رفع البنك المركزي التركي اليوم الخميس معدل الفائدة لآخر مرّة، بحسب ما أفاد، في إطار سلسلة قرارات بالتشدد النقدي رفعت تكاليف الإقراض بأكثر من خمسة أضعاف للسيطرة على التضخم القياسي.
ورفع المصرف معدل الفائدة إلى 45 في المئة من 42,5 في المئة وأكد بأن هذا المستوى يعد كافيا للبدء بتخفيف حدة أزمة تكاليف المعيشة التي تعاني منها تركيا.
وقال المصرف في بيان إنَّ “التشدد النقدي اللازم لتأسيس مسار يؤدي إلى خفض التضخم تم تحقيقه وستتم المحافظة على هذا المستوى طالما أن الوضع يستدعي ذلك”.
ورفع المصرف المركزي تكاليف الإقراض من 8,5 في المئة في حزيران (يونيو) إلى أعلى مستوى في ظل حكم الرئيس رجب طيب إردوغان المتواصل منذ 21 عاماً على أمل التخفيف من حدة أسوأ أزمة تضخم تشهدها تركيا منذ التسعينات.
وأفاد محللون في “كابيتال إيكونوميكس” بأن اللغة التي تبناها المصرف تحدد شروطاً متشددة لخفض معدلات الفائدة في نهاية المطاف.
وقال المحلل لدى “كابيتال إيكونوميكس” ليام بيتش، إنَّه “سيتوجب بأن يتراجع التضخم وتوقعات التضخم بشكل كبير قبل أن يبدأ المصرف المركزي خفض معدلات الفائدة”.
انتقادات لحاكمة المصرف
يأتي آخر قرار برفع معدل الفائدة بعد أسبوع صعب لحاكمة المصرف المركزي حفيظة غاية إركان التي عملت سابقاً في وول ستريت وتُعد المرأة التي تتولى أعلى منصب رسمي في تركيا.
وتعرّضت الحاكمة البالغة 44 عاماً إلى انتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي بعض الصحف المعارضة للاشتباه بأنها سمحت لوالدها باتّخاذ قرارات متعلقة بالموظفين في المصرف من دون وجه حق.
كما أثارت إركان، وفق التقارير، غضب إردوغان عبر قولها لإحدى كبرى الصحف الشهر الماضي إنها اضطرت للانتقال للعيش مع والديها نظراً إلى أن التضخم رفع بشكل كبير الإيجارات في اسطنبول.
وأثارت الانتقادات لأول امرأة تحكم المصرف المركزي التركي قلق المستثمرين وأحدثت ضبابية حيال التزام إردوغان طويل الأمد بفريقه.
ولطالما عارض الرئيس التركي معدلات الفائدة المرتفعة التي وصفها بأنها وراء “كل الشرور” في ما دافع عن انتهاج سياسات اقتصادية غير تقليدية.
ويلقي محللون باللوم في الأزمة الاقتصادية التي تشهدها تركيا منذ عام على قراره الضغط على المصرف المركزي لخفض معدلات الفائدة في مواجهة أسعار السلع الاستهلاكية المرتفعة.
وبلغ معدل التضخم أعلى مستوى له منذ عقدين عند 85 في المئة عام 2022، في ما ارتفع مجدداً إلى 65 في المئة الشهر الماضي.
وأجبرت الأزمة إردوغان على التراجع عن سياساته بعدما اضطر لخوض جولة انتخابات ثانية في الاقتراع الرئاسي العام الماضي في مواجهة مرشح ركّز على الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تركيا.
“تجار المشاكل”
يعزى الفضل في إنقاذ تركيا من كارثة اقتصادية إلى كل من إركان ووزير المال محمد شيمشك اللذين يحظيان باحترام المستثمرين الغربيين وانضما إلى فريق إردوغان بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة في أيار (مايو).
وحصلا على موافقة إردوغان على رفع معدلات الفائدة بشكل كبير واتّخاذ إجراءات أخرى هدفت للتخفيف من شبكة القواعد المعقّدة التي أثقلت كاهل التجارة والاستثمار.
وأبدى المستثمرون ارتياحاً عندما أكد إردوغان دعمه لإركان الأربعاء.
وقال إردوغان: “باستخدام شائعات تفتقر إلى العقلانية، يطلقون حملات تهدف إلى تدمير مناخ الثقة والاستقرار الذي حققناه في الاقتصاد بصعوبة كبيرة”. وأضاف: “لا آبه بتجار المشاكل هؤلاء”.
وكانت إركان تحضر مؤتمراً استثمارياً في الولايات المتحدة عندما بدأت تنتشر الاتهامات بشأن والدها.
لكنها ظهرت في موقعها إلى جانب عدد من كبار الوزراء أثناء استقبال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال زيارة الدولة التي قام بها إلى أنقرة الأربعاء.
وأبدى المستثمرون الأميركيون إعجابهم بأداء إركان أثناء زيارتها.
وقال المدير العام لمصرف “جي بي مورغان” ستيفان ويلر، لوكالة أنباء “الأناضول” التركية هذا الأسبوع: “أعتقد أن جزءا كبيرا من مجتمع المستثمرين يعاود التعاون مع تركيا”.
وأضاف: “قبل آخر انتخابات وخلال فترة اتباع السياسات غير التقليدية، غادر المستثمرون الأجانب تركيا بشكل كبير. رأينا الآن تحوّلا في ذلك الاتجاه لكن لا يعني ذلك أن جميع المستثمرين عادوا”.