قال فلسطينيون شرّدتهم الحرب ويخشون هجوما إسرائيليا على رفح، آخر ملاذ آمن نسبيا في قطاع غزة، إنهم يتوقون بشدة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بسبب الأوضاع الكارثية التي تحيط بهم وشبح المجاعة الذي يلوح في الأفق.
يأتي ذلك في الوقت الذي تقول فيه الولايات المتحدة إن من المحتمل الاتفاق على هدنة مؤقتة قريبا.
وقد يتمخض اتفاق يُقترح تطبيقه مع بداية شهر رمضان في أوائل آذار (مارس) عن وقف للقتال للمرة الأولى منذ هدنة قصيرة في تشرين الثاني (نوفمبر) وعن تخفيف لحدة الكارثة الإنسانية التي تتكشف في غزة.
ويناقش مفاوضون مقترحا وردت أنباء بشأنه عن هدنة مدتها ستة أسابيع لكن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” قالت إن خلافات كبيرة لا تزال تعترض سبيل المقترح وإنها لا تزال تطالب بوقف دائم للقتال.
وأوضحت رحاب رضوان، وهي امرأة هجرت منزلها في خان يونس واستقرت في خيمة على جانب طريق “نحن نتأمل أن يكون وقف إطلاق نار دائم شامل، لا نريد أن نعود للحرب ثانية لأن الحرب الأولى دمرتنا، دمرت بيوتنا. الآن نحن نزحنا منذ 3 أشهر تعبنا من الهجرة، ونقطن في نايلون، هل تتخيل لا يوجد لدينا مأكل، ولا مشرب، ليس لدينا أدنى مقومات الحياة. ونأمل أن يكون وقف إطلاق النار دائماً ونعود إلى أماكننا. صحيح لم يعد لدينا منازل لكن نعود الى أماكننا، لا نريد أن نبقى مهجرين.. هذا أملنا”.
وبعد ما يقرب من خمسة أشهر من الحملة الجوية والبرية الإسرائيلية، فرّ نحو 85 بالمئة من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم، وتضرّرت معظم المنازل أو دمّرها القصف. وتقول وكالات إغاثة إن المجاعة تلوح في الأفق والأمراض تنتشر في رفح.
وبدأت الحرب بعد هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الذي أدّى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
وتقول السلطات الصحية في القطاع الذي تديره “حماس” إن الحملة الجوية والبرية الإسرائيلية في غزة أدت منذ ذلك الحين إلى مقتل نحو 30 ألف فلسطيني.
* هدنة دائمة أم مؤقتةقال فرج بكرون الذي كان يسير بصحبة طفل صغير في شوارع رفح المزدحمة التي تقول إسرائيل إنها تخطط لمهاجمتها، إن “شروط الهدنة المقترحة غير منطقية”.
وبالإضافة إلى وقف القتال لمدة أسابيع فقط، ليس هناك ما يشير إلى أن إسرائيل ستسمح للأشخاص الذين فروا إلى الجنوب بالعودة إلى منازلهم في الشمال، خاصة إذا كانوا رجالا في سن الخدمة العسكرية.
وأضاف بكرون: “إذا كانت الهدنة كالتي سبقت وتبدأ الحرب مرة أخرى فلا نريدها. وإذا لم نتمكن من العودة الى الشمال (لا نحتاجها لنبقى هنا حتى تنتهي الحرب. نريد وقفا شاملا لإطلاق ، لا نريد هدنة وتبدأ الحرب مجددا… لا نستطيع أن نترك أولادنا ونذهب ثم نعود لأخذهم، ولا يمكننا أخذهم إلى منازلنا”.
لكن كثيرين من سكان غزة يرحّبون بأي وقف للقتال حتى لو لم يرق إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وقال رشاد ضاهر: “بالنسبة للهدنة المؤقتة، هذا نسأل الله أن تتم. لكن هناك تخوف منها. ممكن أن تخرقها إسرائيل في أي وقت، لا ضمانات، لأن في أي وقت ممكن تغتال أي أحد. نريد هدنة دائمة. وهناك مخاوف من الهدنة المؤقتة ويمكن أن لا تنجح”.
وأشار أحمد الفار الذي يعيش في رفح بعد فراره من منزله في مدينة غزة في الشمال، حيث تركز الهجوم الإسرائيلي في بداية الحرب، إلى أنه يأمل في التوصل إلى هدنة “أنا باتمنى من الله أن يتم الالتزام بالهدنة حتى يلتقط الشعب أنفاسه، ويلم جراحه وينجو من الخسائر البشرية اليومية التي يتكبّدها الشعب يوميا، من 150 إلى 200 شهيد، هذ خسارة شعبية فادحة وخسارة لأبنائنا وشبابنا ورجالنا ونسائنا”.