اخبار سياسية

هل بدأت أوروبا تستشرف هزيمة نتنياهو “الشّاملة”؟

أحد المظاهرات المطالبة بتنحي نتنياهو عن السلطة

مع فشل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في تحقيق أي تقدم عسكري أو استراتيجي أو سياسي، وتنامي موجات التذمر داخلياً وخارجياً ضد حكومته، تسلل احتمال “الهزيمة الشاملة” إلى الأوساط الأوروبية، التي باتت تنظر إلى الأمر نظرةً موسّعة.

وفي هذا الإطار، أعرب سفير الاتحاد الأوروبي السابق في فلسطين سفين كون فون بورغسدورف، في حديث مع مجموعة دوتشلاندفوك الإعلامية أخيراً، عن تشاؤمه بشأن وقف إطلاق النار في حرب غزة “لأن مطالب الجانبين متباعدة بأميال، ناهيك عن أن نتنياهو وضع لنفسه الهدف النهائي المتمثل في تدمير حماس؛ وهذا أمر وهمي”.

من جهة ثانية، أشار السفير السابق إلى أن حركة حماس استطاعت إعادة الصراع الفلسطيني إلى  اهتمامات الرأي العام العالمي.

وفي هذا الصدد تعتبر حماس نفسها منتصرة بالفعل مع استهداف إسرائيل آلاف المدنيين، ما أدى إلى عزلة الأخيرة في نهاية المطاف، قبل أن يشدد على أن التصرف الأكثر منطقية الآن هو إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن، وأنه لا يمكن تحقيق الأمن الطويل الأمد لإسرائيل، إلا إذا تمكن الفلسطينيون من العيش إلى جانب الشعب في إسرائيل بسلام وحرية.

جبهات حرب نتنياهو

ومن بين القراءات والردود التي أثارها محللون سياسيون أوروبيون، أن نتنياهو بات يحارب على جبهات عدة، ومع تأكيداته مراراً وتكراراً أن الحرب ستستمر حتى تحقيق النصر الكامل بالقضاء على حماس وإطلاق جميع الأسرى والرهائن، فإن وضعه صعب مع اضطراره لوضع جنوده في حالة تأهب مع توسيع رقعة الهجمات عند الحدود الشمالية من قبل “حزب الله” في لبنان.

وهذا ما يثير المخاوف بشأن المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط، خاصة أنه يأتي بالتزامن مع ما تتعرض له الناقلات المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية بفعل الهجمات في البحر الأحمر من قبل الحوثيين، فضلاً عن الإخفاقات العسكرية التي من بينها تجاهل قوات الجيش الإسرائيلي لنداءات المساعدة عندما قتلوا بطريق الخطأ ثلاث رهائن الشهر الماضي في قطاع غزة، وحيث بين تقرير التحقيق العسكري أن الجنود سمعوا صرخات استغاثة باللغة العبرية، لكن الجنود اعتبروا الأمر محاولة خداع من قبل مقاتلي حماس.

وعن حيثيات الموقف، بينت تعليقات أنه لا يمكن التغاضي عن الاستياء العام من الفشل، مع ارتفاع نقمة الأهالي ضد نتنياهو والتظاهرات المتصاعدة ضد الحرب، إلى الدعوات بإنهاء القتال وتبريد الجبهة الشمالية مع لبنان، حيث تم إجلاء أكثر من 80 ألف مستوطن، والخشية من عدم إمكانية عودتهم إليها، ناهيك عن المطالبات بالاستئناف الفوري للمفاوضات لتأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس.

فضلاً عن ذلك، فإن المحكمة العليا الإسرائيلية وجهت ضربة سياسية داخلية أخرى لنتنياهو قبل أيام بقرارها إلغاء بند أساسي في “قانون الإصلاح القضائي” المثير للجدل في البلاد، والذي كان في حال المضي به لن يتاح بعده للمحكمة أي فرصة لاتخاذ إجراءات ضد القرارات “غير المناسبة” التي تتخذها الحكومة أو رئيسها.

