بايدن وترامب… مرشحا “كأس العالم في زلّات اللسان”

1

الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن ومنافسه المحتمل دونالد ترامب

فيما تشتعل أجواء المنافسة الانتخابية بين الرئيس الأميركي الحالي الديموقراطي جو بايدن، ومنافسه الجمهوري المحتمل الرئيس السابق دونالد ترامب، تتعدّد ملفات التشابه بين الاثنين في أوجه تتخطّى العوامل الانتخابية المباشرة، من مواجهة كل منهما قضايا متداولة في المحاكم، وصولاً إلى “زلّات اللسان” العديدة التي تكرّرت من كليهما على مدار الأشهر الأخيرة.

وتشكّل زاوية “زلّات اللسان” تحدّياً جديداً أمام المواطن الأميركي -غير الحزبي- للاختيار بين المرشحين الأكثر احتمالاً للمواجهة في الانتخابات المقبلة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وبينما انتقد ترامب مراراً غريمه بايدن وتندّر على هفواته، وصولاً إلى المطالبة بإجراء فحص إدراكي للأخير، فإنّ سجل ترامب يذخر بدوره بهفوات فائقة.

وتُظهر استطلاعات الرأي أنّ الناخبين الأميركيين يشعرون بقلق متزايد بشأن عمر بايدن الذي سيكون 82 عاماً في بداية ولايته الثانية و86 عاماً في نهايتها. ويبدو الناخبون أقل قلقاً بشأن عمر ترامب البالغ 77 عاماً والذي يترشح لولاية رئاسية أخرى.

وفي تصعيد جديد ضدّ بايدن، اعتبر رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري مايك جونسون، والذي يُعتبر حليفاً لترامب، أنّ بايدن “ليس أهلاً” لتولّي الرئاسة.

ومساء الخميس، خلص تحقيق استمر عامين في قضية العثور على وثائق رسمية مصنّفة “سرّية للغاية” عام 2022 في مكتب قديم لبايدن في ديلاوير، يعود تاريخها إلى الفترة التي كان فيها بايدن نائباً للرئيس الأسبق باراك أوباما، إلى أن “لائحة الاتهام لن تكون مبرّرة”، لكنه وصف بايدن بأنّه “رجل مسن صاحب ذاكرة سيئة”.

وقال جونسون إنّ “الرجل الذي يُعتبر أكثر عجزاً من أن يتمّ تحميله مسؤولية سوء إدارة معلومات سرّية، هو بالتأكيد ليس أهلاً لتولّي المكتب البيضوي” في البيت الأبيض.

ثالثة الأثافي “في أسبوع”

وفي ردّ على الانتقادات المتوالية من ترامب وآخرين، عقّب بايدن على التقرير خلال خطاب مفاجئ فجر الجمعة، في نبرة غاضبة أمام الصحافيين في البيت الأبيض، قائلاً: “حسناً، أنا رجل مسن وأعرف ما أفعله. لا أعاني مشاكل في الذاكرة”… لكن بعد لحظات ارتكب خطأ جديداً في معرض تصريحات عن حرب غزة، حين ذكر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي معرّفاً منصبه بأنّه “الرئيس المكسيكي”.

وتعدّ هذه الهفوة الثالثة لبايدن خلال أسبوع واحد فقط، إذ ذكر الأربعاء الماضي أنّه التقى عام 2021 المستشار الألماني هلموت كول (الذي توفي عام 2017) بدلاً من أنغيلا ميركل.

وجاء ذلك بعد أيام من قول بايدن يوم الأحد الماضي إنّه تحدث إلى الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران (الذي توفي عام 1996)، بدلاً من الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، أثناء تطرّقه للحديث أيضاً عن قمّة مجموعة السبع نفسها التي عُقدت في بريطانيا في حزيران (يونيو) عام 2021.

وفي خطاب نهاية الشهر الماضي، وصف بايدن سلفه ترامب بـ”الرئيس الحالي”. وفي آذار (مارس) الماضي حيّا الصين بدلاً من كندا أمام البرلمان الكندي، قبل أن يتدارك الأمر ويصحّح جملته.

وفي حزيران (يونيو) الماضي، تعدّدت الهفوات، إذ وصف بايدن رئيس الوزراء الهندي ناريدرا مودي بـ”رئيس وزراء الصين”، كما قال في أحد تصريحاته إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يخسر الحرب في العراق”. وفي الشهر ذاته، ختم أحد خطاباته بجملة “حفظ الله الملكة” التي كانت تُستخدم في بريطانيا لتحية الملكة إليزابيث الثانية، رغم أنّ الملكة توفيت في عام 2022، ولا يعلم أحد على وجه اليقين سبب استخدام بايدن التعبير.

