ما هي الدوافع الحقيقية لتصوير الفيلم الوثائقي “إخفاء صدام حسين”؟

2

بطل الفيلم وأسرته تعرضوا للسجن وملاحقة القوات الأميركية والعراقية واتهمهم الناس بـ”الخيانة”

محمد غرسان  صحافي سعودي 

شهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي في مدينة جدة السعودية خلال الأول والثاني من ديسمبر (كانون الأول) الجاري العرض الأول للفيلم الوثائقي “إخفاء صدام حسين” الذي يتناول قصة اختباء الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بعد غزو العراق.

واختفى صدام آنذاك بعيداً من أعين 150 ألف جندي أميركي، إذ قام الفلاح علاء نامق، البالغ من العمر الآن 50 سنة بإخفاء صدام لمدة 235 يوماً في مزرعة بمدينة الدور قرب نهر دجلة قبل أن تتعقبه القوات الأميركية في عام 2003 وتلقي القبض عليه، ويعدم الرئيس بعد القبض عليه بثلاث سنوات.

وعلى مدى 96 دقيقة، كشف الفيلم التفاصيل الدقيقة التي عاشها الرئيس صدام حسين بعد سقوط حكمه، والتي امتدت إلى ثمانية أشهر، ويوضح للمشاهد من كان يعلم مكان الرئيس صدام خلال فترة اختفائه ومن كان يزوره وكيف كان يخطط ويتواصل مع فصائل المقاومة.

تفاصيل الأيام الأخيرة

ويروي الفلاح علاء نامق في “إخفاء صدام حسين”، تفاصيل الفترة التي قضاها مع الرئيس الراحل، وكيفية عمله خلالها حارساً شخصياً وطبيباً وطاهياً وحلاقاً، وكيف قام بحفر الحفرة التي اختبأ بها صدام حسين أحياناً، وكيف كان يضطر الحاكم العراقي في بعض الأوقات للهرب للجبال للاختباء من القوات الأميركية التي كانت تبحث عنه، والتي رصدت مكافآت مالية مرتفعة لمن يقدم معلومة تساعد في العثور عليه. 

ولم ينسَ علاء نامق التعليق وذكر تفاصيل أحداث سجن أبو غريب والتعذيب الذي لحقه بعد القبض عليه هو والرئيس العراقي الراحل خلال عملية الفجر الأحمر من قبل القوات الأميركية.

أسباب التصوير

وعن أسباب تصوير الفيلم بعد قرابة عقدين من الغزو الأميركي، تحدث المسؤول الأول عن عملية إخفاء صدام حسين وبطل الفيلم علاء نامق لـ”اندبندنت عربية” عن الدافع وراء تصوير الفيلم الوثائقي بعد مرور 20 عاماً “هو أن يحكي تفاصيل القصة، وأن يقول الحقيقة وراء الحفرة كما أنه رد على الافتراءات والأكاذيب التي تم اختلاقها، وأن يضع حداً للاتهامات والضغوط التي طالته، حتى إن كلفه الأمر حياته في سبيل الحفاظ على أسرته وإخوته وأبنائه، ويكون لهم مستقبل أفضل”.

163609.jpeg

 علاء نامق وهو البطل الراوي الوحيد في الفيلم (الفيلم)

وأضاف نامق “كذلك كي تتوقف الاتهامات التي تلاحقنا أنا وأبنائي بوصف الخائن وأبناء الخائن، وكان محتماً أن أقول الحقيقة، وجاءت الآن الفرصة المناسبة من خلال الفيلم الوثائقي”.

معاناة أسرية

وعن المعاناة التي عاشها هو وعائلته قال نامق، إنه تم خطف أخيه لمدة 33 يوماً، وتم وضعه داخل صندوق سيارة، إضافة إلى محاولات طالته لخطفه واغتياله مرات عدة، مؤكداً أن هذه الأحداث المأسوية التي عاشها مع أسرته كانت هي الأخرى من أسباب تصوير الفيلم لإظهار الحقيقة.

وكشف علاء أن عدداً من أقارب الرئيس العراقي الراحل حاولوا تقديم الأموال له من أجل عدم إظهار الفيلم”، معرباً عن ارتياحه لتقديمه ومعبراً عن سعادته باستضافته لحضوره مهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة، مقدماً شكره للقائمين عليه.

الفلاح والرئيس

قام مخرج الفيلم هالكوت مصطفى بإقناع علاء نامق بسرد قصته للمرة الأولى في هذا الفيلم الوثائقي، الذي استغرق صنعه 10 أعوام، وكان من الضروري إحاطته بقدر كبير من السرية، حتى إن الطاقم لم يكن يعرف حقيقة تصوير الفيلم.

اقرأ المزيد
  • هل نجح “إخفاء صدام حسين” في نقل لحظاته الحرجة؟
  • ماذا طلبت إدارة بوش من صدام حسين مقابل إطلاق سراحه؟
  • لبنان يسلم العراق حفيد أخ صدام حسين
  • الكاظمي: شاهدت جثة صدام حسين مرمية جوار بيتي

ويقول المخرج، إن الأهم بالنسبة له هو أن “هذا ليس فيلماً سياسياً إنما هو قصة عن فلاح جاء من طريق الصدفة ليكون الشخص الذي أخفى صدام حسين، حاولت خلاله أن أحكي القصة من منظور إنساني بين الفلاح والرئيس، وآمل أن يسلك الفيلم الطريق الصحيح”.

وأكد هالكوت “أنه قضى 10 سنوات في تصوير الفيلم “بسبب المشكلات السياسية في العراق وتغلغل تنظيم (داعش) في عام 2014 لذلك كان علينا الانتظار لمدة تقريبية من أربعة إلى خمسة أعوام لإكمال الإنتاج، لكن الآن نحن سعداء لتقديمه في مهرجان البحر الأحمر السينمائي بجدة”.

العثور على البطل

وعن طريقة العثور على المزارع الذي أخفى صدام حسين 235 يوماً، أوضح هالكوت مصطفى بالقول “بدأت الرحلة عندما حصلت على معلومة وتأكيد على شخصية علاء نامق من صحيفة واشنطن بوست عام 2012 حينها أتيحت لي الفرصة لتعقبه، وبعد العثور عليه قضيت سنتين أحاول إقناعه بتصوير الفيلم”.

وتابع مخرج الفيلم “عندما التقيت علاء لأول مرة كان لا يزال يعيش تحت تأثير سجن أبوغريب، وما عاشه من تعذيب خلال سجنه، ولهذا السبب حاولت أن أشعره بالارتياح قبل كل شيء”.

معوقات وتحديات

وعن المعوقات التي عاشها هالكوت في تصوير الفيلم قال “كانت التحديات كثيرة، ولكن التحدي الأبرز كان كيف يمكن أن نصنع فيلماً على نحو سري، حتى المصور لم يكن يعلم ماذا نسجل”.

وسرد المخرج في حديثه أنه من ضمن التحديات كان كيفية التعامل مع المواد التصويرية، إضافة إلى موقع التصوير وهي المزرعة التي اختبأ بها الرئيس الأسبق، التي كانت جهة معروفة لدى الاستخبارات الأميركية، ولاحقاً استولى عليها تنظيم “داعش” لسنوات، وكذلك جائحة كورونا التي أعاقت مرحلة التصوير لفترة طويلة.

التعليقات معطلة.