“أجسادنا هنا وأرواحنا هناك”، هكذا عبر الشاب المغترب إبراهيم وليد المقيم في بلجيكا، بعد تعذر وصوله لذويه في قطاع غزة والاطمئنان عليهم بسبب توقف الاتصالات والإنترنت، وهي المرة الخامسة التي ينقطع فيها اتصال غزة بالعالم منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية في بيان لها، مساء الخميس، توقف شبكات الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة بسبب قصف الجيش الإسرائيلي للخطوط الرئيسة.
كما أشارت في وقت سابق، إلى أن القصف الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة أضر بالبنية التحتية للشركة، ودمر العديد من أبراج الإرسال الرئيسة ومقاسم لشبكات الإنترنت؛ ما أثر بشكل كبير على مستوى جودة خدمات الاتصالات والإنترنت في غزة.
قلق على حال الأهل
يقول الشاب وليد الذي تسكن عائلته في منطقة تل الزعتر شمال قطاع غزة لـ”إرم نيوز”، إن “والدته وعدداً من شقيقاته نزحنَ في منطقة النصيرات وسط القطاع”، مشيراً إلى أنه كان يعاني في التواصل معهنَّ خلال الفترة الماضية بسبب عدم توفر الإنترنت لديهن بشكل دائم، وصعوبة إجراء الاتصالات.
وأضاف: “لكن مع انقطاع الاتصالات والإنترنت بشكل كامل يصبح القلق على سلامة ذويه أضعافاً مضاعفة، حيث لا وسيلة متاحة للاطمئنان على ذويه، في ظل القصف المستمر على مناطق واسعة في قطاع غزة”.
وتابع: “أخي ما زال في منطقة شمال قطاع غزة، ومنذ أيام نحاول الاتصال به دون جدوى، حتى قبل توقف الاتصالات بشكل كامل”، لافتاً إلى أن رحلة الاطمئنان على أهله في غزة أصبحت تستنزفه بشكل كبير لأنها مهمة شاقة بسبب الصعوبات في الاتصالات.
وبالنسبة لإبراهيم فإن انقطاع الإنترنت يتسبب في توقف النشر أو انخفاضه بشكل ملحوظ على منصات وسائل الإعلام الفلسطينية التي يتابعها، ما يجعله في حالة قلق دائمة حول سلامة أهله وذويه.
فوبيا العزلة
ويستخدم عدد قليل من الفلسطينيين في قطاع غزة، خطوط اتصالات إسرائيلية تتيح لهم الاستفادة من خدمات الإنترنت والاتصالات بشكل محدود، لكنها تواجه مشكلات بسبب عدم تغطية هذه الشبكات إلا للمناطق القريبة من الحدود.
بدوره، يقول الشاب ماهر أحمد الذي يقيم في مصر، والذي غادر قطاع غزة قبل أيام من الحرب للالتحاق بدورة تدريبية، إن “انقطاع الاتصالات والإنترنت ارتبط في ذهنه بنية الجيش الإسرائيلي القيام بعمليات قصف ومجازر واسعة في غزة”.
ويضيف” أن “كل مرة ينقطع فيها الإنترنت والاتصالات عن قطاع غزة أعيش فوبيا أن يكون أهلي قد أصيبوا بأي مكروه بسبب القصف”.
وتابع: “هل يعقل أن يكون منطقياً في عام 2023 أن لا يحظى أب بالحديث لدقيقة بمكالمة فيديو مع ابنته وزوجته”، مشيراً إلى أنه يحاول أن يبحث عن أي شخص متصل بالإنترنت في غزة خلال فترة الانقطاع للوصول إلى ذويه.
صبر ينفد
أما الشابة كريمة سالم، التي تقيم في ألمانيا بعد أن حصلت على منحة دراسية، قبل عامين، فتحاول أن تحصل عبر قائمة أصدقائها في حسابها على فيسبوك على معلومات بشأن عائلتها التي نزحت من خانيونس إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بعد أن تعرضت المدينة لعدد من الغارات.
وتقول كريمة: “عائلتي نزحت إلى منزل في منطقة تل السلطان غرب مدينة رفح، وتعرض الحي للقصف، لكن ليس لدي أية معلومات بشأن عائلتي”.
وتضيف: “كنت أتصل أكثر من مرة يومياً للاطمئنان على عائلتي وهذا كان يصبرني قليلاً، لكن الآن لا أجد أية وسيلة للتحدث مع والدتي ووالدي، وهذا يجعلني في توتر مستمر بشأن سلامتهم”.