اجتماع ليبي جديد في تونس لا ينهي الانقسام… وشكوك حيال مستقبل باثيلي

1

المشاركون في اجتماع تونس.لا يزال الغموض يلف المشهد الليبي مع تراجع الاهتمام بالعملية السياسية ومستقبلها وصعود الملفين الأمني والاقتصادي. ووسط هذه الأجواء عُقد في العاصمة التونسية لقاء جديد جمع أعضاء في مجلسي النواب والأعلى للدولة (السلطة التشريعية المفترضة). تواكب ذلك مع ترتيبات دولية جديد للملف الليبي أظهرها قرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تعيين الأميركية ستيفاني خوري نائبة للموفد الأممي إلى ليبيا عبد الله باثيلي، في خطوة تأتي وسط تعثر مهمة الأخير، وتعزز الشكوك حيال مستقبله. وخوري هي ثاني أميركية تشغل منصب نائب الموفد الأممي في ليبيا، بعد مواطنتها ستيفاني وليامز التي كانت نائبة الموفد السابق غسان سلامة، قبل أن تترأس البعثة بالإنابة بعد مغادرته منصبه. وتدرجت الدبلوماسية الأميركية (من أصل لبناني) في مناصب عدة على مدى 30 عاماً، تتعلق بإدارة النزاعات وبناء السلام في الشرق الأوسط، عاشت نحو 15 عاماً منها في العراق ولبنان وليبيا وسوريا السودان واليمن، كما شغلت أخيراً منصب مديرة الشؤون السياسية في بعثة الأمم المتحدة للمساعدة الانتقالية في السودان. وعملت أيضاً زميلة باحثة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية ومع المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك منظمة البحث عن أرضية مشتركة. 

إشكالية “بيان تونس”وعشية قرار غوتيريش، كان 120 عضواً في النواب والأعلى للدولة منضوين في ما يسمى “كتلة التوافق” بين المجلسين، يعقدون اجتماعاً في تونس، رغم شكواهم في البداية من عراقيل تضعها سفارة ليبيا هناك بتعليمات من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، لمنع انعقاد الاجتماع الذي لم يأت بجديد وتحفظ باثيلي عن مخرجاته. ووفقاً لبيان مشترك وزع على الصحافيين عقب اجتماع تونس، أعلن المشاركون اتفاقهم على ضرورة الدفع نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وكذلك تشكيل حكومة وطنية موحدة، معربين عن قلقهم من “التداعيات الخطيرة لحالة الانقسام المؤسساتي على الأوضاع المعيشية وما بات يشكله من تهديد مباشر على سيادة البلاد ووحدة ترابها واستقرارها الأمني وسلمها الاجتماعي”. وشدد البيان المشترك على التزام مخرجات اللجنة القانونية المشتركة المعروفة بـ”لجنة 6+6″ كإطار تشريعي ودستوري لإنجاز الانتخابات، مع دعوة المفوضية الوطنية للانتخابات إلى الشروع في تنفيذ تلك القوانين، وإعلان موعد إجراء الانتخابات. وأكد ضرورة تشكيل حكومة وطنية جديدة ببرنامج عمل واضح تعمل على التجهيز والإشراف على الاقتراع، داعياً إلى “اختيار رئيس حكومة بشفافية ونزاهة برعاية البعثة الأممية”. الانقسام مستمروإذ لم تأت تلك التوافقات بجديد يضع حد للصراع بين الفرقاء، وكان لافتاً أن مجلس النواب وحكومته المكلفة في شرق ليبيا أصدرا بيانين منفصلين أيدا فيه مخرجات الاجتماع، تجاهل الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية التعليق عليه، ما يعكس استمرار الانقسام السياسي. لكن البيان المشترك اعتبر أن هذا الاتفاق “يمثل تعبيراً واسعاً عن الإرادة الوطنية وتطلعات الشعب الليبي لإنهاء المرحلة الانتقالية، وعليه ندعو رئاسات المجلسين والمجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة لدعم هذا الاتفاق والبناء عليه لاستكمال باقي الاستحقاقات”. ولم ينتظر الموفد الأممي طويلاً حتى رد على نتائج هذا الاجتماع، مكرراً تحذيراته من “الخطوات الأحادية”. وقال باثيلي، في رسالة وجهها إلى المجتمعين في تونس، إن اجتماعكم “ليس بديلاً من حوار أوسع بمشاركة أكبر وجدول أعمال أكثر شمولاً”، محذراً من “العواقب الكارثية للمبادرات الأحادية التي تهدف فقط إلى إنشاء مؤسسات جديدة من دون تعاون جميع الأطراف المعنية  وموافقتها”. 

