“أونكتاد”: تراجع حركة الشحن عبر المجرى الملاحي بنسبة 45 في المئة منذ هجمات الحوثيين ورئيس الهيئة: قد نفقد 6 مليارات دولار إذا استمر الصراع
عدد السفن التي عبرت قناة السويس انخفض 39 في المئة مقارنة مع بداية ديسمبر الماضي (أ ف ب)
ما زالت القاهرة تتحمل تبعات ما يحدث حولها من أحداث عالمية وتوترات جيوسياسية، فبعد ما يقارب العامين من تأثر البلاد من الحرب الروسية ومن تبعها من ارتفاع فاتورة السلع الأساسية المستوردة من الخارج لتزيد من كلف المصروفات بالموازنة للإنفاق على الغذاء، جاءت الحرب في غزة بتداعياتها وتوسع رقعتها حتى طاولت البحر الأحمر لتقلص حظوظ الخزانة المصرية من أحد أكبر مصادر العملات الصعبة التي تأتي من رسوم العبور بقناة السويس بعد تراجع سفن الحاويات العابرة من القناة التي تعد أقصر ممر مائي يصل حركة التجارة العالمية بين الشرق والغرب.
أزمة تقلص إيرادات قناة السويس تأتي في وقت عصيب تعاني فيه الخزانة المصرية شحاً حاداً في العملات الأجنبية وأبرزها الدولار الأميركي، إذ إن القاهرة تستورد نحو 85 في المئة من حاجاتها من السلع الرئيسة من الخارج.
تراجع حركة الشحن بالقناة 45 في المئة
وفقدت مصر أكثر من 9 مليارات دولار من احتياطات النقد الأجنبي، في أول أشهر الحرب الروسية – الأوكرانية فبراير (شباط) 2022 بسبب خروج بعض الاستثمارات، وارتفاع كلفة الواردات.
الأمم المتحدة أشارت إلى الأزمة ولكن سلطت الضوء بصورة أوسع على أزمة أسعار الغذاء عالمياً خصوصاً بالدول النامية، إذ قال مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” إن حركة الشحن التي تمر عبر قناة السويس انخفضت 45 في المئة في الشهرين الماضيين بعد تحويل شركات شحن مسار السفن نتيجة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، مما أدى إلى ارتباك طرق التجارة البحرية المضطربة بالفعل.
ارتفاع التضخم مجدداً
وحذر “أونكتاد” الذي يدعم الدول النامية في مسألة التجارة العالمية من أخطار ارتفاع التضخم وحالة عدم اليقين في شأن الأمن الغذائي وزيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وحولت شركات شحن مسار السفن بعيداً من البحر الأحمر منذ أن بدأت حركة الحوثي اليمنية، المتحالفة مع إيران وتسيطر على مناطق كبيرة من اليمن، في شن هجمات على سفن فيما تقول إنه تضامن مع الفلسطينيين في غزة، وردت الولايات المتحدة وبريطانيا بشن ضربات جوية ضد الحوثيين.
وذكر “أونكتاد” أن عدد السفن التي عبرت قناة السويس انخفض 39 في المئة مقارنة مع بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مما أدى إلى خفض حمولات الشحن 45 في المئة.
ثلاثة طرق تجارية عالمية رئيسة معطلة
وعن ذلك قال رئيس الخدمات اللوجيستية التجارية في “أونكتاد” جان هوفمان، إن “هناك الآن ثلاثة طرق تجارية عالمية رئيسة معطلة، تشمل إلى جانب البحر الأحمر تدفقات الحبوب والزيوت منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، وقناة بنما حيث أدى خفض منسوب المياه بفعل الجفاف إلى تراجع الشحن الشهر الماضي 36 في المئة على أساس سنوي و62 في المئة عنه قبل عامين” وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز” اليوم.
اقرأ المزيد
- رغم الأزمة الاقتصادية… مبيعات السيارات في مصر تصل إلى ذروتها في نوفمبر
- التصعيد في الشرق الأوسط يبعثر خطط المستثمرين والأسواق في 2024
- مصر تطلب تمويلا جديدا من صندوق النقد الدولي
- مصر تعلن كشفا بتروليا جديدا في خليج السويس
- “الدولار الأسود” يتحرك صعودا قبل اجتماع “المركزي المصري”
وأردف قائلاً “نحن قلقون جداً”، مضيفاً “إننا نشهد تأخيرات وزيادة في الكلف وفي انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري”.
