السعيدي بعد العاروري… قواعد اشتباك جديدة تتحدى “وحدة الساحات”؟

1

مشتاق طالب السعيدي "أبو تقوى".

بعد ثلاثة أيام من مقتل الرجل الثاني في حركة المقاومة الاسلامية “حماس” صالح العاروري مع ستة من رفاقه في ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، قضى نائب قائد “عمليات حزام بغداد” في الحشد الشعبي “أبو تقوى” السعيدي في هجوم أميركي بطائرة مسيرة أطلقت أربعة صواريخ على مقر “حركة النجباء” في قلب بغداد.  وترامنت العمليتان مع الذكرى السنوية الرابعة لمقتل قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وهما تبدوان تحدياً لاستراتيجية “وحدة الساحات” التي اكتسبت زخماً منذ عملية “طوفان الأقصى”، وتنؤشران لقواعد اشتباك جديدة في المنطقة.  ومشتاق طالب السعيدي “أبو تقوى” هو أحد أهم قيادات “حركة النجباء”، وله ثقله في “الحشد الشعبي”، وكان مقرباً من أبو مهدي المهندس. و”النجباء”  من أبرز الفصائل العراقية المرتبطة بإيران في العراق، وأدرجتها واشنطن عام 2019 في قائمة “المنظمات الإرهابية”.     

  ويقول الباحث مايكل نايتس في تقرير له بموقع “معهد واشنطن” أن “حركة حزب الله النجباء” كانت أكثر فرق المتطوعين العراقية نجاحاً وأكثرها أهمية (إلى جانب “كتائب حزب الله”) في الحرب السورية خلال المعارك الكبرى في حلب عام 2015. وهناك قناعة واضحة وراسخة بأنها تابعة لفيلق القدس الذي يمولها جزئياً. وتُظهر غالبية الأدلة أن إيران تزود الحركة بالمساعدة المالية والعسكرية وتتشارك معها معلومات استخباراتية، فضلاً عن مساعدتها في اختيار قيادتها ودعمها والإشراف عليها”. قواعد اشتباك جديدةوأكد مسؤول في البنتاغون مسؤولية واشنطن عن مقتل السعيدي. وقال في بيان: “نُفّذت هذه الضربة دفاعاً عن النفس. لم يتعرّض أي مدنيين لأذى. لم يجر ضرب أي بنى تحتية أو منشآت”.وأضاف أنها استهدفت قائد حركة النجباء الذي “تورّط بشكل نشط في التخطيط لهجمات ضد العناصر الأميركيين وتنفيذها”. وتأتي هذه العملية في أعقاب سلسلة هجمات نفذتها الميليشيات المدعومة من إيران على مواقع انتشار القوات الأميركية في كل من العراق ومناطق شمال وشرق سوريا، ردا على ما تقول إنه لنصرة قطاع غزة.   ورغم أن واشنطن ردت على بعض من الهجمات على قواعدها، إلا أن ثمة ما يوحي بأنها قد تكون غيرت قواعد اشتباكها.  ويلفت مدير مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إلى أن واشنطن استهدفت في السابق مقرات للسيطرة والتحكم ومخازن للسلاح، إلا أنها المرة الأولى تستهدف قيادات من المستوى الثاني لهذه الفصائل المسلحة. ولهذا التغيير أسباب عدة  أولها برأيه أن واشنطن باتت مدركة أن حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عاجزة عن كبح جماح الفصائل لذلك تحركت بنفسها. ويشرح الخبير الأمني أحمد الشريفي أن واشنطن لم تكن ترغب في حصول اشتباك مباشر بينها وبين الفصائل، وقد راهنت على حكومة السوداني لتولي المهمة، لكن فشل هذه الحكومة في التزاماتها في تبديد التهديد للوجود الاميركي والمصالح الاميركية حوّل الصراع الى مواجهة مباشرة، مشيراً إلى أن السفيرة الاميركية طالبت في لقاءات مع السوداني بأن يوقف مثل هذه الاعتداءات بالصلاحيات الممنوحة له دستورياً ويفي بتعهداته عدم المساس بالمصالح الاميركية. ولكن فشله أدى إلى تحول نمط الاشتباك من غير مباشر الى مباشر. وسارعت حكومة السوداني على لسان الناطق باسم القوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، إلى القول إن الهجوم “اعتداء مماثل للأعمال الإرهابية”، وحمّل التحالف الدولي مسؤولية الضربة. وعلى هذه الخلفية، يقول الشريفي إن السوداني يواجه الخيارات الصعبة، بين الاصطفاف مع الفصائل والاخلال بالالتزامات حيال أميركا، وبين الانحياز إلى الولايات المتحدة والاشتباك مع الفصائل. في تقديره، سيؤدي الضغط على السوداني الى اصطفافه مع الفصائل “لأن الائتلاف الذي جاء به هو موال لايران”. التحول الكبير الذي حصل يكمن في استراتيجية الرد العنيف الذي بدأته واشنطن برأي الشمري، ويوجه رسالة واضحة أنها قادرة على الوصول الى قيادات الصف الأول. ويبدو واضحاً التماهي مع استراتيجيا الاغتيالات التي تعتمدها اسرائيل ضد خصومها والتي تجلت أخيراً في اغتيال صالح العاروري، وهو ما سيمثل تحدياً كبيراً للفصائل المسلحة ولوحدة الساحات. ويرى  الشريفي أن كل المؤشرات تدل على أن المرحلة المقبلة ستشهد عمليات نوعية جوية تنفذها الولايات المتحدة باسناد من التحالف الدولي أو حتى اسرائيل، بضرب منظومة القيادة والسيطرة، سواء لحماس في غزة أو لقيادات في العراق وسوريا ولبنان، قائلاً: “نحن أمام متغيرات كبير جداً متوقعة في الايام المقبلة”.  وكما  بالنسبة إلى المعقل الشعبي لـ”حزب الله”،  شكل استهداف السعيدي خرقاً أمنياً كبيراً للمنظومة الأمنية لقيادة مهمة أوكلت لها مهمة استهداف القوات الاميركية. وليس خافياً الشبه الكبير من حيث آلية التنفيذ (درون وصواريخ موجهة) ونوعية الهدف، وبين الاغتيالات التي تحصل في لبنان والعراق وسوريا، بحسب الخبير الأمني. 

التعليقات معطلة.