من السياسة إلى الفن والاقتصاد

ولا تقتصر هفوات بايدن على الأمور السياسية، إذ سبق أن هنأ المطربة الشهيرة كوين لطيفة بالحصول على “جائزة إنيمي (العدو)”، بدلاً من “جائزة إيمي” الفنية. وأيضاً ذكر في أحد خطاباته أنّ متنزه “غراند كانيون” (الأخدود العظيم) هو إحدى عجائب الدنيا “التسع”، بدلاً من “السبع”.

وفي مجال الأرقام أيضاً، يبدو بايدن مشتتاً كثيراً، إذ ذكر في أحد خطاباته حول إنجازات البنية التحتية، أنّ الاستثمارات “أكثر من مليار و300 مليون وتريليون و300 مليون دولار”، وكذلك حين تحدث قبل نحو عامين عن ضحايا فيروس كورونا قائلاً إنّه قتل “أكثر من 100 شخص”، علماً بأنّ الرقم الفعلي يزيد على 1.1 مليون شخص ماتوا بسبب المرض في الولايات المتحدة.

ترامب غير محصن

لكن الأمر لا يقتصر في مجال الهفوات على بايدن، فأحاديث ترامب أيضاً تذخر بزلّات اللسان. وأحدثها حين خلط مؤخّراً بين منافسته على ترشيح الحزب الجمهوري نيكي هايلي ورئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي.

وعلّقت بيلوسي على الأمر انّه “يمكن لأي شخص أن يخلط بين الأسماء… لكن 7 مرات، فهذا كثير جداً”.

ورغم أخطائه الفادحة، أكّد ترامب قبل أسابيع أنّه يشعر بأنّه أكثر تركيزاً مما كان عليه قبل 20 عاماً، وذلك رداً على الانتقادات.

والعام الماضي، قال ترامب إنّ رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان هو زعيم تركيا، وحذّر أيضاً في خطاب آخر من أنّ الولايات المتحدة كانت على وشك دخول “الحرب العالمية الثانية” التي انتهت فعلياً عام 1945، وذلك إلى جانب ذكر اسم الرئيس الأسبق باراك أوباما بدلاً من بايدن في أحاديث عدة.

كما ذكر ترامب في إحدى المرات أنّه هزم أوباما أيضاً في انتخابات الرئاسة عام 2016، بدلاً من المرشحة الديموقراطية آنذاك هيلاري كلينتون. وذلك إضافة إلى الخلط كثيراً بين المرشح الرئاسي السابق جيب بوش وشقيقه الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش.

وفي إحدى جولاته الانتخابية الخريف الماضي، شكر ترامب بشكل خاطئ مؤيّديه في مدينة سيوكس فولز، وهي بلدة في داكوتا الجنوبية، رغم أنّه كان في سيوكس سيتي بولاية أيوا على بعد حوالى 75 ميلاً، قبل أن يجذبه مساعدوه جانباً لتصحيح الخطأ.

حيرة الناخبين

وفي تعليق نهاية العام الماضي، حذّر حاكم فلوريدا رون ديسانتيس قائلاً: “دونالد ترامب في الوقت الراهن مختلف عمّا كان عليه في عامي 2015 و2016… الآن، هو مجرد رجل مختلف، ومن المؤسف أن نرى ذلك”، حتى أنّ حملة ديسانتيس (المرشح المنافس عن الحزب الجمهوري في ذلك الوقت) زعمت أنّ تدهور قدرات ترامب العقلية قد تكون سبباً في أنّ مسؤوليه لن يسمحوا له بالمناظرة… وبالفعل فقد رفض ترامب إجراء أي مناظرات حتى الآن.

ووفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، فإنّه إذا بدأت فجوة المقارنة تضيق بين من يرون أنّ عمر بايدن لا يسمح له بالحكم ولاية جديدة، ونفس الشيء بالنسبة لترامب، فإنّ الملياردير الجمهوري قد يخسر الكثير في الانتخابات الرئاسية المقرّرة في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام المقبل.. لكن المحلل السياسي لاري ساباتو قال في تصريح لشبكة “سي إن إن”، إنّ “أنصار ترامب لا يهتمون إذا زلّ زعيمهم. قاعدة ترامب، وهي الجزء الأكبر من القاعدة الجمهورية، لا تستمع إلى أي انتقاد له”.

التعليقات معطلة.