائياً لطالبي لجوء أفغان موجودين على أراضيها من دون وثائق قانونية، داعيةً إياهم إلى مغادرة البلاد بحلول مطلع شهر نوفمبر المقبل.

المحامي طوم دو لا مار الذي يحمل لقب “كي سي” KC (مستشار الملك)، ويتولى تمثيل اللاجئين الأفغان، أفاد بأن رئيس الوزراء البريطاني أوقف استخدام الفنادق لإيواء الأفغان الوافدين إلى المملكة المتحدة في أواخر نوفمبر من عام 2022، كإجراء لتوفير التكاليف. وقد حدا هذا القرار بوزارة الدفاع إلى وقف الرحلات الجوية التي تنقل الأشخاص إلى المملكة المتحدة من باكستان، الأمر الذي ترك أسراً عالقة هناك عرضةً لخطر الترحيل إلى أفغانستان، والتعرض لاحقاً لانتقام حركة “طالبان”.

وجاء في رسالة بريد إلكتروني صادرة عن مكتب رئيس الوزراء في نوفمبر، أن سوناك يريد “ضبط تدفق” الأشخاص المؤهلين للمجيء إلى المملكة المتحدة – بموجب مخطط “سياسة نقل ومساعدة الأفغان” (أراب) Afghan Relocations and Assistance Policy (Arap الذي يشمل الأفراد الذين تعاونوا مع القوات البريطانية – كي يتمكنوا من الانتقال مباشرةً إلى أماكن إقامة تابعة لوزارة الدفاع بدلاً من الفنادق.

وأضاف دو لا مار أن “هذا التغيير في السياسة كان من المتوقع أن يؤدي إلى توفير صاف إجمالي بالنسبة إلى دافعي الضرائب”. ومع ذلك، سرعان ما ظهرت مخاوف من عدم وجود أماكن إقامة كافية لجميع الأفغان المؤهلين للمجيء إلى المملكة المتحدة.

ومنذ اتخاذ القرار، تم إحضار عدد قليل للغاية من الأسر الأفغانية إلى المملكة المتحدة نظراً إلى عدم توافر أماكن إقامة لهم.

وأشار المحامي الذي يتولى القضية، إلى أنه لم يُطلع أحداً على المواد (إن وجدت) التي نظر فيها رئيس الوزراء قبل اتخاذ قراره. وقال إن “ريشي سوناك هو في الواقع صاحب القرار الأساسي، ولا علم لنا في الوقت الراهن بتفاصيل المعلومات التي أثرت في قراره. ولا يسعنا إلا أن نستنتج أن قراره لم يأخذ في الاعتبار العواقب التي ستنعكس على المقيمين في فنادق باكستان”.

وأضاف أن “التوجيهات الأولية نقلت في البداية إلى وزارة الدفاع، ومن ثم تم تمريرها إلى وزيرة الداخلية من طريق التواتر عبر سلسلة من الاتصالات الشفوية الداخلية”.

الحكومة البريطانية قالت للمحكمة إن ما حصل هو “قرار سياسي اتخذ على مستوى رفيع، في إطار الحرص على استخدام مسؤول للأموال العامة”.

لكن دو لامار رد بأن موكلَيه لم يتمكنا من مغادرة الفندق الذي كانا يقيمان فيه، خوفاً من التعرض للاعتقال على يد الشرطة الباكستانية والاعتداء عليهما. وقال إن موقف الحكومة “أجبر الأفراد في الواقع على العيش عملياً في ما يمكن وصفه بأنه سجن مريح … لكنه يفتقر لمرافق أساسية، كتوفير أنشطة مثل التمارين الرياضية والتعليم وغيرها من وسائل الترفيه الأخرى”.

ولفت إلى أن اللاجئين الأفغان يحتاجون أيضاً لدعم مالي أثناء وجودهم في حال انتظار، بما في ذلك المساعدة في شراء ملابس لأطفالهم. وقال المحامون إن أكثر من ثلث عدد الأطفال الذين يقيمون في فنادق، حرموا من التعليم لمدة تتفاوت ما بين ستة و12 شهرا.

وتعتبر الحكومة ألا حاجة لتقديم مدفوعات نقدية، مؤكدةً أنها ليست ملزمة توفير التعليم للأطفال المنتظرين.

تجدر الإشارة إلى أنه بعد حملة القمع التي شنتها الحكومة الباكستانية على اللاجئين الأفغان، بدأت حكومة المملكة المتحدة عملية تحديد الأسر الأفغانية المؤهلة للسكن في مراكز الإقامة التي توفرها وزارة الدفاع في بريطانيا. واعتباراً من الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، تم إحضار 59 شخصاً من باكستان، وتتوقع الحكومة أن ينقل قرابة 470 شخصاً بحلول نهاية الشهر.

وقال دو لا مار إن ذلك سيترك نحو 1900 شخص عالقين في باكستان، عندما تنتهي مهلة التحذير التي حددتها لهم السلطات الباكستانية في مطلع نوفمبر المقبل.

“المحكمة العليا” أخذت علماً أيضاً بأن وزيرة الداخلية سويلا برافرمان اتخذت قراراً في 26 يونيو (حزيران)، بمعاودة إصدار تأشيرات للأفغان المؤهلين للمجيء إلى المملكة المتحدة. وفيما أقرت الحكومة بأن “العيش في فندق على المدى الطويل ليس بالخيار المثالي (بالنسبة إلى الأفغان المؤهلين للإقامة في المملكة المتحدة)”، إلا أنها اعتبرت أن ذلك يعد “مقبولاً بالنسبة إليهم، نظراً إلى الظروف الاستثنائية”.

وكان وزير الدولة البريطاني لشؤون المحاربين القدامى جوني ميرسر قد أكد للبرلمان في مارس (آذار) الماضي، أن الأولوية القصوى للحكومة تقضي بـ “ضمان إمكان حصول الأسر المؤهلة على سكن مناسب، وهو مسار العمل الأنسب بالنسبة إليها”.

وقال ميرسر إن “من واجبنا وضع حد لمسألة إقامة العائلات الأفغانية في فنادق داخل المملكة المتحدة، لأن ذلك يصب في مصلحة العائلات والأفراد على حد سواء”.

ووافق القاضي تشامبرلين على تحديد موعد لجلسة استماع لاحقة، للاطلاع إلى الجوانب المتبقية من القضية.

© The Independent