انطلقت من خان يونس وامتدت إلى رفح وردد المحتجون شعار “الشعب يريد إسقاط حماس” داعين إلى إطلاق سراح الرهائن
خرج سكان غزة في تظاهرات تطالب بوقف إطلاق النار بشكل عاجل (اندبندنت عربية – مريم أبو دقة)
على غرار التظاهرات التي تجوب إسرائيل وبعض عواصم العالم وتطالب بوقف حرب القطاع، خرج آلاف المتظاهرين في غزة يطالبون بضرورة وقف إطلاق النار وحمايتهم من الانتهاكات الجسيمة التي تعرضوا لها خلال أيام القتال.
وانطلقت شرارة المشاركة في احتجاجات ضد استمرار الحرب، من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وهي المنطقة التي كانت تضم أكبر عدد من النازحين، وأيضاً البقعة التي تصنفها إسرائيل بأنها معقل قيادات حركة “حماس” وتجري فيها معارك قاسية.
شعارات الاحتجاجات
وفي خان يونس شارك آلاف النازحين في تظاهرة لم يتم التنسيق المسبق لها، إذ احتشد عشرات الأفراد وأخذوا يهتفون بـ”الشعب يريد وقف إطلاق النار”، ثم انضم إليهم المئات من المشردين.
وخرج المتظاهرون على مدار الأيام الثلاثة الماضية في احتجاجات، شارك في آخرها مئات الآلاف من سكان غزة، حاملين لافتات مكتوب عليها “يكفي دماراً” و”أوقفوا الحرب” و”الشعب يريد السلام” و”نريد العودة إلى بيوتنا”.
وهتف المتظاهرون بالشعارات المكتوبة على اللافتات التي رفعوها، إلا أن بعضهم هتف بـ”الشعب يريد إسقاط حماس” وردد خلفه المئات من المحتجين بنفس العبارة، كما طالبوا أميركا والوسطاء بالعمل بشكل رسمي على إيقاف الحرب.
وآخر تظاهرة كانت في مدينة خان يونس أثناء نزوح آلاف العائلات منها هرباً من القصف، وتشكلت بطريقة عشوائية، وكانت أمام الآليات العسكرية الإسرائيلية التي اجتاحت المنطقة، وفيها هتف النازحون “يا نتنياهو ويا سنوار بكفي حرب ودمار”.
مطالبات بإطلاق سراح الرهائن
لم يقتصر هذا الحدث الذي يعد الأول من نوعه على مدينة خان يونس، وامتد ليشمل محافظة رفح أقصى جنوب القطاع، والتي شهدت احتجاجات سلمية كبيرة في أنحاء متفرقة تطالب أيضاً بضرورة العمل على وقف الحرب.
وتعد رفح المنطقة الإنسانية الجديدة التي خصصتها إسرائيل للمدنيين وطلبت منهم النزوح إليها، وبالفعل توجه نحوها قرابة 1.5 مليون نسمة، على رغم أن المحافظة صغيرة المساحة ولا تتجاوز 36 كيلومتراً، كما أنها لا تتسع لهذا العدد الضخم، خصوصاً أنها تفتقر لأدنى مقومات الحياة، إذ يغلب عليها الطابع البدائي حتى في العمران.
وفي محافظة رفح، كانت أغلب التحركات في الليل، وشارك فيها آلاف المحتجين المطالبين بوقف إطلاق النار، ووقف الاستغلال، ومحاسبة ما أسموه “تجار الحرب”، وكذلك دعوا القيادات الفلسطينية إلى إغلاق ملف “الصراع”.
واللافت في تحركات رفح أن المتظاهرين الفلسطينيين دعوا إلى تسليم الرهائن الإسرائيليين التي تحتجزهم حركة “حماس” في غزة، كما شددوا على أنهم بحاجة إلى العودة لمنازلهم، وكذلك طالبوا زعيم الحركة يحيى السنوار ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بوقف الحرب الدائرة التي دمرت القطاع بالكامل.
