حينما يطلب الأمير النّيجيري النّجدة!

1

 المصدر: النهار العربي

العنود المهيري

العنود المهيري

عندما تتهم اسرائيل الضحايا المدنيين بأنهم ارهابيون!

هذا المقال سيهمك إذا سبق لك تلقي رسالة إلكترونية من “أمير نيجيري” يستنجد لإسعافه ببعض المال حتى يتسنى له الوصول إلى ثروته المهولة. أو إذا بشّرتك رسالة نصية قصيرة بالفوز في سحوبات لم تدخلها أصلاً. أو إذا صادفت الإعلانات لتطبيقات ألعاب ستودع مئات الدولارات في حسابك البنكي بمجرد تسلّيك بها.
أتخيل أنك ضحكت مستهزئاً، متسائلاً من عساه يقع في هذا الفخ الشديد الوضوح حتى يكاد يرفع لافتة تقول “انتبه أيها الأحمق”؟ الوعود والسيناريوات التي تستخدمها هذه الحيل أغرب من الخيال، ناهيك بسوء صوغها، وأخطائها الإملائية واللغوية الفادحة، كأن يكتب المُرسل “أنا بنك، أرسل فلوس”.
فهل ستصدقني لو أخبرتك بأن جعل هذه الحيل “مفضوحة” منذ النظرة الأولى كان غالباً استراتيجية متعمدة ومدروسة، وبأن ثمة من قرر لها أن تكون غير منطقية، وغير معقولة، وغير قابلة للأخذ بجدية؟
نعم، فالهدف هو “التصفية” التلقائية لمن يمتلكون أدنى قدر من الذكاء والنباهة، والتخلّص من صداع شكوكهم وأسئلتهم قبل التورط في المشوار الطويل لسرقتهم. الهدف هو أن تعلق السنارة فوراً بضحية شديدة البلادة، قليلة الانتباه للتفاصيل، وضعيفة الربط بين خيوط الأكاذيب، ضحية لن تستغرب إخطارها بطرود بريدية لم تطلبها، ولن تفكّر قبل مشاركة كلمة السر خاصتها.
ومنذ اندلاع الأحداث الأخيرة في غزة، بت أشعر بأن آلة البروباغاندا الإسرائيلية، من خلال وسائل إعلامها وحساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي، بدأت تبني تكتيك أميرنا النيجيري ذاته.
من وجهة النظر الإسرائيلية، فلقد بات أعسر من أي وقت مضى التحدث إلى العقلاء، وواسعي الاطلاع، والقادرين على الاحتكام إلى المنطق، والتفكير بموضوعية، ثم استمالتهم. فحتى لو نجحت البروباغاندا في جرهم خطوة، وأقنعتهم – مثلاً – بأن الفلسطينيين إرهابيون، فسرعان ما ستتعطل جهودها أمام أشلاء الأطفال، وركام المستشفيات والمساجد والكنائس، وشهادات الرهائن بإحسان معاملتهم، والمعايير المزدوجة.
لا بد من أن السعي مباشرة خلف الأغبياء، بل الأشد غباءً وحماقة وخواءً، أصبح الطريق الأسهل والأجدى أمام البروباغاندا الإسرائيلية.
تارة، تنشر صوراً تنم عن “فوتوشوب” رديء للغاية، ومكشوف للغاية، على وجوه قياديي “حماس”، حتى أنها تصبح مثاراً للسخرية والتهكم، والمطالبة بالانخراط في دورات تدريبية في التزوير. وتارة، تستعين بصور صُممت بالذكاء الاصطناعي للتظاهر بوجود تأييد شعبي كبير للجيش الإسرائيلي، فتظهر أجساد المواطنين المرعبة بـ3 أذرع، و15 إصبعاً. وتارة، تسرّب مكالمة مزعومة بين عضوين من “حماس”، فإذ بلهجتهما أقرب إلى اليديشية من الغزاوية.
وحتى حينما حاولت البروباغاندا كسب جريتا ثونبيرغ، الناشطة المناخية المعروفة، فقد اتهمت “حماس” باستخدام صواريخ مصنّعة من مواد غير مستدامة! إذاً إسرائيل قد حددت هدفها بدقة بين مناصري البيئة أيضاً؛ إنها تريد من تصلّبت أمخاخهم مثل الأشجار التي يبكونها.

 عموماً، لا يستهيننّ أحدكم بالحمقى، أفلا تنص المقولة الشهيرة على أن “الجاهل هو أكثر الناس تعصباً”؟

التعليقات معطلة.