المصدر: النهار العربي
خامنئي وقآني.
A+A-موسى أفشار* يحاول النظام الحاكم في إيران أن ينأى بنفسه عن حرب غزة عن طريق الخداع ونشر الأخبار الكاذبة من جهة، حتى لا يتضرّر من تبعات هذه الحرب، ويبقى أهالي غزة الأبرياء، بخاصة النساء والأطفال، يتحمّلون ذلك ويدفعون الثمن. ومن جهة أخرى يبذل قصارى جهده لاستغلال مكاسب هذه الحرب لمصلحته. هدف النظام من سياسته هو التغطية على أزماته الداخلية المستعصية التي أدّت إلى انتفاضة عام 2022، ومن ناحية أخرى، توسيع هيمنته وسلطته على المنطقة، من أجل الحفاظ على سيادته في طهران. لا یختلف اثنان، لاسیما في المحيطین الإسلامي والعربي، بأنّ قرار البدء بحرب غزة لم یُتخذ في أیة بقعة من المعمورة، سوی طهران، وإن لم یفقه الجمیع تمامًا تلك الأسباب الموجبة التي دفعت نظام الملالي لإشعال هذه الحرب في الذکری الأولی، وشهرها الأول بالتحدید، لانتفاضة ایلول (سبتمبر) 2022 الإیرانیة الشعبیة العارمة المزلزلة التي استمرت قرابة 8 اشهر وأوصلت النظام برمته إلی حافة السقوط. إنّ نظرةً إلى مواقف مسؤولي النظام تُظهر بوضوح دور الملالي في هذه الحرب وخططهم الإجرامية للزحف في المنطقة. وبطبيعة الحال، جزء من هذه الدعاية هو رفع الروح المعنوية لقوات الحرس الثوري، التي فقدت معنوياتها خلال انتفاضة 2022 في إيران وعانت من انهيار شديد، لكنها في الوقت نفسه، تُظهر خطط الملالي الحاكمين في إيران للترويج للحرب. کیف یسعد نظام الملالي بالكوارث في غزة – وإن ذرف دموع التماسیح بغزارة، ولماذا؟اعترافات مسؤولي النظام الإيراني باستغلالهم قتل سكان غزة. ففي كلمة أمام عدد من عناصر النظام في 21 تشرين الثاني (نوفمبر)، أشار قائد قوات الحرس، اللواء حسين سلامي، إلى مخطّطات النظام الإجرامية والغبية للسيطرة على المنطقة، وقال: “من غزة فلسطين إلى الضفة الغربية وإلى لبنان وسوريا وإلى العراق واليمن وإلى أفغانستان وإيران، في كل مكان ترى نمطاً وفكراً وفكرة وقضية واحدة. هذه الوحدة هي واحدة من أهم الإنجازات الأساسية التي تمّ تحقيقها في السنوات الأخيرة… يمكنكم أن تروا بصمات الباسيج (الميليشيات التابعة لقوات الحرس) في شرق البحر الأبيض المتوسط وفي شامات للدفاع عن النواميس المسلمين… اليوم النقطة المحورية للتطورات السياسية في هذه المنطقة هي النظام الإيراني… هذه التعبئة لها نطاق، ومساحة عالمية… الباسيج في الميدان يغيّر المعادلات السياسية ويغيّر أحياناً الخريطة السياسية في العالم… ليس هناك نقطة توقف لهذا التفكير…” (قناة شبكة أخبار النظام –21 تشرين الثاني/ نوفمبر). القائد السابق لقوات الحرس والرئيس الحالي لمجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، قال: “في الأيام المقبلة ستُفتح جبهات حرب جديدة في غزة. يمكن لليمنيين إرسال 500 ألف مقاتل إلى فلسطين”. (وكالة أنباء إيرنا نقلاً عن قناة الميادين – 20 تشرين الثاني/ نوفمبر ). إنّ الملالي، الذين يخشون عواقب تحريضهم على الحرب في المنطقة، ويريدون أن يدفع الشعب الفلسطيني فقط ثمنها بدمائهم وآلامهم، ينكرون باستمرار دورهم. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في اللقاء الأسبوعي مع الصحافيين: “إنّ جماعات المقاومة في المنطقة لا تعمل تحت إمرة إيران لتلقّي الأوامر منها، كما أنّ إيران ليس لديها مجموعات وكيلة في المنطقة لإعطاء الأوامر لهم”. (وكالة أنباء فارس التابعة للحرس– 20 تشرين الثاني/ نوفمبر). لكن بعد احتجاز سفينة رهينة جنوب البحر الأحمر من قِبل قوات الحوثيين التابعة للنظام الإيراني، قال وزير خارجية النظام الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: “لا تزال فصائل المقاومة تتمتع بقدرات كامنة”. (رويترز – 20 تشرين الثاني/ نوفمبر). وقال الملا أعرافي ممثل خامنئي في محافظة يزد الإيرانية: “السؤال الثاني هو أنّ إيران هي المحرّض والعامل الرئيسي في إشعال نار الحرب في فلسطين والمنطقة… إيران تعمل وفق القوانين الدولية وحقوق الإنسان، وفي إطار قواعد صارمة وصحيحة متطابقة مع المعاهدات والاتفاقيات، على التحفيز لمواجهة الظلم، ولا نخشى من ذلك”. (قناة يزد– 18 تشرين الثاني/ نوفمبر). وكتبت صحيفة “رسالت” التابعة لعصابة خامنئي في 16 تشرين الثاني (نوفمبر): “على الرغم من كل جرائم الكيان الصهيوني وآلاف الشهداء الفلسطينيين، هل كان الأمر يستحق ذلك؟”