 وأشار إلى أنه على دراية تامة بتباين الآراء بشأن اجتماع تونس بين مساند ومشكك ومعرقل، لكن اعتبر أن هذا الاجتماع “هو بمثابة شهادة على قدرة الليبيين على الالتقاء والانخراط في الحوار عند وجود إرادة حقيقية للقيام بذلك”. وأضاف: “نحن في بعثة الأمم المتحدة للدعم، ندعم جميع المبادرات التي تسعى إلى جسر الهوة بين الأطراف الليبية. ومع ذلك، فإننا ندرك أيضاً المخاطر المرتبطة بإعادة إنتاج حلول غير مقبولة من الجميع، إذ يثبت في النهاية أنها غير قابلة للتنفيذ”، مشدداً على ضرورة معالجة جميع القضايا الخلافية التي حالت دون إجراء الانتخابات في عام 2021، بدلاً من التركيز فقط على مسألة واحدة على حساب مسائل أخرى لا تقل أهمية. هل يلتقي صالح وتكالة قريباً؟عضو “كتلة التوافق” عن المجلس الأعلى للدولة عادل كرموس نفى أن يكون اجتماع أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة مقدمة للقاء ثنائي يجمع رئيسي المجلسين عقيلة صالح ومحمد تكالة، لكنه توقع أن يكون له تأثير وصفه بـ”الكبير” في أن يجتمعا مجدداً إلى طاولة مفاوضات بعد لقاء القاهرة أواخر العام الماضي. ولفت كرموس لـ”النهار العربي” إلى “ضرورة ملحة لاجتماع المجلسين في ظل حالة الانقسام السياسي، وحتى لو كان هناك خلاف على مستوى الرئاسة فإن هناك توافقاً بين الأعضاء”. وأكد أن ما خلص إليه الاجتماع “غير ملزم للمجلسين، وهو خطوة نحو تحقيق توافق أكبر”. وانتقد دور باثيلي الذي وصفه بـ”السلبي”، معتبراً أن “حديثه عن توافق واسع يحتاج إلى سنوات”.  عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة اتفق مع انتقادات كرموس للموفد الأممي، متهماً الدبيبة بعرقلة المسار الانتخابي الذي تم التوافق عليه عبر لجنة “6+6″. وقال إن التوافق كان قد تحقق ولا يحق لمن وصفهم بـ”الأقلية المدعومه من الخارج” بعرقلة المسار وإعادته إلى نقطة الصفر. كما لفت لـ”النهار العربي” إلى الانقسام الدولي حول التعاطي مع الأزمة الليبية “فكل طرف يريد هندسة حل يرضى عنه أو إبقاء الوضع على ما هو عليه”. وأوضح أوحيدة أن اجتماع أعضاء النواب والأعلى للدولة كان يجري التحضير له منذ فترة، وكان هناك اقتراح بعقده داخل ليبيا لكن البعض تحفظ عنه حتى لا تُحسب نتائجه على طرف ضد آخر، وانتهى النقاش إلى عقده في تونس كبلد محايد بعد ترحيبها. وأضاف: “الاجتماع حقق ما تم الترتيب له، سواء بالتوافق على المسار الانتخابي أم تشكيل حكومة جديدة، وسنستمر في ممارسة الضغوط على كل الأطراف حتى يلتزم الجميع بالذهاب إلى صناديق الاقتراع”.

التعليقات معطلة.