الصراع في العراق لن يتوقف مادامت الحرب في غزة مستمرة

1

متصاعد وغاضب هو الموقف الرسمي لحكومة بغداد ازاء الهجوم الذي نفذته طائرة مسيرة أمريكية في بغداد اليوم والذي استهدف مقرا تابعا لاحد فصائل الحشد وتحديدا حركة النجباء.

بيان المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة وصف الهجوم بانه “عمل لا يختلف عن الاعمال الارهابية، ويقوض جميع التفاهمات ما بين القوات المسلحة العراقية وقوات التحالف الدولي، وهو بعيد عن روح ونص التفويض والعمل الذي وجد من أجله التحالف الدولي في العراق”.

اما بيان الخارجية العراقية فقد وصف الهجوم بانه “سافر وتصعيد خطير وان العراق يحتفظ بحقه باتخاذ موقف حازم وكل الإجراءات التي تردع من يحاول المساس بأرضه وقواته الأمنية.”

ان ماحدث اليوم صعب كثيرا مهمة حكومة بغداد وموقفها الذي حاولت كثيرا التمسك خلال الأشهر الثلاثة الماضية في اتباع سياسة الاحتواء وتجنب التصعيد بين القوات الأمريكية وفصائل المقاومة التي ما انفكت تستهدف الاماكن التي تتواجد بها قوات أمريكية داخل العراق، على خلفية الحرب في غزة والتي أنهت حالة الهدوء الموقت التي شهدتها البلاد منذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني في اكتوبر مو العام 2022.

عراقيا فان الموقف آخذ في التصعيد، سياسيا وأمنيا. وهذا الهجوم جاء ليزيد الوضع العراقي احتقانا تجاه استمرار بقاء قوات أمريكية في العراق حتى وان كانت تحت عنوان التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة في العراق.

فصائل المقاومة العراقية توعدت بالرد وبالذات حركة النجباء التي طالها القصف والتي قالت على لسان احد قيادييها ان “لا قواعد اشتباك بعد اليوم، وان ردنا لن يطول ولن يتوقعه الأمريكان”. موقف زادت عليه هيئة الحشد الشعبي بالإعلان عن جاهزيتها “لتنفيذ أي أمر من رئيس الوزراء محمد السوداني يحفظ سيادة العراق ووحدة أراضيه وسلامة أبنائه”.

السوال الان: ماذا بعد هذا الهجوم؟ وكيف يمكن أن نتصور سيناريو ماقد يحدث عراقيا، خاصة وان مسببات هذا الوضع لا تزال قائمة ومتصاعدة، وهي الحرب في غزة.

اكثر المواقف وضوحا والذي يمكن من خلاله ان نتصور السيناريو القادم للموقف الرسمي العراقي، هو ما أعلنه زعيم حركة عصائب الحق الشيخ قيس الخزعلي الذي قال ان بيانات الادانة والاستنكار لم يعد لها جدوى وان على حكومة بغداد اتخاذ “خطوات حاسمة” لانهاء تواجد قوات التحالف الدولي وباسرع وقت.

هذا الموقف قد يدفع قوى الإطار إلى الدعوة لعقد جلسة طارئة للبرلمان من اجل اصدار موقف برلماني يدعو حكومة بغداد إلى العمل من اجل انهاء تواجد القوات الاجنبية في العراق، على غرار ماحدث في كانون الثاني يناير من العام 2020.

لكن هذا الموقف، حتى وان تحقق، فانه لن يكون كافيا لبعض فصائل المقاومة وخاصة حركة النجباء التي تسبب القصف بمقتل اثنين من قيادييها، وفصائل اخرى مثل كتائب حرب الله التي قالت ان قوات التحالف الدولي في العراق “وبالذات الأمريكية باتت قوات عدوة” ويجب اخراجها.

واضح جدا ان الرد المسلح قادم، وانه لن يكون بمستوى وتيرة الهجمات السابقة، بل اقوى واعنف. وهذا يعني ان الموقف داخليا سيزداد سخونة وسيضع حكومة بغداد في موقف صعب وهي التي لا تزال تعمل جاهدة على تجنيب الارض العراقية في ان تكون ساحة للصراع المسلح وعدم التضحية بما حققته خلال الفترة الماضية.

لا نكشف سرا ان قلنا ان بعض فصائل المقاومة العراقية التي تومن بخيار القوة، جاهزة للرد بما يتناسب وماحدث اليوم. هذه القوى تؤمن ان سياسة اظهار القوة قد تكون سببا في ردع الامريكان في تكرار هكذا عمليات. لكن هذا الموقف يعارضه طرف آخر، يرى ان التصعيد سيدفع الطرف الأمريكي إلى تكرار عملياته هذه في استهداف قادة جدد وهذا يعني فتح آفاق الصراع على مديات جديدة قد يكون من الصعب احتواءها مستقبلا وقد يضع الحكومة والبلاد امام استحقاقات سيكون من الصعب جدا مواجهتها.

مستقبل هذه المواجهة محتدم ومتصاعد. وهذا الصراع لن يتوقف مادامت الحرب في غزة مستمرة. ومحاولات تجنيب الارض العراقية لكي لا تكون ساحة لهذا الصراع قد لا يكتب لها النجاح.

التعليقات معطلة.