اقتصادي

“تسلا” في نفق الأزمات… من المحاكم إلى الصدأ

سيارة تسلا موديل واي

تطارد الأزمات عملاق السيارات الكهربائية “تسلا” بشكل كبير منذ بداية العام، سواءً لجهة المنافسة الشرسة على صدارة العالم في هذا القطاع، أم  لجهة ما يتعرّض له مالكها الملياردير إيلون ماسك من مشكلات، بعضها مع القضاء.

منذ بداية العام الجاري، تراجع سعر سهم “تسلا” من مستوى حول 248 دولاراً إلى 188 دولاراً فقط، ليفقد بذلك كل مكاسبه منذ أيار (مايو) 2023، ولتفقد الشركة ما يزيد عن 100 مليار دولار من قيمتها السوقية التي صارت تقدّر بنحو 590 مليار دولار في أحدث تقييم، علماً أنّها كانت تناهز 1.2 تريليون دولار في خريف عام 2021.

وبعدما احتكرت “تسلا” عرش السيارات الكهربائية طويلاً، أزاحتها “بي واي دي” الصينية في الربع الأخير من العام الماضي عن القمّة، حين بلغت مبيعات الأخيرة الفصلية 526 ألف سيارة، مقابل 484 ألف سيارة فقط لـ”تسلا”. وعلى مستوى العام 2023، أنتجت الشركة الصينية أكثر من 3 ملايين سيارة هجينة وكهربائية، مقابل 1.81 مليون فقط لـ”تسلا”.

وجدير بالذكر، أنّ ماسك سبق أن تهكّم قبل نحو 11 عاماً من مشروع “بي واي دي” للسيارات الكهربائية، وتوقّع آنذاك فشلها في تسويق منتجاتها حتى داخل الصين نفسها.

والشهر الماضي، أعلنت “تسلا” عن أرباح فصلية أقل من التقديرات، وحذّرت من نمو “منخفض بشكل ملحوظ” للمبيعات هذا العام، بينما تعمل على إطلاق الجيل التالي من سياراتها، فيما أحجمت عن إعلان “هدف التسليمات” كما اعتادت لسنوات. ورغم أنّ المحلّلين يتوقعون مبيعات في حدود 2.2 مليون سيارة خلال عام 2024، وبنمو نحو 20% عن مستوى 2023، إلاّ أنّ الأفق لا يزال شديد الغموض.

أزمة الراتب

وكانت أحدث المشكلات، بعدما أبطلت قاضية أميركية في ديلاوير، حيث مقرّ “تسلا”، الشهر الماضي، حزمة رواتب ماسك البالغة 56 مليار دولار تقريباً في الشركة. وقالت القاضية إنّ ماسك “مارس نفوذاً هائلاً خلف الأبواب المغلقة، أثناء وضع خطة توزيع أسهم الشركة في عام 2018، بطريقة تُشكّك في نزاهة العملية”.

وفور صدور الحكم، قال الملياردير إنّه سيستدعي المساهمين في “تسلا” للتصويت على نقل تسجيل شركة تصنيع السيارات الكهربائية إلى ولاية تكساس.

ويوم الأربعاء، أظهر إفصاح مقدّم إلى مكتب ولاية ديلاوير، أنّ شركة “سبيس إكس”، المملوكة لماسك، تسعى إلى نقل مقرّ تسجيلها إلى تكساس، وسط غموض حول موقف “تسلا”، بخاصة أنّه قام بنقل تسجيل شركة أخرى وهي “نيورالينك” إلى ولاية نيفادا الأسبوع الماضي.

لكن ربما يكون الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة الى “تسلا” كونها مقيّدة بالبورصة، على خلاف “سبيس إكس” و”نيورالينك” المملوكتين بالكامل لماسك.

وربما يكون ما أُشيع من أخبار الشهر الماضي عن سعي ماسك لشراء حصّة أكبر من أسهم “تسلا” واستعادة السيطرة على الشركة، متصلاً بالأمر.

وكان ماسك قد باع حصة ضخمة من أسهمه في الشركة قبل أقل من عامين، في سياق توفير سيولة لشراء منصّة “إكس” (تويتر سابقاً). لتتقلص حصته في “تسلا” إلى نحو 13 % فقط حالياً.

وفي أحدث تطورات حكم المحكمة الأخير، أشارت “رويترز” إلى أنّ ماسك سيتقدّم بطلب لإيقاف الحكم موقتاً، من أجل البحث عن تسوية مع المساهمين.

وقال غريغ فارالو، محامي المساهمين لـ”رويترز”، يوم الثلثاء، إنّ الجانبين سيوافقان على التسوية إذا تمكنا من التوصل إلى اتفاق. وإذا قبلت المحكمة الطلب، فسيكون أمام ماسك 60 يومًا لتقديم استئناف إلى المحكمة العليا في ديلاوير، والذي من المحتمل أن يستغرق النظر فيه نحو 6 أشهر على الأقل.

نفايات ومخدرات

وإضافةً إلى أزمة راتب ماسك، تواجه شركة “تسلا” دعوى قضائية من 25 مقاطعة في ولاية كاليفورنيا، تتهمها فيها بسوء التعامل مع النفايات الخطرة في المنشآت في جميع أنحاء الولاية، وفقًا لشكوى مقدّمة إلى المحكمة العليا في مقاطعة سان جواكين، والتي تطالب بإصدار أمر قضائي لإجبار “تسلا” على التعامل مع النفايات بشكل صحيح، بعد أشهر من فشل المفاوضات. وتشمل النفايات المعنية مواد مثل زيوت التشحيم وسوائل الفرامل ونفايات البطاريات وغيرها.

وبعيداً من القضايا الاقتصادية والصناعية، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مطلع الشهر الجاري، أنّ ماسك استخدم المخدرات غير المشروعة أمام ومع عدد من المديرين الحاليين والسابقين لشركتي “تسلا” و”سبايس إكس”.

وذكرت الصحيفة في تقرير سابق، أنّ ماسك استخدم عقار “إل إس دي” والكوكايين وغيرها في الحفلات الخاصة، لكن محامي ماسك أكّد وقتها أن ماسك كان يخضع لاختبارات المخدرات بشكل منتظم وعشوائي، ولم يفشل أبدًا في الاختبار.

وبالتزامن، فإنّ موظفي “تسلا” يبدو أنّهم سيمرون بأوقات عصيبة خلال الفترة المقبلة، بعدما أشارت تقارير صحافية إلى أنّ ماسك طلب من المديرين في الشركة تحديد مدى أهمية منصب كل موظف وتقييم عمله، لتروّج فكرة أنّ ماسك بصدد تسريح بعض العاملين في الشركة على غرار ما فعله في “إكس”، بخاصة في ظل النتائج المخيبة للشركة في الفترة الأخيرة.

دعوات الصدأ

أما آخر جولات الانتقادات الموجّهة الى “تسلا”، فكانت حين أعرب عدد من أصحاب الشاحنة الكهربائية الجديدة “سايبر تراك” على موقع باسم “رابطة ملاك سايبر تراك”، عن مخاوفهم من احتمالات تعرّض أجزاء خارجية من الشاحنة للصدأ. وذلك رغم تأكيد ماسك استخدام “صلب مقاوم للصدأ فائق الصلابة” في صناعة جسم الشاحنة و”معدن شفاف” في الأجزاء الزجاجية منها.