سيناريوات “المدافع الصامد” للناتو …كيف يمكن رد هجوم روسي على أوروبا؟

2

من مناورات سابقة للناتو في اوروبا

بدأ حلف شمال الأطلسي أكبر مناورة عسكرية منذ نهاية الحرب الباردة، تحت مسمى”المدافع الصامد 2024″ لإطلاق يشارك فيها على مدى أربعة أشهر نحو 90 ألف جندي، وتفترض محاكاة هجوم عسكري على دول الناتو. يأتي ذلك، مع تزايد المخاوف في أوروبا من خطط مستقبلية للرئيس الروسي بوتين بشن هجمات على أراضي الحلف، فما أبعاد وتطلعات الناتو العسكرية للردع والدفاع رغم وصف بوتين التحذيرات بشأن نيته مهاجمة دول أوروبية بأنها “محض هراء”؟سيناريوات متعددةوعن الاستعدادات للجاهزية القتالية للحلف والسيناريوات المرسومة، والتي تمثل المناورة المرتقبة اللب الأساسي منها، بينت معلومات عسكرية أوروبية أن التركيز الرئيسي لمنطقة المناورات سيمتد عبر الدول الإسكندنافية ودول البلطيق إلى بولندا ورومانيا وألمانيا، والهدف منها التعبئة السريعة في حال حصول سيناريو مخيف يتمثل بمهاجمة روسيا وبيلاروسيا إحدى دول الناتو. ومن منتصف شهر أيار (مايو) المقبل، ستقوم الفرقة المدرعة العاشرة بنقل الجنود والمركبات القتالية إلى ليتوانيا بطرق مختلفة من أجل التدريب ولإظهار مهاراتهم القتالية. مع العلم، وفق خبراء، أن من المرجح أن تكشف المناورة عن عجز لدى قوات الأطلسي، وعلى سبيل المثال، نقص في القدرة عند نقل القوات البرية المشاركة، والبطء في الحركة عند حال الطوارئ. من جهة أخرى، ورغم تأكيدات بوتين أن لا مصلحة جيوسياسية أو اقتصادية وعسكرية لبلاده للقتال ضد الناتو، ذكرت “برلينر مورغنبوست” أن السيناريو يمكن أن يكون بغزو روسي عبر ممر سوالكي بين بولندا وليتوانيا، وتتقدم قوات الروسية عبره  وفي تلك المدينة الواقعة في شمال شرقي بولندا، ولهذا يسعى الناتو لتزخيم قدرات القوات التابعة له باتجاهين وعبر فايشسل في بولندا.  علاوة على ذلك، فإن قوات تابعة للناتو تحضر لدفاع محتمل عن الحدود النروجية في أقصى شمال الدول الإسكندنافية، لأن البلاد تربطها حدود برية بطول 197,7 كيلومتراً مع روسيا وبحدود بحرية بطول 23,2 كيلومتراً في مضيق فارانغرفيورد في بحر بارنتس، ويعتبر أقصى شمال شرقي أوسلو بمثابة نقطة ضعف محتملة بوجود قوة ضخمة من الأسطول الشمالي الروسي والذي يضم سفناً حربية ضخمة والعديد من الطرادات والغواصات في البحر المذكور، فضلاً عن حاملة طائرات موجودة في الحوض الجاف في مورمانسك، مقابل قوة مسلحة بقدرات عادية من القوات النروجية.  وفي وقت اعتبرت وزارة الدفاع الألمانية أن اليقظة والانتشار سيساهمان أيضاً في الردع وإعداد الناس في دول الناتو لاحتمال تفاقم الوضع الأمني، كشفت صحيفة “بيلد” أخيراً عن خطة سرية للبوندسفير، تصف فيها كيف تم الإعداد لمخططات التصعيد بسيناريوات محاكاة لصد هجوم روسي، وسط الحديث عن أن يكون الناتو وروسيا على وشك حرب في وقت مبكر من عام 2025، وأن يقدم بوتين بعد هجوم ناجح في أوكرانيا على نشر وحدات دبابات وجنود في بيلاروسيا وكالينينغراد، ومن ثم استخدام الهجمات المختلطة لإثارة العنف والفوضى في أوروبا.  