تريد الكتل النيابية اللبنانية المعارضة على تنوّعها تسريع انجاز استحقاق رئاسة الجمهورية من خلال تأكيدها أهمية انعقاد جلسات انتخابية بدورات متتالية. ولا يزال من المبكر الإغداق في الحديث عن تطوّرات رئاسية، رغم مقترح تكتل “الاعتدال الوطنيّ” النيابيّ الذي لم يُحدث ترشيقاً سياسياً حتى اللحظة، رغم موافقة قوى سياسية متنوعة على الطرح. ويشمل الاقتراح اجتماعاً تشاوريّاً نيابيّاً، في محاولة للاتفاق على مرشّحين رئاسيين، ثم انعقاد جلسات انتخابية من دون تعطيل الدورات المتتالية. ولن يكون الانتقال نحو تحرّك رئاسيّ مختلف عن السابق بهذه البساطة، وفق الانطباعات السياسية. يخفّض عضو تكتّل “الجمهورية القوية” النائب ملحم الرياشي في حديثه لـ”النهار العربي” سقف ترجيحاته حيال إمكان أن يسهم الحراك المتجدّد على النطاق الداخلي اللبنانيّ بهدف انتخاب رئيس للجمهورية في إنهاء الشغور الرئاسيّ، ذلك “وسط التعادل السلبيّ في الجانب النيابيّ بين مجموعتين سياسيّتين كبيرتين، وانتفاء إمكان كسر التوازن الحاصل إلاّ من خلال جلسات انتخابية متتالية ونقاشات متقاطعة بين الجلسات تلك، للمساعدة في تحقيق تحوّلات على أن يتراجع مرشّحون ويستكمل آخرون الانتخابات، فيما لا قوّة إضافيّة يمكن لها أن تشكّل قيمة مضافة تسمح في كسر التوازنات أو تحفّز انتخاب رئيس للجمهورية”. لن ينحسر الاستعصاء الحاليّ وفق انطباعات الرياشي، حتى “تطرأ متغيّرات على المشهد الإقليمي، أو في انتظار محطّة الانتخابات الرئاسية الأميركية المنتظرة، ما يمكن أن يغيّر المعطى اللبناني الداخليّ ويساعد في الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية”. ويخشى الرياشي “اشتداد الصراع الحدوديّ جنوب لبنان نحو حرب شاملة طالما لم تتراجع وطأة احتدام المواجهات بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي، ولأنّ لدى تل أبيب أجندتها الخاصّة التي ستعمل على تطبيقها بعد انتهاء الحرب في قطاع غزّة. ويكفي تطبيق القرار الدولي 1701 للعمل على إخماد الاضطرام الناشب، لكن الماكينة الحربيّة الإسرائيلية تعتبر أنّ العمليات العسكرية في غزّة بمثابة حرب وجودية وتنطوي اعتباراتها على أوضاع جنوب لبنان”. وفي تأكيده، لم تضمحل التحالفات السياسية لـ”القوات اللبنانية”، بل إنّ “علاقاتها راسخة من دون أن يمنع ذلك وجود اختلافات في وجهات النظر حيال بعض الملفات، لكنّ التحالفات متماسكة وصلبة جدّاً مع القوى السياسية الحليفة”. ويعتبر عضو تكتل “الجمهورية القوية” أنّ “تعديل النظام اللبناني بمثابة حاجة مستندة في مضامينها على اتفاق الطائف في شتّى المواضيع، انطلاقاً من فيدرالية مجلس الوزراء، فيما هناك حاجة إلى بلورة جدّية لفيدرالية المحافظات في الوقت المناسب تحت مظلّة غطاء إقليميّ دوليّ، لأنّ اللبنانيين لا يستطيعون أن يتوصّلوا إلى متغيّرات بمفردهم، مع اعتبار الحياد والاتحاد وسط دولة مركزية قويّة جدّاً بمثابة حلّ للبنان وليس ثمة أي حلّ آخر للخروج من حال التعطيل المتكرّر الرئاسي والحكوميّ”. ويقول الرياشي إنّ “فيدرالية المحافظات، مع ترك التفاصيل لأصحاب الاختصاص، بمثابة استكمال لاتفاق الطائف، علماً أنّ طريقة تطبيقه جعلت البلد ينحو في اتجاه فيدرالية المذاهب، إلاّ أنّ من الممكن البحث عن فيدرالية محترمة على طريقة الولايات المتحدة الأميركية. ولا يمكن قبول الاقتراحات الفيدرالية التي تعزل الطوائف اللبنانية عن بعضها بعضاً، بل لا بدّ من فيدرالية المحافظات للإبقاء على الدور الرسولي لهذا البلد؛ على أن تكون المناصب الرئاسية الفيدرالية علمانية وغير محسوبة على طائفة أو مذهب، إنما الانطلاق من فيدرالية قوية جداً على مثال الفيدرالية الأميركية الأكثر نجاحاً. ولا بدّ من حماية المناصفة بين المسلمين والمسيحيين كذلك في البرلمان الفيدرالي”. ويستنتج، أنّ “أوان البحث في طروحات تعديل النظام لم يأتِ حتى اللحظة، بل إنّ الأسس الأكثر أهمية التي يُعمل عليها حالياً تكمن في تحييد لبنان عن الحرب الشاملة والحدّ من الهجرة ومعالجة مخاطر التغيّر الديموغرافي نتيجة أزمة النازحين”.
التعليقات معطلة.