وسط استمرار التصعيد على محاور في الحسكة وحلب وإدلب
قوات تركية في الشمال السوري خلال ديسمبر الماضي (موقع تي 24 التركي)
- أنقرة: سعيد عبد الرازق
شرع البرلمان التركي، الثلاثاء، في مناقشة مذكرة مقدمة من الحكومة بطلب تمديد تفويضها في إرسال قوات إلى شمالي سوريا والعراق لمدة عامين إضافيين، وذلك وسط تصعيد عسكري تركي لا يزال مستمراً ضد مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.
وجاء تقديم المذكرة التي أرسلت إلى البرلمان في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي حاملة توقيع الرئيس رجب طيب إردوغان، بعد أيام قليلة من هجوم استهدف وزارة الداخلية في أنقرة في الأول من أكتوبر تبناه «حزب العمال الكردستاني»، تبعته حملة جوية تركية على مواقع «قسد» إلى جانب قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» في شمال العراق.
وجاء في المذكرة، أن «المخاطر والتهديدات التي تشكلها التطورات في المناطق المتاخمة للحدود البرية الجنوبية لتركيا، وبيئة الصراع المستمر على الأمن القومي آخذة في التزايد».
وأضافت أن «نشاط الحركات الانفصالية له تأثير مباشر على السلام والاستقرار والأمن في بلدنا، وأن المنظمات الإرهابية، وبخاصة (حزب العمال الكردستاني)، وحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي السوري) ووحدات حماية الشعب الكردية، (أكبر مكونات قسد)، و(داعش)، التي لا تزال موجودة في المناطق المتاخمة لحدودنا، وتواصل أعمالها ضد بلادنا وأمننا القومي ومواطنينا، تشكل خطراً على أمن البلاد واستقرارها».
انقسام حزبي
وبدأ البرلمان مناقشة المذكرة وسط انقسام بين الأحزاب الممثلة في البرلمان، وتباين بين أحزاب المعارضة بشأنها. وأعلن رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، رفض حزبه للمذكرة وتصويته ضدها، مرجعاً ذلك إلى وجود نص «يسمح بوجود قوات أجنبية على أراضي تركيا». وأكد أن حزبه «لا يمكن أن يعترض على أي صلاحية تمنح لمكافحة الإرهاب، لكنه لن يقبل بنص يتيح وجود جنود أجانب على أرض تركيا».
وانتقد كليتشدار أوغلو، في كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزبه، الثلاثاء، قبل ساعات من انطلاق مناقشة البرلمان للمذكرة، رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، الذي أعلن أن نواب حزبه سيصوتون بـ«نعم» للمذكرة، قائلاً: «هل سنقول نعم لأحذية الجنود الأجانب التي ستدوس تركيا؟ ومن هم هؤلاء الجنود؟ ومن أي بلد؟ ولماذا ستدعونهم إلى تركيا؟».
وعلق حزب «الشعب الجمهوري» على واجهة مركزه الرئيسي في أنقرة، قبل ساعات من انطلاق مناقشة البرلمان للمذكرة، لافتة كبيرة كتب عليها: «لا نريد قوات عسكرية أجنبية في تركيا».
وكان حزب «الحركة القومية»، وكذلك حزب «الجيد»، الذي تتزعمه ميرال أكشنار، وهو حليف سابق لـ«حزب الشعب الجمهوري»، أعلن أنه سيصوت أيضاً لصالح المذكرة، وبالتالي فإن الموافقة عليها باتت مؤمنة بعد مناقشتها في الجلسة العامة للبرلمان.
ورد بهشلي على كليتشدار أوغلو، خلال كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه قبل انطلاق مناقشة المذكرة، قائلاً: «أنت تعلم جيداً أنه لا يوجد شيء اسمه قوات أجنبية غير شرعية تطأ أقدامها تركيا، وإذا حدث ذلك، فإننا فقط لدينا حياة واحدة لنعطيها، حياة يجب أن تُداس».
ووجه بدوره سؤالاً إلى كليتشدار أوغلو: «هل تؤيد القضاء على الهجمات المستقبلية على بلادنا من قبل جميع المنظمات الإرهابية في سوريا والعراق، والحفاظ على أمننا القومي ضد المخاطر المحتملة الأخرى مثل الهجرة الجماعية؟». وقال: «إذا كان الأمر يتعلق بأمن بلادنا فإن ما لدينا هو أجساد نضحي بها ألف مرة من أجل الوطن».
وتابع بهشلي: «الرئيس الأميركي (جو بايدن)، وأعوانه بيننا، يشكلون تهديداً مركزياً ضد تركيا، ويحاولون عرقلة عملياتها المشروعة والمبررة ضد الإرهاب… وإذا كان لهم مستقبل فإنني أنصحهم ألا ينسوا ما سيرونه، فعاجلاً أم آجلاً، سيحاسبون على إسقاط طائرتنا من دون طيار في شمال سوريا».
وأسقطت القوات الأميركية مسيرة تركيا في الخامس من أكتوبر الحالي أثناء هجوم على مواقع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» بالقرب من قاعدة «تل بيدار»، في ريف الحسكة، التي تستخدمها القوات الأميركية ضمن عمليات التحالف الدولي للحرب على «داعش».
وعُدَّ إسقاط المسيرة التركية بمثابة تحذير أميركي لتركيا بعدم توسيع عملياتها في شمال شرقي سوريا. وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن هذه الحادثة «ستظل عالقة بالذاكرة الوطنية لتركيا، وسيتم الرد عليها في الوقت المناسب».
تصعيد مستمر
في غضون ذلك، استمر التصعيد بين القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، وقوات «قسد»، وبعض المواقع التي توجد بها قوات للجيش السوري في شمال سوريا.
وقصفت القوات التركية والفصائل الموالية، الثلاثاء، بالمدفعية الثقيلة قرى بريف تل تمر شمال غربي الحسكة، تزامناً مع تحركات للفصائل بالقرب من خطوط التماس مع «قسد» في المنطقة.
وردت «قوات مجلس تل تمر العسكري»، التابعة لـ«قسد»، على مصادر القصف، واستهدفت براجمات الصواريخ أكثر من 7 نقاط لـ«الجيش الوطني» في قرى داودية وعريشة وقاسمية ضمن ما يعرف بمنطقة «نبع السلام» الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل، ما أدى إلى وقوع جرحى في صفوف الفصائل، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
كما قصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها بالمدفعية الثقيلة محيط قرى صوغوناكه وأبين وكالوته وبرج قاص بناحية شيراوا بريف عفرين، ضمن مناطق انتشار قوات «قسد» والجيش السوري في ريف حلب الشمالي.
وفي إدلب، استمر التصعيد من جانب القوات السورية والطيران الروسي، الذي شن، فجر الثلاثاء، 10 غارات جوية بصواريخ شديدة الانفجار استهدفت بلدات بريفي إدلب الشمالي والغربي، تنتشر ضمنها مقرات عسكرية لـ«هيئة تحرير الشام»، كما طالت إحدى الغارات أحد المخيمات العشوائية، وأدت لوقوع عدد من الإصابات.