وفي خضم ذلك، بيّنت قراءات سياسية أن أوكرانيا، مع الدعم بالأسلحة من دول حلف الناتو، لن يكون لديها احتمال واقعي لهزيمة القوات الروسية المتفوقة عددياً، وفي أحسن الأحوال يمكنها وقف حرب الاستنزاف، والمرجح أن تخسرها أوكرانيا في نهاية المطاف. وعن مدى تأثير ذلك، اعتبر محللون أنه إذا ما تمكنت روسيا من هزيمة أوكرانيا فسيتمثل الخطر في أن تهاجم القوات الروسية دول البلطيق الثلاث ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا، والتي كانت ذات يوم مثل أوكرانيا جزءاً من الاتحاد السوفياتي، ويخشى الناس فيها أن يواجهوا ذات يوم مصيراً مماثلاً لشعب أوكرانيا. تهديد وجوديومن منطلق أن نتيجة حرب أوكرانيا ستحدد مصير العالم، بينت التحليلات الأمنية الشاملة لقيادة الناتو أن التهديدات الروسية قائمة، وعلى المدى الطويل الخطر على الغرب يمكن أن يتزايد كثيراً، وهذا مثير للقلق. وفي غضون خمس سنوات لن تتمكن روسيا من إعادة جيشها إلى مستواه السابق فحسب، بل حتى توسيعه إلى أكبر قوة مع برنامج متطور بتقنيات حديثة، بينها أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت وبمسارات لا يمكن التنبؤ بها، إلى طائرات درون بسلاح نووي “بوسايدون” التي تعمل تحت الماء ويمكن أن تؤدي إلى موجات تسونامي إشعاعية.  وإزاء ذلك أيضاً، ذكرت صحيفة “برلينر مورغنبوست” نقلاً عن أحد كبار جنرالات الناتو أنه لا ينبغي لقوات الحلف أن تقلل من قدرات القوات الروسية، وأن المخزون الضخم من الأسلحة النووية لدى الروس يشكل “تهديداً وجودياً”، وهذا كله يترك لدى الناتو حالاً من عدم اليقين الإستراتيجي. ومن المعلوم، أن الأسلحة الاستراتيجية الروسية لم تعان تدهوراً ملموساً في وضعيتها وقدراتها والقوات الجوية والبحرية سليمة إلى حد كبير، والقيادة العسكرية الروسية تكتسب الخبرات من حرب أوكرانيا.  من جهة أخرى، نقلت الصحيفة عن محلليين عسكريين أن مجرد تهديد روسيا بأسلحة جديدة مثل بوسايدون قد يجعل الغرب عرضة للضغوط، مشيرين إلى أنه كما كانت الحال أثناء الحرب الباردة، يريد الحلف أن يكون قادراً على صد أي هجوم على الفور، وهذا ما يتطلب إبقاء 300 ألف جندي في حالة استعداد تشغيلي عال لحماية الجهة الشرقية، وأن يكون بالإمكان نقل 100 ألف جندي إلى الجبهة خلال 10 أيام. ولهذا الغرض يتم مرة أخرى تخصيص سيناريوات ومناطق عملياتية محددة لتشكيلات قوات الناتو. وشاركت 60 طائرة تابعة للناتو خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في إيطاليا وكرواتيا والبحر الأبيض المتوسط بتدريبات خاصة على شن هجمات بالأسلحة النووية. وفي ظل الحديث عن أن الولايات المتحدة تريد أن تثبت أنها راغبة وقادرة على تعزيز المنطقة الأوروبية الأطلسية من خلال النشر السريع والواسع النطاق للقوات المسلحة، أفادت تقارير أوروبية بأن الولايات المتحدة بقيادة الديموقراطي جو بايدن تريد تعزيز ركائز حلف الناتو، وقبل أيام قررت الإدارة الأميركية تكريس إطار أساسي، وفيه أنه لن يتمتع أي رئيس أميركي بسلطة الانسحاب من الناتو في المستقبل، بغض النظر عمن سيحكم البيت الأبيض إن كان من الجمهوريين أو الديموقراطيين، وباتت هذه الخطوة تتطلب الآن فقط موافقة الكونغرس وأغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ. وأمام ذلك، اعتبر مراقبون أن هذه المحاولة يراد منها التحضير للرئاسة المحتملة للجمهوري دونالد ترامب عام 2025، وهو الذي سبق أن شكك في حلف الأطلسي مرات عدة. وفي الوقت نفسه، ستكون إشارة إلى موسكو مفادها أنه لا ينبغي أن يكون لديها أي أمل بتفكك الناتو. 

التعليقات معطلة.