. مئة في المئة… من خلال وضع نفسها في قلب الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، تأمل إيران أن تكون قادرة على كسب موقع القيادة العالمية والتفوق الأخلاقي. بالنسبة لطهران، تأتي حرب إسرائيل في غزة في لحظة مناسبة… وإلى أن يتمّ التوصل إلى حلّ سياسي ذي صدقية، ستلعب إيران دوراً فريدا في القضية الفلسطينية”. وفي 15 تشرين الثاني (نوفمبر)، كتبت صحيفة “سياست روز” التابعة لخامنئي: “إيران الإسلامية تتولّى ريادة حركة المقاومة، ورغم أنّ فصائل المقاومة تتصرّف بشكل مستقل في التعامل مع الكيان الصهيوني واتخاذ القرار بالقتال ضدّها، لكنهم منسجمون مع سياسات إيران وهي تدعم أفعالهم أيضا”. https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.607.0_en.html#goog_4514057790 seconds of 0 secondsVolume 0% وكتبت صحيفة تابعة للنظام تسمّى “اعتماد” في 15 تشرين الثاني (نوفمبر): “تمكنت إيران، باعتبارها أحد اللاعبين الرئيسيين في المنطقة، من التصرّف بطريقة جعلت دورها كلاعب جديد في التطورات الإقليمية مقبولاً من قِبل الحكومات الكبرى”. وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان كتب تغريدة في 22 تشرين الثاني (نوفمبر): “اليوم في بيروت، خلال اجتماع مع مسؤولي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” الفلسطيني، أُطلعت على آخر التطورات في غزة والضفة الغربية والمزيد من التفاصيل حول وقف إطلاق النار الإنساني والسيناريوهات المستقبلية”. نائب رئيس اللجنة القانونية والقضائية في برلمان النظام حسن نوروزي، قال: “جبهة جديدة ستفتح حتماً ضدّ إسرائيل. هذا الموضوع سيحدث قريباً وهو أمر مؤكّد، لكن لا أستطيع أن أقول التفاصيل. (موقع “رويداد 24” في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر). أهداف النظام الحالية من التحريضوقال حسين أميرعبد اللهيان في مقابلة مباشرة على قناة النظام في 17 تشرين الأول (أكتوبر): “كل جهودنا هي ضمان الأمن القومي للبلاد وأمن المنطقة، وكل الإجراءات تتمّ في هذا الإطار… بالنسبة لنا فرصة ليبقى الصهاينة داخل بيوتهم”. مخططات النظام:كتب موقع الدبلوماسية الإيرانية التابع للنظام في 26 تشرين الثاني (نوفمبر): “يجب على جمهورية إيران الإسلامية، باعتبارها قوة إقليمية مؤثرة… أن تسعى إلى ممارسة النفوذ والضغط على الدول العربية في منطقة الخليج. وتشجيعهم على اللعب على الأرضية المشتركة. في الوضع الحالي، أدّى التحريض القوي للرأي العام العالمي ضدّ أعمال إسرائيل المعادية للإنسانية في غزة إلى خلق بيئة مناسبة لإيران للعمل في هذا المجال”. تصرفات النظام قبل بدء الحرب:في 20 حزيران (يونيو)، نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا) عن خبير النظام في شؤون غرب آسيا، هاني زاده قوله: “سنشهد في المستقبل مواجهة جدّية ومشتركة (حرب) بين فصائل المقاومة مع الكيان الصهيوني، وفي الواقع سيتمّ إنشاء جبهة واسعة في المنطقة ضدّ الكيان الصهيوني. وفي هذا الصدد، عقد إسماعيل قآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس، اجتماعات لحلّ الخلافات والتنسيق بين المجموعات التابعة للنظام في المنطقة، لهدفين:أولاً، حلّ بعض الخلافات الميدانية والسياسية، ووضع استراتيجية واحدة لمواجهة العدوان الصهيوني.ثانياً، تشكيل غرفة حرب وجبهة مشتركة من سوريا والعراق ولبنان والأراضي المحتلة ضدّ عدوان الكيان الصهيوني”. نظام الملالي الغارق في أزمات داخلية وغير قادر على حلّ أي أزمات إيران الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كثّف القمع والإعدام داخل إيران خوفاً من الإطاحة به، في الوقت الذي يروّج فيه للحرب في المنطقة. وفي شهر آبان الإيراني وحده، من 23 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 21 تشرين الثاني (نوفمبر)، أعدمت السلطة القضائية في نظام خامنئي ما لا يقلّ عن 106 سجناء. وكثّف الحرس والقوى القمعية الأخرى التابعة للنظام أجواء القمع في كل محافظات البلاد. وفي الواقع فإنّ الحرب الحقيقية التي يخوضها النظام تدور داخل إيران. وعلى حساب فقر وجوع الشعب الإيراني، ينفق النظام مليارات الدولارات لتعزيز قواته القمعية في مختلف محافظات إيران. وقال قائد قوة الشرطة في محافظة سيستان وبلوشستان، حيث يعيش البلوش والسنّة، هذا الأسبوع: “سيتمّ تجهيز وحدات الشرطة في مقاطعة سيستان وبلوشستان بناقلات جند ومركبات مدرعة”. إلاّ أنّ شباب الانتفاضة ووحدات المقاومة في إيران، الذين لعبوا دوراً رئيسياً في الانتفاضة الإيرانية 2022، كثّفوا أنشطتهم الخارقة لأجواء القمع لإشعال انتفاضة جديدة، ويهاجمون مراكز القمع والنهب التابعة للنظام، رغم القمع الشديد والواسع النطاق… واجهت هذه الوحدات والشباب 640 عملية قمع في 83 مدينة إيرانية فقط بين 13 و 18 تشرين الثاني (نوفمبر). *عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية