تطمينات لأمازيغ ليبيا تمهّد لإعادة تشغيل معبر رأس أجدير… هل يصمد الاتفاق؟

1

اجتماع المنفي والكوني مع وفد من الأمازيغ.

يبدو أن ثمة ترتيبات دولية لتأمين معبر رأس أجدير الحدودي بين ليبيا وتونس قبل إعادة افتتاحه أمام حركة مرور المسافرين ونقل البضائع. وكان المجلس الرئاسي الليبي ورئاسة أركانه قد تدخلا لنزع فتيل صراع دموي اشتعل منتصف الشهر الماضي، بين حكومة الوحدة الوطنية والأقليات الأمازيغية للسيطرة على المعبر الحدودي وأدى إلى إغلاقه. اتفاق مع الأمازيغوعلى إثر هذا التدخل شُكلت قوات عسكرية مشتركة يقودها نائب رئيس الأركان صلاح الدين النمروش، تسلمت المعبر والمنطقة المحيطة به بعد اتفاق مع الأمازيغ “يضمن لهم المشاركة ويحافظ على مكاسبهم”، وفقاً لمصادر مطلعة تحدثت إلى “النهار العربي”. وأعلن رئيس الغرفة الأمنية المشتركة اللواء عبد الحكيم الخيتوني، تسلم مهمات تأمين معبر رأس أجدير من رئاسة الأركان، مشيراً إلى أنه سيخضع للصيانة وإعادة الهيكلة تمهيداً لإعادة تشغيله. 

 وأوضحت مصادر مطلعة لـ”النهار العربي” أن اتفاقاً أبرم بين أعيان مدينة زوارة (جنوب غرب العاصمة) التي تقطنها غالبية أمازيغية والنمروش يقضي بتسليم إدارة المعبر إلى أفراد تابعين لوزارة الداخلية، لكن من دون دخول أسلحة متوسطة أو مدرعات الوزارة إلى المنفذ الحدودي والمنطقة المحيطة التي أوكلت مهمة تأمينها إلى قوات عسكرية تابعة لرئاسة الأركان بالتعاون والتنسيق مع المجلس الأعلى للأمازيغ وأعيان المدينة، فيما تعهد مسؤول بارز في المجلس الأمازيغي بـ”صمود الاتفاق ما التزمت رئاسة الأركان بتفاصيله”، محذراً من أي خطوات لـ”استعراض القوة” لأنها ستعني انهيار هذا الاتفاق وعودة التوتر إلى المنطقة. وقال لـ”النهار العربي”: “لا نريد صداماً ولا نعادي الدولة، بل نرحب بحضورها، لكن في الوقت نفسه نطالب بحقوقنا ونرفض سياسة التهميش وفرض الأمر الواقع”. ومساء الخميس التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ونائبه موسى الكوني وفداً من المجلس الأعلى للأمازيغ، لمناقشة آخر المستجدات التي شهدتها منطقة زوارة، بالإضافة إلى معبر رأس أجدير الحدودي، وفقاً للبيان الرئاسي. “حقن الدماء”وكان الخيتوني قد سعى إلى طمأنة سكان المنطقة المحيطة بالمعبر الحدودي، مشدداً في بيان على الرغبة في “حقن الدماء، ولا نريد إثارة أي حساسيات أو ضغائن، ونحمد الله أننا تمكنّا من ذلك بفضل حكمة رئاسة الأركان، ومن قدموا لنا مساعدات”، مؤكداً أن القوات التي دخلت المنفذ جاءت بالتنسيق مع رئاسة الأركان العامة. كما أشاد بدور أعيان المنطقة في “دعم جهود تعزيز الأمن والاستقرار”. ورغم الهدوء الذي ساد المنطقة خلال الأيام الأخيرة، إلا أن عودة الحركة إلى رأس أجدير رهن ترتيبات أمنية يجري التباحث بشأنها على ما يظهر، ما قد يؤخر إعادة افتتاح المعبر الحدودي رغم استعجال الجانب التونسي. تدريبات لتأمين المعبرفقبل أيام عقد وزير الداخلية عماد الطرابلسي محادثات مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي الفنية لإدارة الحدود “يوبام” يان فيتشيتال، ركزت على “إمكان وضع آلية لتجهيز منفذ رأس أجدير الحدودي وتطويره”. كما تطرق اللقاء الذي حضره رئيس جهاز حرس الحدود، ورئيس قسم المنظمات في مكتب الوزير ومدير العمليات في البعثة إلى “مناقشة برامج التدريب وتأهيل عناصر جهاز حرس الحدود” وفقاً لبيان رسمي، فيما كشفت مصادر مطلعة لـ”النهار العربي” أن طرابلس طلبت تعاوناً أوروبياً في إطار إعادة تأهيل المعبر وتوسيعه، موضحاً أن من ضمن الطلبات تزويد ليبيا معدات وأجهزة متطورة للكشف الإشعاعي والمسح الضوئي، وكاميرات مراقبة ليلية عالية التقنية، بالإضافة إلى تدريب العاملين في المعبر. وتوقع المصدر عودة الحركة جزئياً خلال الأيام المقبلة، على أن تستمر عملية الصيانة والتوسيع. 

 وبالتزامن زار الملحق العسكري الأميركي، وأعضاء الملحقية، عدداً من الوحدات العسكرية في الغرب الليبي، واجتمعوا مع رئيس جهاز حرس السواحل وأمن الموانئ رضا عيسى. وقد تواكب الحدثان مع معلومات عن تدريبات يخضع لها عشرات العسكريين الليبيين على مهمات حراسة المنافذ والحدود، من قبل شركة “أمينتيوم” الأمنية الأميركية التي يتردد بقوة إبرام حكومة الوحدة الوطنية عقداً معها للتعاون في التدريب وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتوحيدها، في خطوة تثير الجدل في الأوساط الليبية ويعترض عليها معارضو الحكومة المسيطرة على العاصمة ومحيطها. المحلل السياسي محمد الخراز أكد “تدخل عدد من الدول النافذة على خط ملف رأس أجدير في ظل سيطرة صراع المصالح المحتدم بين المجموعات المسلحة المحلية في المنطقة الغربية”، مشيراً لـ”النهار العربي” إلى أن الولايات المتحدة “تضع تأمين المنطقة نصب أعينها عبر شركاتها الأمنية، بهدف تعزيز حضورها وإيجاد التوازن في الداخل الليبي ولحماية مصالحها”. وقال: “معبر رأس أجدير لم يعد قضية بين الأمازيغ ووزارة الداخلية، بل باتت له أبعاد دولية”، مضيفاً: “الغرب الليبي تحكمه صراعات بسط النفوذ وتحقيق أكبر مكاسب، وفي ظل استمرار عقيدة الميليشيات هذه، وتجاهل الأولوية الملحة لملف توحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، ستستمر المواجهات المسلحة بين الفرق المتناحرة بين الحين والآخر”.

التعليقات معطلة.