“بسمة” لدعم الأسر الأكثر حاجة… تحديات متزايدة والرسالة مستمرة

1

تعبيرية

تزيد التحدّيات منذ بداية الأزمة أمام كافة الجمعيات والمنظمات التي تعمل على تقديم الدعم والمساعدة لمن هم أكثر حاجةً لها. إذ يعلم الجميع انّ الحاجة قد زادت مع ارتفاع معدلات الفقر في لبنان وتراجع الوضع المعيشي لنسبة كبرى من المواطنين، فيما تراجعت في المقابل الإمكانات ونسبة التبرعات بسبب أزمة المصارف وايضاً بسبب الوضع المادي الصعب الذي أثّر على مختلف الطبقات في المجتمعات. لكن على الرغم من هذه التحدّيات، لا بدّ للجمعيات أن تستمر بتقديم يد العون وبتأدية واجبها الإنساني في مساعدة المحتاجين، وهو واجب تتمسّك به جمعية “بسمة”، رغم الصعوبات لتقديم الدعم لأكبر عدد ممكن من الأسر المحتاجة بوسائل مختلفة.

تحدّيات منذ بداية الأزمة

منذ تأسيسها في عام 2002، أخذت جمعية “بسمة” على عاتقها مسؤولية تمكين الأسر الأكثر حرماناً إلى أن تصل إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي والإستقلالية المادية، لتنتقل بعدها إلى مساعدة أسر أخرى تحتاجها. إذ يحق لكل إنسان أن يعيش بكرامة عبر توفير الفرص والحاجات الاساسية لبلوغ مرحلة الاكتفاء الذاتي. وفق ما تؤكّده رئيسة الجمعية ساندرا قلاط عبد النور لا يخفى على أحد أنّ التحدّيات زادت أمام “بسمة”، كما أمام كافة الجمعيات التي تقدّم المساعدة لمن هم أكثر حاجة في ظل الأزمة الاقتصادية. إذ كثرت التحدّيات على المستوى المادي منذ بداية الأزمة مع زيادة الحاجة لدى الأسر وارتفاع معدلات الفقر. فالأرقام تؤكّد زيادة أعداد المتضررين من الأزمة. انطلاقاً من ذلك، من الطبيعي أن تزيد الطلبات والحاجات بالوتيرة نفسها. هذا، وتضيف عبد النور أنّ نشاط “بسمة” كان محصوراً في العاصمة لتتوسع في ما بعد باتجاه مختلف المناطق في لبنان  وتلبّي حاجات الأسر فيها. في المقابل، يزيد التحدّي بعدما تراجعت نسبة التبرعات التي تُعتبر المصدر الأساس لتمويل الجمعية حتى تحافظ على استمراريتها وتتمكن من تأدية هذا الواجب الإنساني والرسالة التي تأسست على أساسها. فبسبب أزمة المصارف، خسر كثيرون من اللبنانيين أموالهم في المصارف، إلى جانب الوضع المعيشي الذي أثّر بالكل، ّبحيث يبدو طبيعياً ألا

تستمر التبرعات على حالها كما قبل الأزمة.