محاولة قمع
إلا أن عناصر من أمن “حماس” في رفح كانوا يستقلون سيارة، حاولوا تفريق التظاهرات بالقوة، إلا أن المحتجين تصدوا لتلك المحاولة واستمرت التظاهرات لفترة طويلة.
وكانت احتجاجات رفح التي غلب عليها الطابع الإنساني، باعتبار أن غالبية المشاركين فيها هم من الأطفال والنساء، الفئتان اللتان دفعتا الثمن الأكبر في الحرب لما سقط منهما من ضحايا، هي مجرد رد فعل بسيط من المواطنين الذين “ذاقوا المر”.
رفضوا الاستغلال
تقول صابرين وهي إحدى المشاركات في الاحتجاج وتحمل بيدها طفلتها، “أولادنا لا ينامون الليل من شدة البرد ولخوفهم من دوي القصف، ولا أي قيادي يرحمنا والجميع تخلى عنا، هذا شيء يدعو إلى القهر والثورة”.
وتضيف “سكان غزة لا يريدون المساعدات ويكذبون عليكم في قصة المساعدات التي يطلبونها، سكان غزة يريدون هدنة طويلة عاجلة، نريد العيش بسلام، يكفي حروب ودم”.
وتكمل صابرين وهي تصرخ “أطفالنا يرغبون في حياة كريمة، نحن نريد وقف إطلاق النار بشكل عاجل وفوري، نطالب جميع المسؤولين بذلك، ونقول للعالم نحن الشعب ضحية ومغلوب على أمرنا”.
“نريد العيش بسلام”
وترفع صابرين نبرة صوتها وهي تردد “إذا كنتم تريدون حرباً فنحن لا نريد، أوقفوا ارتفاع الأسعار الجنوني، أوقفوا الاستغلال، حرام أن نتوسل الشرطة لتوفير خيمة ونحصل عليها بعد توجيه الإهانة لنا، نحن نريد العيش”، سكتت للحظات وقالت مجدداً “نريد أن نعيش”… وهتف من خلفها بهذه العبارة.
سكان غزة كانوا نظموا قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، تظاهرات واحتجاجات بهذا العنوان، وكانت تطالب بتحسين واقعهم المعيشي، لا دفعه نحو الأسوأ والذهاب إلى القتال العسكري.
حينها تعرضت هذه التحركات إلى القمع من الأجهزة الأمنية التي منعت سكان غزة من المشاركة فيها، وكذلك تم استدعاء منظميها واحتجزتهم لفترة زمنية وحققت معهم طويلاً.
يدفعون ثمن الحرب
بغض النظر عن ذلك، فلتظاهرات غزة دوافع كثيرة، يقول الباحث في الشؤون السياسية زيد الأيوبي “يئس السكان من تقديم تضحيات من دون فائدة، لذلك شاركوا في هذه الاحتجاجات، وشعروا أنهم ضحية الحروب”.
ويضيف “ربما الذي دفعهم إلى هذه الاحتجاجات هو عدم رغبة أي طرف في تقديم تنازلات، وهذا أدى إلى طول مدة القتال، وبسبب ذلك سقط ضحايا بين المدنيين”. لكنه يشير إلى عدم استعداد غزة للصراع دفعهم إلى اليأس من الحرب.
ويوضح أن تخلي الجهات الحكومية عن سكان غزة وتركهم يواجهون ظروف الحياة القاسية دفعهم إلى الانتفاضة ضد الحرب، ناهيك عن الاستغلال وغلاء الأسعار وعدم تقديم المساعدات لمستحقيها.
ويبدو أن صوت المتظاهرين مسموع إلى حد ما، إذ عقب هذه الاحتجاجات أبدت قيادات حركة “حماس” تحولاً في مطالبهم بشأن الحرب، وبدأوا يتجهون نحو قبول صفقة تبادل وهدنة طويلة من دون وقف الحرب بشكل دائم، على عكس ما اشترطت به الحركة مراراً.