وأشار إلى أن “الانبعاثات تزداد لأن السفن تختار مسارات أطول وتسافر بصورة أسرع أيضاً لتعوض أثر تحويل المسار”.
ويمر ما بين 12 و15 في المئة من التجارة العالمية وما بين 25 و30 في المئة من حركة الحاويات عبر قناة السويس.
تراجع شحنات الغاز الطبيعي المسال
وانخفضت شحنات الحاويات عبر القناة 82 في المئة في الأسبوع المنتهي في الـ19 من يناير (كانون الثاني) الجاري مقارنة بأوائل ديسمبر الماضي، وتراجعت شحنات الغاز الطبيعي المسال بصورة أكبر، في حين شهدت شحنات البضائع السائبة الجافة تراجعاً أقل بينما زادت حركة ناقلات النفط الخام قليلاً.
وسجلت أسعار الحاويات في التعاملات الفورية أكبر زيادة أسبوعية لها بواقع 500 دولار، مما لم يكن له تأثير في الشحنات من آسيا إلى أوروبا فحسب بل أيضاً على الطريق إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة من دون المرور على قناة السويس، الذي زاد لأكثر من الضعف، ومع ذلك، لم تصل الأسعار إلا لنصف الذروة التي بلغتها خلال جائحة “كوفيد-19” تقريباً.
التأثير قد يطاول أسعار المواد الغذائية
وقال هوفمان إن “التأثير قد يطاول أسعار المواد الغذائية”، مضيفاً أن “نصف الزيادات تقريباً التي حدثت منذ الحرب في أوكرانيا يرجع إلى ارتفاع كلف النقل، غير أن التأثير في المستهلكين النهائيين في الدول المتقدمة قد يستغرق بعض الوقت”.
وأضاف “تمرير أسعار الشحن المرتفعة هذه إلى المستهلكين يستغرق وقتاً قد يصل إلى عام حتى نراها بالفعل في المتاجر”.
إيرادات القناة قد تتقلص بنحو 6 مليارات دولار
في القاهرة أكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع أن “إيرادات القناة قد تنخفض إلى 6 مليارات دولار العام الحالي، إذا استمر تأثر القناة بتوترات البحر الأحمر بمعدل تراجع 40 في المئة، مقابل 10.250 مليار دولار في 2023”.
وأضاف رئيس هيئة قناة السويس، في تصريحات إعلامية مساء أمس الخميس، أن “ما يحدث في البحر الأحمر أثر في قناة السويس، إذ انخفض عدد السفن المارة بها بنسبة 34 في المئة في يناير الجاري على أساس سنوي، والحمولة الصافية 48 في المئة والعائد بالدولار 44 في المئة”.
فقدان 6 مليارات دولار دفعة واحدة قد يؤثر أيضاً في رصيد القاهرة من صافي احتياطات النقد الأجنبي، فعلى رغم ارتفاع الاحتياط في نهاية العام الماضي إلى 35.22 مليار دولار، فإنه لا يزال بعيداً من مستوياته القياسية عندما وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في فبراير 2020 مسجلاً 45.515 مليار دولار، وذلك قبل جائحة كورونا.
اتفاقات جديدة بـ195 مليون دولار
في سياق قريب الصلة وقعت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية التابعة لقناة السويس خمسة اتفاقات إطارية مع عدد من شركات القطاع الخاص التي تعمل في مختلف القطاعات الصناعية بقيمة استثمارية تتجاوز 195 مليون دولار.
ونقل مجلس الوزراء المصري في بيان صحافي الثلاثاء الماضي عن رئيس الهيئة العامة وليد جمال الدين أن هذه الخطوة تستهدف تعظيم الاستفادة من موارد الدولة وتقديم حوافز مشجعة وداعمة للمستثمرين، وذلك من خلال اتفاق إطاري بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية والشركات المستهدفة.
وأضاف جمال الدين أن الاتفاقات تشمل إمكانية مساهمة الهيئة في إعداد دراسات الجدوى وكذا عرض المشاركة بحصة في تلك المشروعات مقابل قيمة حق الانتفاع بالأرض، لافتاً إلى أن تلك الاتفاقات الخمسة تعد بداية لعدد 50 اتفاقاً تم التفاوض في شأنها.