اعتماد على المغتربين وغيرهم

بطبيعة الحال، تركّز مختلف المنظمات والجمعيات حالياً على المغتربين كمصدر للتمويل وللدعم لها، نظراً للتحدّيات التي يواجهها المقيمون في ظل الوضع المعيشي الصعب. إنما زادت الضغوط أيضاً حالياً على المغتربين، كما توضح عبد النور، بسبب زيادة حاجات الأسر اللبنانية في البلاد التي ينتمي إليها هؤلاء المغتربون. وهذا ما يزيد من حجم التحدّي المادي أمام الجمعية للاستمرار برسالتها التي بدأتها من 21 عاماً، خصوصاً انّ “بسمة” اضطرت إلى وقف أنشطتها المعتادة التي كانت من مصادر التمويل المهمّة أيضاً للجمعية، من حوالى أربع سنوات بسبب الأزمة أيضاً والجائحة ومن بعدهما انفجار المرفأ. ظروف عدة حالت دون استمرارها في القيام بأنشطتها التي يعود ريعها لتمويل الجمعية. “اليوم، على الرغم من استمرار الحرب في غزة، نعود إلى الأنشطة التي يعود ريعها لتمويل الجمعية نظراً لحاجتنا إلى المال للاستمرار بتأدية واجبنا الإنساني. ونحاول ابتكار وسائل عديدة يمكننا الاعتماد عليها للاستمرار، وهو هدف وضعناه لعام 2024 لأنّ التخاذل ممنوع، نظراً للمسؤولية التي على عاتقنا. علماً انّ للجمعية أعضاء في مختلف أنحاء العالم نعتمد عليهم أيضاً في تقديم الدعم. كما نركّز بشكل خاص حالياً على دبي وفرنسا والولايات المتحدة لتعزيز المجموعات القادرة على توفير

الدعم”.

نظراً للصعوبات والتحدّيات، تستمر “بسمة” حالياً في دعم 3000 عائلة كانت مسؤولة عنها، وكان حرص على عدم التخاذل او التخلّي عن اي منها. في المقابل، تبرز صعوبة تقديم المساعدة لعائلات أخرى في ظل الظروف الحالية، بحيث يصعب تلقّي المزيد من طلبات المساعدة على الرغم من كثرتها. علماً انّه من الممكن أيضاً لأي فرد في المجتمع أن يتخذ قرار تبنّي إحدى العائلات من خلال مساعدة مادية تبدأ من 50 دولاراً شهرياً حتى يتمكن أفرادها من العيش بكرامة.

هذا، وتشير عبد النور إلى أنّ الجمعية مستمرة في تقديم 700 وجبة يومية للأسر الأكثر حاجة في المطاعم التابعة لها وفي توزيع الحصص الغذائية والمستلزمات المتنوعة على الأسر. كذلك تتولّى الجانب التعليمي في المدارس الليلية وفي تأمين القرطاسية ودروس خصوصية وتسديد أقساط كاملة لطلاب من الأسر الأكثر حاجة لضمان تلقّيهم التعليم الذي هو حق لكل طفل وبهدف مرافقة هؤلاء الأطفال كي يصلوا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي ويتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم في مرحلة لاحقة، وتأمين مصدر رزق لتتمكن “بسمة” من الانتقال إلى آخرين هم أكثر حاجة إليها لمساعدتهم بشتى الطرق، من توفير إيجارات منازل وتأمين فرص عمل وحصص غذائية ومستلزمات مختلفة وتعليم وتدريبات مهنية للامهات ومتابعة صحية لهن. أما تحديد الحاجات فبعد زيارة  لفريق مختص من الجمعية يقوم بتصنيفات للعائلات بين تلك الأكثر حاجة والأقل حاجة في مستويات مختلفة، لتحديد حجم المساعدة التي من المفترض تقديمها لها، حتى تصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.

اما المتابعة النفسية فتتولاها أيضاً الجمعية لكثيرين ممن يعانون اضطرابات نفسية في السنوات الأخيرة مع زيادتها، خصوصاً الأطفال منهم. فبالنسبة للأطفال إذا لم يجدوا متنفساً لهم، يمكن أن تشكّل الاضطرابات النفسية ضغوطاً إضافية عليهم وتجعلهم أكثر عرضةً للخطر. لذلك تحرص “بسمة” على توفير ورش العمل ومتابعة نفسية من خلال العلاج بالفنون كالعلاج بالدراما والعلاج بالرسم وغيرها ليتمكن الأطفال من التعبير عن مشاعرهم بطرق سليمة. هذا إضافة إلى وسائل أخرى للترفيه توفرها لهم  الجمعية حفاظاً على صحتهم النفسية.

التعليقات معطلة.