ودفع القرار حزب الليكود لتوجيه انتقادات للمحكمة، بدعوى أنه يتعارض مع إرادة الشعب للوحدة، خاصة في أوقات الحرب.

وهنا توقعت صحيفة “تاغس تسايتونغ” الألمانية، أن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو سوف يخسر نصف مقاعده في البرلمان (من 32 إلى 18 نائباً)، في حال إجراء انتخابات جديدة، وسيستفيد السياسي المعارض بني غانتس من إخفاقات نتنياهو وسيرفع عدد أعضاء كتلته من 12 إلى 43 نائباً. هذا ومن المرجح أن يفضّل نتنياهو خياراً ثانياً، وهو التصويت على سحب الثقة من حكومته، بدلاً من إجراء انتخابات لأنه في هذه الحالة سيبقى الكنيست على التوزيع الحالي للمقاعد، ما يسمح له بالتركيز على القدرة بالاستمرار منخرطاً في السياسة، حتى ولو أُقيل من منصب رئيس الوزراء، وهمّه الوحيد صرف المسؤولية عن نفسه وإلقاء اللوم على الآخرين والتحريض على الكراهية.

وبين هذا وذاك، اعتبرت “إيه آر دي” الإخبارية، أنه من غير الواضح ما إذا كان نتنياهو وحكومته سيتمكنان من النجاة سياسياً من حرب غزة، وأوضحت أن “الشيء الوحيد المؤكد هو أنه لا يمكن أن نتوقع منه إيجاد حل لصراع الشرق الأوسط بإقامة دولة فلسطينية بعد ذلك، وهو الذي قال قبل أيام إنه فخور كونه حال دون حل الدولتين. وإذا ما سارت الأمور وفق خطة نتنياهو، فلن تتم الانتخابات في إسرائيل مرة أخرى حتى نهاية عام 2026″، مشيرة إلى أن “من يعرفه يعلم أنه سيناضل من أجل منصبه حتى النهاية، وبكل الوسائل الممكنة ومهما كانت التكلفة”.

جبهة لبنان

واعتبر مراقبون أن تزايد حدة المواجهات على الجبهة الشمالية لإسرائيل ونوعية المواقع المستهدفة ينذر بالأسوأ في جنوب لبنان، رغم كل التلميحات عن سعيها لتحقيق خرق بالطرق الدبلوماسية، وقد يجد نتنياهو لنفسه مخرجاً من أزمته الداخلية بتحقيق إنجاز أمني بعد الفشل العسكري. هذا الواقع، بحسب محللين غربيين، يقلق الأميركيين والأوروبيين، وهناك مخاوف لدى أجهزة الاستخبارات بألا تكون المواجهة لمصلحة الإسرائيليين، ونصحت تل أبيب بعدم توسيع المواجهة، مع تحذيرات بأن مجريات الحرب ستكون بعكس توقعاتهم، والقوات الإسرائيلية لن تكون قادرة على حسم المعركة لمصلحتها بسبب نقص الموارد العسكرية لديها، عدا أن قواتها تحارب على أكثر من جبهة في الداخل مع الفلسطينيين، وأن الخسائر ستفوق ما تكبده جيشها في حرب لبنان 2006 بسبب الأسلحة النوعية لدى “حزب الله”.

وفي خضم ذلك، قال الخبير العسكري في مركز الأبحاث “لو بيك إنترناشيونال” ميشائيل هوروفيتس مع صحيفة “بيلد” أخيراً، إن اغتيال القيادي الفلسطيني صالح العاروري في معقل “حزب الله” بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، شكل  رسالة إسرائيلية واضحة للحزب وحماس والعملية تشكل تصعيداً كبيراً، وقد تكون نقطة تحول، لا سيما أن إسرائيل تظهر بأنها أقل تردداً في الانخراط في صراع واسع النطاق مع لبنان. وتابع هوروفيتس أنه لا يرى جهداً منسقاً بين أميركا وإسرائيل لاتخاذ إجراءات ضد إيران، ومعتبراً أن قرار تصفية العاروري في لبنان اتخذته إسرائيل وحدها، وربما لم يُنسّق تنسيقاً وثيقاً مع الولايات المتحدة.