اخبار سياسية

موسكو تكثّف نشاطها في ليبيا شرقاً وغرباً… وتثير حفيظة واشنطن

الجنرال الليبي خليفة حفتر مستقبلاً نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف.

يبدو أن الصراع بين واشنطن وموسكو سيحتدم خلال الأيام المقبلة على الساحة الليبية، وسط مساع من روسيا لتعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي في شرق ليبيا وتمديده إلى غربها في مواجهة خطوات أميركية لتطويق هذا النشاط. وخلال الأسبوع الماضي، كان لافتاً تسخين موسكو قنواتها الدبلوماسية مع معسكري الشرق والغرب بشكل متواز، ما عُد رسالة مفادها أنه يجب عدم تهميش الحضور الروسي في المحادثات الدولية لحلحلة الأزمة الليبية. تحركات ولقاءات ميدانيةوعشية زيارة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف مدينة بنغازي (شرق ليبيا)، ولقائه قائد الجيش الوطني خليفة حفتر، كان رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، أحد القيادات الحاكمة في الغرب الليبي، والمعروف بقربه من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، يزور العاصمة الروسية ويعقد لقاءات مع كبار مسؤوليها. زيارة يفكيروف الثانية لبنغازي خلال أقل من ثلاثة أشهر، والثالثة خلال عام، جاءت وسط معلومات عن محادثات روسية لإنشاء قواعد عسكرية وبحرية في شرق ليبيا وجنوبها، نفتها مصادر عسكرية أكدت لـ”النهار العربي” أن التعاون بين موسكو و”الجيش الوطني” بقيادة حفتر يقتصر على التدريب والاستشارات العسكرية، بالإضافة إلى تحديث المعدات التي تستخدمها القوات، خصوصاً منظومات الدفاع الجوي والطيران، فيما اكتفى بيان رسمي بالقول إن لقاء حفتر المسؤول الروسي والوفد المرافق له “ناقش سبل التعاون المشترك بين البلدين”. وفي غضون ذلك، كان تكالة يجري محادثات سياسية واقتصادية استمرت ثلاثة أيام في العاصمة الروسية التي وصل إليها قادماً من الولايات المتحدة. ووفقاً لبيان رسمي، فإن رئيس المجلس الأعلى للدولة ناقش مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف “الأوضاع السياسية في ليبيا، وسبل حل الأزمة الحالية، وكسر الجمود السياسي عبر الانتخابات، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط”.“خريطة طريق” لتعزيز التعاونوكشف بيان أعقب لقاء جمع تكالة ورئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين عن “خريطة طريق لتعزيز التعاون”. وشدد فولودين خلال اللقاء على أنه “يجب القيام بكل شيء لضمان أن يكون الحوار على أساس منهجي مستدام، بحيث تتطور العلاقات، ليس فقط في إطار التعاون بين مجموعات الصداقة أو الزيارات لمرة واحدة، ولكن أيضاً على مستوى اللجان والهيئات ذات الصلة”، مؤكداً أن العلاقات بين البلدين “ذات جذور عميقة وقد دافعنا دائماً عن التعاون مع ليبيا. التعاون يستند إلى مبادئ الصداقة والتعاون المتبادل المنفعة وغياب المعايير المزدوجة، وكذلك عدم التدخل في الشؤون السيادية للدول المستقلة”. وقال تكالة إن زيارته لروسيا تساهم في تعزيز الصداقة بين البلدين. واقترح “إنشاء مجموعة اتصال مع مجلس الدوما لتنسيق عمل البرلمانيين، ونعتقد أن البرلمان يجب أن يكون له تأثير معين على السلطات التنفيذية، وعلى الحكومات لتبني مشاريع قوانين معينة”، الأمر الذي وافق عليه فولودين، مؤكداً “البحث عن أشكال جديدة وأكثر فعالية للتعاون”. تعقيدات أميركية وروسية في ليبياالمحلل السياسي الليبي صلاح البكوش رأى أن استراتيجية موسكو تعمل على إظهار تمتعها بعلاقات مع الأطراف الليبيين كافة والتعامل معهم، وليس مع معسكر الشرق فقط، وبالتالي يجب أن يكون لها دور في مفاوضات الحل السياسي الليبي. وأوضح لـ”النهار العربي” أن “علاقات روسيا متينة بحفتر وكذلك بسيف الإسلام القذافي، وعينها على الأطراف الرئيسية في الغرب الليبي”. لكنه لفت إلى أن الولايات المتحدة لن تسمح بتوسيع النفوذ الروسي في ليبيا، متوقعاً “استمرار مراوحة الأزمة الليبية محلها في حال ظلّت المعسكرات المحلية تعتمد على استدعاء الأطراف الدولية لتقوية نفوذها في الداخل والحفاظ على مقاعدها”. واستبعد البكوش أن تلعب موسكو دوراً اقتصادياً في ليبيا في ظل الأزمة التي تمر بها، كما أن موسكو لا تمتلك الإمكانات الاقتصادية الضخمة التي تمكنها من لعب أدوار خارجية، ربما تنافس فقط على بعض المشاريع، خصوصاً النفطية، وبالفعل الشركات الروسية لها حضور في ليبيا، لافتاً إلى أن زيارة نائب وزير الدفاع الروسي لبنغازي “تأتي في إطار تحركات الرجل لإعادة هيكلة مجموعات فاغنر الموجودة في أفريقيا… ليبيا مهمة بالنسبة إلى روسيا باعتبارها بوابة لتمديد نفوذها في القارة السمراء”.  وكانت الخارجية الأميركية قد حذرت على لسان ناطقها الرسمي نيد برايس من أن “مرتزقة فاغنر شبه العسكرية الروسية يمثلون عنصراً ضاراً في ليبيا، إذ ينهبون البلدان التي يكونون فيها ويعرضون الأمن العام للخطر، متسببين في عدم احترام حقوق الإنسان”، لافتاً إلى أن السلطات الروسية تعمل على إنشاء فيلق عسكري روسي في أفريقيا سيعمد إلى إجراء عمليات عسكرية واسعة النطاق في القارة لمواجهة النفوذ الغربي. وشدد على ضرورة مغادرة كل القوات الأجنبية النشطة في ليبيا، بما فيها المرتزقة الروس.