حسن فليح / محلل سياسي
على الرغم من القوة العسكرية الامريكية المتحشدة في المنطقة ومن معها وماتمتلك من قدرات تسليحية تدميرية هائلة والدقة المتناهية بالوصول لاهدافها نجد الولايات المتحدة حذرة ومترددة من ان تنزلق بحرب ضد ايران وفصائلها المسلحة في اليمن والعراق وسوريا وحرصها الشديد ان لاتنفتح الجبهة اللبنانية بشكل اوسع عما هي عليه الان مع اسرائيل ، وتبدي حرصها الشديد ان تبقي الوضع على ماهو عليه وعدم خروجة من تحت السيطرة جهد الامكان ، كما اننا نشاهد الان طريقة ضربها للحوثيين وكأنها لاتريد انهاء قوتهم بقدر ماتريد تقليل تأثيرهم في ضرب اسرائيل بالصواريخ البعيدة والحد من تهديد الملاحة في البحر الاحمر وكذلك الحال بالنسبة للفصائل بالعراق وسوريا ، انها المعادلة التي لاتريد امريكا الاخلال بها لعدم توفر البادئل لحد اللحظة !! ولازالت امريكا مقتنعة بما حققته بغزوها للعراق بأنهاء المعادلة التي كانت قائمة حين ذاك والسماح لايران بالتفرد والهيمنة على العراق والنفوذ في بقية الدول العربية على حساب العرب ومصالحهم وقضاياهم القومية ، ضناً منها ان ايران لن تنحرف كثيرا في معاداتها للولايات المتحدة وان مايجري هو خروج ايران اكثر من المسموح به وعلى ايران ان تراجع تهورها وتذعن وترعوي لأن امريكا لاتريد ان تغير من طبيعة المعادلة القائمة حاليا والتي من شانها ان يكون للعرب دورا بارز على حساب ايران التي لعبت دورا كبيرا وكانت المرتكز الاخر على حصر العرب بين فكي ايران من جهة واسرائيل من جهة اخرى لاجبار العرب بالسير في طريق التطبيع ، أن اجنحة ايران العسكرية الموالية لها اصبحت عبارة عن جيوش تحارب بهما وباتت تشكل خطرا حقيقيا على المصالح والوجود الامريكي ويصعب ضبطها ، ولم تعد بندقية لأثارة المشاكل وعدم الاستقرار واداة قمع فقط في دولهم بل تعدت حدودها ومامرسوم لها واصبحت اداة فرض مشروع ايراني على مستوى المنطقة والذراع الضارب لها بالانابة من اجل فرض واقع امني وسياسي برؤيا ايرانية بعيدة المدى على المستوى الاقليمي والدولي من اجل ان تكون لها اليد العليا ولاعبا اقليميا لامفر منه، هذه النقطة بالذات تشكل مصدر القلق الامريكي لاسيما وان ايران جادة في محاولتها امتلاك سلاح نووي فبعد ذلك قد لاتستطيع امريكا الحد من طموحات ايران في اهم بقعة بالعالم شكلت الرافد الحيوي بالطاقة والممرات البحرية ، الولايات المتحدة اليوم امام هكذا تحدي في اهم منطقة بالشرق الاوسط والتي كانت ولازالت تشكل اهتماما وصراعا دوليا لم ينقطع على الرغم من غزوها للعراق وبسط نفوذها بالمنطقة ، ايران اصبحت الخاصرة الضعيفة وبوابة الدخول للصين وروسيا للنفوذ والمنافسة ، يحتم الامر على الولايات المتحدة ان تجد حلا لمنع المخاطر واصبحت الان امام خيارين مهمين ، الاول ربما امريكا تفكر بضربة عسكرية جدية لاهداف منتخبة داخل ايران من شأنها ان تضعف ايران الى حد كبير وبتالي انهاء الفصائل المسلحة المرتبطة بها ، وهذا الخيار ينطوي على مخاطر كبيرة يصعب ضبطها وعدم السيطرة بانتشار تداعياتة ، الخيار الثاني تستمر بضرب الاهداف العسكرية واستهداف الشخصيات القيادية المؤثرة بغية اخافة الاخرين لخلق ارضية واجواء سياسية وامنية تساعد على قيادة انقلاب عسكري وسياسي في العراق من اجل تغيير المعادلة وانهاء النفوذ الايراني فيه الامر الذي يشكل انعكاسا سريعا ، يشمل كل المحاور الاخرى ، لما يشكله العراق من عمق لوجستي ومالي داعم وكبير على مستوى الرجال والسلاح والعمق الحيوي الذي سيخل تماما بتوازن القوى والمصالح والاهداف الذي يُعد العراق الركن الاساسي الفاعل والمرتكز القوي لجميع الفصائل بالمنطقة ، وهذا افضل الخيارات المتاحة على الرغم انه سيكون انقلابا دمويا ولكنه الاسهل بالمقارنة مع الاحتمال الاول، منطلقة من مفهوم ان القوة العسكرية هي الأكثر فعالية من الأدوات المالية وفرض العقوبات التي لم تأتي بنتائجها كما تحلم الولايات المتحدة ولتي اثبتت فشلها على النظام في طهران خاصة بوجود نظام حكم في بغداد موالي وغير فاعل ومختطف من قبل ايران ، وكذلك فشلها الذريع بعدم قدرتها على خلق وصناعة نظام حكم يكون حليفا قويا لها بالعراق!!! فقد سمح تردّد الولايات المتحدة في استخدام القوة في المنطقة بالتنمر الايراني وبلغ حد الخطر ، إن لم يكن قد شجعها، ومن المؤكد أن إرساء قوة الردع والحفاظ عليها قد يفرض بحد ذاته خطر التصعيد، وتدرك إيران ووكلاؤها جيداً أن الولايات المتحدة لاتريد حصول اشتباكات مسلحة واسعة في الشرق الأوسط، مما يشكّل عاملاً آخر يقوض مصداقية التهديدات الأمريكية في هذا الصدد ، لهذا نجد ان الاحتمال الثاني هو الاقرب بالظروف الحالية من الاحتمال الاول الذي يقحمها بمخاطر كبيرة قد يصعب السيطرة عليها ، في ضل وجود تحالف صيني روسي ايراني متربص بتفاعلات الشرق الاوسط والذي يتحين الفرصة بانزلاق الولايات المتحدة ومحاولة توريطها ودفعها للحرب في عموم المنطقة .