اخبار سياسية

تحقيق لـ”الغارديان” يكشف: عاملون ببرنامج للأمم المتحدة في العراق طالبوا برشى

شعار مشروع برنامج الأمم المتحدة للتنمية.

كشف تحقيق أجرته صحيفة “غارديان” البريطانية أن موظفين عاملين بالأمم المتحدة في العراق طالبوا برشى مقابل مساعدة رجال أعمال في الفوز بعطاءات وعقود في مشاريع إعادة الإعمار بعد الحرب في البلاد إثر غزو قوات التحالف بقيادة أميركا، وسقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عام 2003.
وقالت الصحيفة أوضحت في تقرير اليوم أن الأمر لم يقتصر على هذه “العمولات”، وأن التحقيق كشف عن عدد من ادعاءات الفساد وسوء الإدارة في “مرفق التمويل لتحقيق الاستقرار” (FFS) التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي أُعلن عن إنشائه في عام 2015 بتمويلٍ بلغت قيمته 1.5 مليار دولار، وقدمته 30 جهة دولية مانحة، منها بريطانيا.
على الرغم من أن المجتمع الدولي يقول إنه ضخ مليارات الدولارات في العراق منذ الاحتلال الأميركي في عام 2003، فلا يزال البلد يعاني تردي الخدمات وضعف البنية التحتية، وقد وصف الفساد والعمولات على أنها “شريان حياة السياسة في العراق”.
وتقول الأمم المتحدة في العراق إنها تنفذ مشروعاتها هناك بطريقة مباشرة، وتزعم أنها أكثر نزاهة من المؤسسات المحلية. وقال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للصحيفة إن لديه “آليات داخلية تمنع الفساد وسوء الإدارة وتكشفهما، وإنه يعتمد على إجراءات محاسبة قوية وضوابط داخلية صارمة”.
ثقافة الرشوةإلا أن مقابلات أجرتها صحيفة “الغارديان” مع أكثر من 20 من موظفي الأمم المتحدة الحاليين والسابقين، والمقاولين، والمسؤولين العراقيين والغربيين، تشير إلى أن الأمم المتحدة أسهمت في تقوية ثقافة الرشوة التي تغلغلت في المجتمع العراقي منذ الإطاحة بصدام حسين في عام 2003.
وقال 3 موظفين و4 مقاولين ممن تحدثت إليهم الصحيفة إن موظفي برنامج الأمم المتحدة في العراق طالبوا برشى تصل إلى 15% من قيمة عقود المشروعات التابعة للبرنامج في العراق. وفي المقابل، يساعد موظف الأمم المتحدة المقاولَ على تجاوز العقبات في منظومة العطاءات المعقدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لضمان اجتياز عملية التدقيق.
كما قال أحد المقاولين الذين أخبروا صحيفة “الغارديان” بأن موظفي برنامج الأمم المتحدة في العراق اتصلوا بهم مطالبين برشى، إنه “لا يمكن لأحد أن يحصل على عقد إلا إذا دفع. فلا شيء في هذا البلد يمكن للمرء الحصول عليه من غير أن يدفع، سواء في مشروعات الحكومة، أم في مشروعات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”.
فيما قال أحد موظفي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن الصفقات تُعقد شخصياً ولا تسجل في وثائق لتجنب اكتشافها، ويتولى عراقيون ذوو نفوذ ضمان الاتفاقات في بعض الأحيان، و”يأخذ الطرف الثالث أيضاً حصة من الرشوة”، ويحرص المقاولون على “اختيار الوسطاء من ذوي العلاقات والسلطة”. تورط مسؤولين حكوميينوكشفت تحقيقات كذلك أن المسؤولين الحكوميين الذين عهد إليهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالإشراف على مشروعات البناء يحصلون على حصة من الرشى أيضاً. 
وأفاد مقاولون وموظفون ببرنامج الأمم المتحدة في العراق ممن أشرفوا على المشروعات إن هؤلاء المسؤولين استخدموا سلطتهم “لابتزاز” الرشى من الشركات مقابل الاتفاق الكامل معهم على المشروعات. وقال اثنان من المقاولين للصحيفة   إنهما اضطرا إلى دفع عمولات كهذه.
في المقابل، قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بيان للصحيفة الغارديان إنه يتعامل بجديةٍ مع مزاعم الفساد والاتهامات بغياب النزاهة، ولا يتسامح أبداً مع الاحتيال والفساد.
وأضاف: “تسرى هذه السياسة على موظفي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وغيرهم من الموظفين العاملين بهذه المشروعات والبائعين والشركاء المنفذين والأطراف المسؤولة في المشروعات التي يشارك فيها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”.
وأكد أنه “يستقصي البرنامج أي ادعاء بالرشوة أو الفساد أو الاحتيال، وإذا اقتضت الضرورة يتولى التحقيق في الادعاءات مكتب التدقيق والتحقيق المستقل التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي”.
من جهة أخرى، كشف التحقيق أن برنامج الأمم المتحدة في العراق أهدر حصة من الأموال المخصصة له في الإنفاق على عمالة زائدة على الحاجة ومصاريف عامة ضخمة لتسيير الأعمال، ومع ذلك قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إنه حصَّل تكاليف غير مباشرة بمقتضى لوائحه وقواعده المالية ومتطلبات مجلسه التنفيذي.
كما يزعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بياناته أنه نجح في تحسين معيشة 8.9 مليون عراقي، أي خُمس سكان البلاد. إلا أن زيارة صحيفة “الغارديان” لمواقع المشروعات تشير إلى أن البرنامج ربما بالغ في بعض هذه البيانات.