بلغ معدل نمو الأجور السنوي في أميركا 4.5 في المئة عام 2023 (أ ف ب)
في رده على سؤال الصحافيين أوضح رئيس “الفيدرالي الأميركي” جيروم باول أنه خفض الفائدة في مارس (آذار) 2024 غير وارد، وأتى هذا الرد بعد سلسلة من التوضيحات من قبل باول يذكر فيها بقوة الاقتصاد الأميركي، وقوة سوق العمل، وأنهم يرغبون في زيادة الثقة في شأن مسار خفض التضخم خلال الفترة الماضية، وذلك أنهم لا ينتظرون بيانات قوية، بل يرغبون في قوة مستمرة ومستديمة للبيانات الاقتصادية.
أتت هذه التصريحات في المؤتمر الصحافي لـ”الاحتياط الفيدرالي” بعد تثبيت سعر الفائدة للمرة الرابعة في اجتماع يناير (كانون الثاني) 2024، لتخالف توقعات الأسواق، وكان الاجتماع أشبه بإعلان انتصار لـ”الفيدرالي” على التضخم.
توقعات الأسواق كانت أن “الفيدرالي” سيمضي أكثر في تمهيد الأسواق لبدء دورة جديدة من تيسير السياسة النقدية، وبدأت الأسواق مباشرة بتوقعاتها بعزم “الفيدرالي” التخفيض في مارس 2024، وكانت هذه النسبة تفوق الـ80 في المئة قبل شهر من الاجتماع الأخير، وتبددت هذه التوقعات وتراجعت إلى دون الـ40 في المئة قبل اجتماع شهر يناير هذا العام، وهو الاجتماع الأول لـ”الفيدرالي”، وتراجعت هذه التوقعات بعد تطور إيجابي للبيانات الاقتصادية من القطاع الصناعي، وبيانات قوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي التي خرجت عند 3.3 في المئة للفصل الأخير من العام الماضي، وهذه البيانات الاقتصادية القوية خفضت من رهان السوق على بداية خفض الفائدة في مارس من هذا العام.
بيانات وظائف قوية من سوق العمل الأميركية
أظهرت بيانات سوق العمل الأميركية لشهر يناير 2024، قوة سوق العمل، إذ أعلنت وزارة العمل عن إضافة 353 ألف وظيفة، بينما كانت توقعات الأسواق تشير إلى 176 ألف وظيفة، وهذا الرقم الكبير من الوظائف، إضافة إلى عدد الوظائف الشاغرة المتوفرة في سوق العمل الذي فاق تسعة ملايين وظيفة علاوة على استمرار قوة الأجور أقلقت “الفيدرالي” من أن هذه القوة في معدل الأجور ربما تدفع التضخم للارتفاع مستقبلاً، إذ يبلغ معدل نمو الأجور السنوي في أميركا 4.5 في المئة عام 2023، مقابل معدل تضخم 3.4 في المئة، وهذه العلاوة للأجور فوق معدل التضخم تجعل التوقعات بارتفاع التضخم مستقبلاً لها ما يبررها، وأيضاً أظهر البيان تراجع نسبة البطالة إلى 3.7 في المئة، وهذه النسبة هي ما دون أربعة في المئة لمدة عامين، مع ارتفاع عدد الوظائف الشاغرة، وهذا تأكيد إضافي لقوة سوق العمل الأميركية التي يرتكز عليها “الفيدرالي الأميركي” في عدم العجلة لبدء دورة سياسة نقدية وشيكة.
اتجاهات السياسة النقدية وعدم استعجال “الفيدرالي”
عاد الجدل من جديد حول توقيت بدء خفض سعر الفائدة من قبل “الفيدرالي الأميركي”، إذ يرى فريقاً أنه يتعين على “الفيدرالي” الإسراع بخفض سعر الفائدة في ظل التأثير السلبي للمستويات المرتفعة الحالية من الفائدة، بخاصة كلفة الإقراض والخوف من عودة الركود الاقتصادي، بينما في المقابل فريق آخر يرى أن البيانات الاقتصادية الحالية قوية بما يكفي لتساعد “الفيدرالي” في عدم العجلة لبدء التخفيض، وأن قوة هذه البيانات ربما تكون سبباً في عودة معدلات التضخم للارتفاع، وبذلك يفقد “الفيدرالي” أهم أدواته لمواجهة خطر عودة اشتعال موجات التضخم من جديد، بعد تراجعه على مدار الستة أشهر الماضية.
بحسب توقعات المتداولين في الأسواق الآجلة، تراجعت توقعات خفض سعر الفائدة في مارس المقبل ربع نقطة إلى 38 في المئة، بينما ارتفعت نسبة تثبيت الفائدة إلى 62 في المئة، وكانت قبل شهر 29 في المئة، وهذا ترجيح إضافي لعدم خفض سعر الفائدة الشهر المقبل..