السعودية على خطى “مملكة المعادن”… إلى جانب النفط

1

العاصمة السعودية الرياض- AFP

محمد مسعود

في وعد الشمال، على بعد 1200 كيلومتر شمال العاصمة السعودية الرياض، يتم استخراج الفوسفات وغمره بالمواد الكيميائية لتحويله إلى أحماض ومشتقات أخرى. ومن هناك يتم شحنها مسافة 1500 كيلومتر شرقاً بالسكك الحديدية إلى ميناء رأس الخير.

ويتم بعد ذلك تحويل هذه المادة إلى أسمدة أو سلائفها، كالأمونيا، ثم تبحر غربًا إلى البرازيل وجنوبًا إلى أفريقيا وشرقًا إلى الهند وبنغلادش، حيث ينتهي بها الأمر مع المزارعين الذين، وفقًا لشركة “معادن” الحكومية للتعدين التي تدير المشروع، سوف يزرعون 10% من غذاء العالم.

وتعادل مبيعات “معادن” واستثماراتها المحلية حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة. وسيبدأ منتج آخر مماثل قريبًا في شحن ما يعادل 1% أخرى من حجم الاقتصاد الكلي للسعودية.

الفوسفات ليس المورد المعدني الوحيد الذي تتطلع إليه المملكة العربية السعودية لتغذية مستقبلها في مرحلة ما بعد النفط (أي تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط)، ففي العاشر من كانون الثاني (يناير)، عدلت الحكومة تقديراتها لقيمة ثروتها المعدنية المدفونة في باطن الأرض (أو التي لم يتم استخراجها بعد) من 1.3 تريليون دولار إلى 2.5 تريليون دولار، وهذا يشمل رواسب الذهب والنحاس والزنك. وبمقاييس الثروة النفطية السعودية، التي ربما تبلغ قيمتها 20 تريليون دولار بأسعار اليوم، يبدو هذا متواضعا، لكن بأي مقياس آخر، فهي ثروة هائلة.

ثورة الثروة

تعمل السعودية على تسريع جهودها لوضع نفسها كلاعب رئيسي في “المنطقة الغنية” بالمعادن وتقليل اعتمادها على النفط كجزء من برنامج “رؤية 2030” الأمر الذي يمهد الطريق نحو إحداث ثورة حقيقية في امتلاك ثروة من المعادن – بجانب الهيدروكربون.

ومن الكشف عن حوافز استكشاف بقيمة 182 مليون دولار، و33 رخصة تعدين جديدة، إلى إنشاء منارة للمعادن في عام 2023 وإبرام صفقة كبيرة للاستحواذ على حصة 10% في شركة Vale Base Metals بعد بضعة أشهر فقط، ترسخ المملكة أقدامها وتؤكد عزمها على قيادة “المنطقة الكبرى” في سوق التعدين لتشمل أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب آسيا.

وقال روبرت ويلت، الرئيس التنفيذي لشركة معادن في 11 كانون الثاني (يناير) في منتدى مستقبل المعادن في الرياض: “كان علينا أولاً أن نظهر أن لدينا قطاع تعدين، ثم أعلنا أن هناك خططاً. وهذا العام يتعلق بالمصداقية، وأننا جادون”. وأضاف أن استراتيجية التعدين الجديدة، التي تم الكشف عنها في 10 كانون الثاني في الحدث الذي نظمته وزارة التعدين والثروة المعدنية، تشتمل على قيام شركة معادن بافتتاح مصنع جديد لإعادة تدوير الألمنيوم، وتوسيع إنتاجها من الألمنيوم، وفتح منجمين إضافيين للذهب، وتعزيز أعمالها في الفوسفور.

ساحة تنافس عالمية

كشف تقرير حديث بصحيفة “وول ستريت جورنال” أن السعودية أصبحت ساحة تنافس جديدة للشركات العالمية بحثا عن المعادن النادرة، لافتا إلى أن الرياض تستثمر بكثافة في التعدين في سعيها لتنويع اقتصادها الغني بالنفط.

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة والصين وروسيا تتسابق لتأمين المعادن الحيوية اللازمة لدعم تحول الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري، معتبرة أن أحدث ساحة معركة لهم هي السعودية.

وقد توافد المسؤولون الحكوميون وكبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع التعدين إلى الرياض هذا الأسبوع للاستفادة من الأموال المتدفقة التي يضخها السعوديون في استثمارات التعدين. وتقع المملكة في وسط “منطقة عظمى” تمتد من آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط وافريقيا، والتي يقال إنها تحتوي على ما لا يقل عن ثلث الموارد الطبيعية في العالم، بما في ذلك المعادن الحيوية.

التعليقات معطلة.