قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري في اجتماعها، الخميس، الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوي 19.25%، 20.25% و19.75% على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 19.75%.
ولم يعلن البنك المركزي المصري عن أي قرار جديد بشأن تحرير سعر الصرف الرسمي في البنوك المصرية، وتعويم جديد للجنيه، في الوقت الذي وصل فيه سعر الدولار الأمريكي إلى أرقام غير مسبوقة في السوق السوداء ليتخطى 50 جنيهاً، فيما يقل سعره الرسمي عن 31 جنيهاً بالبنوك المصرية.
من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية الدكتور محمد البنا، أن قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري فيما يتعلق بتثبيت سعر الفائدة يرتبط ذلك بمعدلات التضخم في مصر بالمقارنة بمعدلات التضخم في الشركاء التجاريين.
تراجع التضخم
وقال البنا لـ24: “ما حدث أنه في مصر معدلات التضخم بدأت تنحسر، وفي الخارج استطاع الاقتصاد الأمريكي أن يحجم الاتجاهات التضخمية، ومن ثم اتجه إلى تثبيت سعر الفائدة، ومن الممكن أن يتجه إلى تخفيضها قريباً، وذلك بسبب انحسار الموجة التضخمية”.
وأضاف: “ومن الممكن أن يكون البنك المركزي المصري ثبت سعر الفائدة على أساس أنه يمكن التحكم في المعروض النقدي وفي السيولة النقدية بأدوات أخرى للسياسة النقدية، إذا كان هناك حاجة إلى ضبط المعروض النقدي والسيولة في المجتمع، ليس بالضرورة يتم الاعتماد على سعر الفائدة لمكافحة التضخم وضبط الاتجاهات التضخمية وتقليل المعروض النقدي والسيولة النقدية، هناك أدوات أخرى لدى البنك المركزي مثل نسبة الاحتياط النقدي ومعدل السيولة إلى آخره، وهذا تفسير لقرار ثبات سعر الفائدة”.
مخاوف تحرير سعر الصرف
وتابع: “أما فيما يتعلق بتحرير سعر الصرف الأجنبي، فنظام سعر الصرف الأجنبي الرسمي في مصر هو أنه سعر صرف حر، ومحاولة ضبط التقلبات لسعر الصرف في السوق، مراعاة لاعتبارات اقتصادية واجتماعية تكون بشكل مؤقت من خلال إجراءات خاصة بتنظيم الواردات، والحد من الطلب على النقد الأجنبي لأغراض ليست أساسية، وفرض رسوم جمركية، التدخل في هذه المرحلة يأتي نتيجة المخاوف من ترك سعر الصرف للسوق الحرة”.
وأكمل: “ولا تزال هناك ضغوط على مصادر البلاد من النقد الأجنبي، فقدرة مصر التصديرية غير النفطية لا تزال محدودة، وبالتالي هذا كان مصدراً مهماً جداً من مصادر الدخل، أيضاً مخاوف من تأثر السياحة القادمة إلى مصر ومن ثم تأثر حصيلة مصر من النقد الأجنبي عن طريق السياحة تتأثر، ربما المورد المستقر إلى حد ما هو إيرادات قناة السويس، وكذلك تحويلات المصريين العاملين بالخارج”.
ظاهرة الدولَرة
وأشار أستاذ الاقتصاد، إلى أن موارد مصر من النقد الأجنبي عموماً بالنسبة للصادرات السلعية والخدمية غير النفطية، لا تزال متأثرة بالإجراءات والأوضاع الاقتصادية العالمية والداخلية غير المواتية، في نفس الوقت هناك طلب كبير على الواردات، ولو استطاعت الحكومة المصرية أن تنظم الطلب النظامي على الواردات، فلن تستطيع بشكل كبير أن تضبط الطلب على الصرف الأجنبي للأغراض الأخرى، سواء المشروعة أو غير المشروعة، لأسباب أخرى غير تمويل الواردات، مثل أن يكون مخزناً للقيمة، وهي ظاهرة يطلق عليها ظاهرة “الدولَرة”.
