{الابعاد السياسية للغارة الامريكية على بغداد}

1

حسن فليح /محلل سياسي

لسنا بصدد ماذا فعلت الغارة الجوية بالطائرات المسيرة لمقر الحشد الشعبي في منتصف العاصمة بغداد ، وانما نحن الان بصدد القراءة التحليلية للرسائل السياسية لها والدلالاتها الفعلية وتداعيتها على مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق، حيث جائت العملية لتؤكد ان الامريكان تجاوزو مرحلة التحذيرات والانتقال الى مرحلة المواجهة والاستهدافات المباشرة للقيادات ، وهذا يعني من المنظور السياسي لتلك العملية انها لم تأتي كردت فعل لاستهداف اهداف واماكن لمواقع امريكية بقدر ان المرحلة والعلاقة مع بغداد اصبحت على المحك اكثر من اي وقت مضى طيلة العشرين عاما الماضية ، بدليل ان البيان الامريكي وصف العملية بأنها دفاع عن النفس ، وهذا يدفعنا بالعودة الى الرسالة التي بعث بها الرئيس الامريكي بايدن الى الكونكرس بعد استهداف جرف الصخر بغارة جوية ، حيث اشار برسالته ان الاستهداف جاء على اساس قانوني يعتمد على قرار مجلس الامن من الفصل السابع الفقرة 51 التي تؤكد السيادة المطلقة للولايات المتحدة على العراق ، وهذا يدلل ليس هناك التزام بقواعد الاشتباك من قبل امريكا بعد الان وانها تعدت مرحلة الفعل وردات الفعل أي ضربة بضربة كما هو الحال في السياقات العسكرية ، وبهذا تكون الولايات المتحدة قد اطلقت لنفسها العنان باستهداف من تريد استهدافة بالوقت والزمان الذي تريده وتحت غطاء قانوي يؤهلها ويمكنها ان تفعل ماتريد ، كما ان ذلك يشير من الناحية السياسية ان حكومة بغداد لم تعد حليفة للولايات المتحدة في الجانب السياسي والامني ، وان الاحداث المتعاقبة بمجملها اخلت الى حد كبير بالاتفاقية الامنية الاستراتيجية الموقعة بين بغداد وواشنطن، وحديث السيد المالكي الاخير الذي ينصح به الامريكان بقوله “ان الشعب العراقي لن يسمح بوجود قوات امريكية على ارضة” والذي جاء قبل ايام من تلك العملية ، الامر الذي يؤكد بوضوح عن مدى تدهور تلك العلاقة التي اصبحت على مفترق طرق ومن الصعب اعادتها وترميمها وان القادم اسوأ بكثير مما تقدم ، خصوصا بعد فشل حكومة السيد السوداني من ضبط الفصائل وتحركاتها التي اوصلت العلاقة الى طريق مسدود ، وان من تداعيات تلك العملية دفعت بالسيد رئيس الوزراء الى القول “ان مبررات تواجد القوات الامريكية قد انتهت” وبذلك اصبحت العلاقة معقدة ولم يعد امامها مجال لتفادي ماهو مخطط لها من قبل الامريكان بالمستقبل القريب ، وربما يطال الاستهداف القادم الخط الاول من القيادات ولن يقف عند حدود قيادات الخط الثاني والثالث ، وهذا يدلل ان العراق امام سيناريوهات متعددة تجعل من البلاد على اعتاب مرحلة جديدة من الصراعات والتوجهات سواء كانت على الصعيد الداخلي والاقليمي وخصوصا بما يتعلق الامر بأيران وما تخطط له قبالة ماتخطط له الولايات المتحدة وبريطانيا بالصراع حول الرهان على العراق .

التعليقات معطلة.