تونس تدرّب مؤذّنيها فقهياً وموسيقياً… حفظاً للهوية

1

تدريب فقهي وموسيقي للمؤذنين في تونس.

أطلقت تونس دورات تدريبية للمؤذنين من أجل تمكينهم من رفع الأذان بطريقة سليمة. وخضع عدد من المؤذنين في مناطق عديدة خلال الأسابيع الأخيرة لتدريبات نظرية ستليها تدريبات تطبيقية. وأشرف أساتذة متخصصون على المرحلة النظرية التي كان هدفها تمكين المؤذنين من الاطلاع على فقه الأذان، وستقام المرحلة التطبيقية بعد نهاية شهر رمضان. وقالت المديرة الجهوية للشؤون الدينية في محافظة جندوبة علية الخياطي إن المرحلة الثانية ستكون تحت إشراف أساتذة في الموسيقى، وذلك من أجل أن يتمكّن المؤذنون من المقامات الموسيقية ومخارج الحروف. وأضافت في تصريح إلى “النهار العربي”: “بعدما انتهينا من المرحلة النظرية التي امتدت على 4 أسابيع وكانت تحت إشراف أساتذة متخصصين في الفقه، ستكون المرحلة الثانية تحت إشراف أساتذة موسيقى”. وشرحت أن الهدف من هذا البرنامج هو تحسين طريقة رفع الأذان “ففي الوقت الحالي يُرفع في المساجد مسجلاً، وسيمكن هذا البرنامج من رفع الأذان مباشرةً من الجوامع والمساجد، وسيصبح المؤذن قادراً على رفع الأذان بطريقة سليمة موسيقياً ولفظياً”. وشددت على أنّ من المهم في رفع الأذان الإتقان والأداء الجميل حتى يكون تأثيره حسناً على سامعه. كما كشفت عن تنظيم مسابقة في مرحلة تالية بعد انتهاء التدريب بين المؤذنين المشاركين في هذا البرنامج. وكثيراً ما كان رفع الأذان محل انتقاد من طيف واسع من التونسيين ممن استهجنوا أن لا يكون رافعه متمكناً وصاحب صوت جميل، خصوصاً في فترات الصباح الباكر. عودة للهوية التونسيّةوتحسين الأذان من المسائل التي تشتغل عليها وزارة الشؤون الدينية في تونس منذ سنوات. ففي عام 2018 أقرت بالتعاون مع وزارة الثقافة برنامجاً لتدريب المؤذنين في معهد الرشيدية المتخصص في الموسيقى التراثية.  وكان هدف البرنامج تطوير أداء المؤذنين ورفع قدراتهم ومهاراتهم من أجل رفع أذان يكون دعوة إلى الفرح والسلم النفسي على الطريقة التونسية الخاصة.ويقول أهل الموسيقى إن الأذان يأخذ طابع أهل البلد، وهو ما ينطبق على الأذان التونسي. 

 ووفق الموسيقي والفنان التونسي سفيان الزايدي، وهو واحد من الأساتذة الذين أشرفوا على تقديم الدروس للمؤذنين في معهد الرشيدية، فإن الأذان يختلف من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى، “فأذان المشرق العربي يختلف عن أذان المغرب العربي، والأذان التونسي له خصوصية وهوية مختلفة”. وأوضح أن نبرة الأذان التونسي على صلة وطيدة بالهوية الإسلامية الوطنية، مشدداً على أنه يمكن أن يكون عنصر جذب ومنتجاً يقدم للسياح. وأضاف في حديث لـ”النهار العربي” أن ثمة عوامل عدة تؤثر في الأذان وتُشكل هويته المحلية. وهذه العوامل هي أوّلاً المكان، فالأذان الذي يُرفع في الحاضرة يختلف عن الأذان الذي يُرفع في الريف، وثانياً المقامات أو الطبوع، إذ إن لكل أذان مقاماً موسيقياً”. وشرح أن الأذان في الشرق طبوعه (مقامه) الحجاز، أمّا الأذان التونسي فطبوعه الحسين ورصد الذيل والمحير سيكا والمزموم. ويقول إن هذه الطبوع تمثل الهوية التونسية التي تبرز بمجرد سماع ترتيل القارئ القرآن الكريم، مشيراً إلى أن لتونس مدارس عريقة في رفع الأذان أشهرها مدرسة الشيخ البراق. 

 والشيخ البراق هو أشهر مؤذني تونس ويعرف برفيق التونسيين في رمضان، وقد امتدحه الأديب المصري الراحل طه حسين قائلاً إن “صوته يعيدنا إلى الزمن الأول لنزول القرآن وبدء الحضارة العربية”. وقال الزايدي إن الأذان الذي يرفع فجراً يكون على مقام الكرد أو النهوند، لذلك يكون هادئاً لا يستعمل مقامات صوتية حادة على خلاف أذان الظهر أو العشاء. شروط للمؤذن والأذانوعن الشروط التي يجب أن تتوافر في الأذان والمؤذن حتى يكون لطيفاً على السمع، قال الزايدي إنه يجب أن يكون نطقه للحروف صحيحاً ولا يشترط أن يكون صاحب قدرات صوتية كبيرة: “فقط يجب أن يكون متمكناً من الانتقال بين المقامات بطريقة سلسة وغير مزعجة ومن دون نشاز”.  ولفت إلى أن العديد من المؤذنين في تونس لا يرفعون الأذان بشكل سليم، بل إنه يرى أن طريقتهم “منفرة”، فيما “يطغى على السواد الأعظم التأثر بالطريقة المشرقية” وفق تعبيره، وأضاف: “نخشى أن نفقد الهوية التونسية في رفع الأذان، لذلك يجب العمل على الحفاظ عليها بالعودة إلى مدارسنا التقليدية”. 

التعليقات معطلة.