واستطرد “كما أنه هناك اعتبارات المضاربة في مثل هذه الظروف، ممكن يحصل نوع من المضاربة لتحقيق أرباح ريعية من حيازة وبيع النقد الأجنبي، فالظروف غير مواتية في الوقت الحالي لتحرير سعر الصرف بشكل كامل في مصر، والتأجيل كان متوقعاً ليس فقط الظروف الاجتماعية وما سيؤدي إليه من ارتفاعات كبيرة في المستوى العام للأسعار وانعكاساتها على الاستقرار الاجتماعي، وإنما لاعتبارات اقتصادية بحتة أيضاً”.
دعم خارجي
واختتم البنا “لكن من المتوقع مع تزايد احتمالات حصول مصر على دعم خارجي، سواء من المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، أو مؤسسات التمويل والتنمية الإقليمية أو من الدول الشقيقة أو حتى الدفع قدماً لبرنامج الأطروحات أو الخصخصة وتشجيع عملية الاستحواذ، إذا نجحت كل هذه الأمور وحققت مصر رصيد كافي من النقد الأجنبي يزيد من احتياطات النقد الأجنبي يوسع قدرة البنك المركزي على ضبط سعر الصرف الأجنبي في حدود معينة، في هذه الحالة من الممكن جداً يسمح بتحرير سعر الصرف الرسمي صعوداً وهبوطاً، وسيكون حينها لدى البنك المركزي المصري أرصدة يستطيع من خلالها أن يتدخل إذا وجد أن هناك فجوة كبيرة بين المعروض من النقد الأجنبي والطلب على النقد الأجنبي”.
تثبيت الفائدة متوقع
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد شوقي، أنه ليس هناك علاقة بين التعويم وتثبيت أسعار الفائدة، هنا بنتحدث عن أداء العملة المصرية، وهنا نتحدث عن أسعار العائد على الجنيه، فالعلاقة هنا غير موجودة بالأساس.
وقال شوقي لـ24: “قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بتثبيت سعر الفائدة كان متوقعاً من أغلب الخبراء والمحللين الاقتصاديين، وأنا شخصياً توقعت ذلك منذ فترة، فرفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى زيادة في أعباء الدين، فأعباء الدين تمثل 38% من الموازنة العامة المصرية”.
وتابع “كما تم استخدام أداء سعر الفائدة لاحتواء التضخم، هل تم احتواء التضخم؟.. نعم ما تم خلال الفترة الماضية ادى لاحتواء التضخم حتى لا يصل إلى 40% وبدأ ينخفض بشكل نسبي إلى أن وصل إلى 35.8%، وهذا الانخفاض شبه قليل ولكن حين رفعت الفائدة لم تؤثر بشكل واضح أو كبير على معدلات التضخم”.
أضرار رفع الفائدة
وأضاف “بالإضافة إلى أن رفع سعر الفائدة كان سيؤثر على الأعباء لتمويلية أو التكاليف التمويلية للشركات والمؤسسات العاملة داخل الدولة، وبالتالي سيؤثر في معدلات النمو، وبالتالي رفع الفائدة في هذه الفترة لن يكون له تأثير كبير على الاقتصاد المصري وليس هناك ما يستدعي رفع الفائدة، وأرى أن قرار اللجنة بتثبيت سعر الفائدة قرار صائب، ونتمنى في الفترة المقبلة أن يكون هناك احتواء أكبر في معدلات التضخم على مستوى السياسات النقدية والمالية”.
مخاطر التعويم
وشدد شوقي، على أن أي قرار بتعويم الجنيه في هذا التوقيت ليس قراراً صائباً، فمصر تستورد 1.8 مما تصدره، وهذا يعني عجزاً في الميزان التجاري داخل ميزان المدفوعات، كما أن أكبر مكون للتضخم في مصر الآن هو انخفاض سعر الجنيه، حين يخفض مرة أخرى سيرتفع التضخم مجدداً بعد أن بدأ في الانخفاض.