حرائق اسواق الاقليم والحرب المعرفية

1

مقـالات

د. كامران حسن

2024-04-08 21:29

قبل أقل من شهرين حصل حريق سوق الملابس المستعملة (البالة) في اربيل ولحقت خسائر كبيرة بأصحاب المحلات فيها، وبعد تلك الحادثة، وفي الأول من نيسان الجاري شب حريق في سوق تشلي في دهوك، وبالامس تكرر الحريق في سوق الملابس المستعملة في اربيل ولحقت خسائر بأكثر من 200 محلا في هذه السوق التي يتبضع منها أناس كثيرون ما يحتاجونه من ملابس.

الحرب المعرفية واحدة من الحروب المؤثرة والجديدة في هذا العصر يقوم بافتعالها أعداء ليس بالضرورة ان نكون في حالة حرب معهم وحتى ان العلاقات معهم قد تكون طبيعية. والقصد من الحرب المعرفية هو استهداف ذهنية ورؤى الأفراد داخل المجتمعات بهدف خلق تأثيرات وطريقة تفكير بالشكل الذي يريده الأعداء. ومن الممكن ان يكون هؤلاء الأفراد من سياسيي بلد ما او اناس عاديون.

كلما حصل حريق في سوق الملابس المستعملة يتبادر الى ذهن الناس ان هناك مسؤولون ينوون اخلاء هذه السوق من اصحابها. وهذا سبب اخر من المحتمل ان يوسع الهوة بين الناس والسلطة ويقلل ثقتهم فيها.

في الحرب المعرفية نرى خطوات متتابعة مثل: خلق التأثيرات على تفكير الناس، تدمير وحدة النسيج الاجتماعي وخلق حالة اللاتوافق، تعطيل الاقتصاد، تخريب البنى التحتية الاقتصادية، خلق التأثيرات على سياسات الحكومات وفي الاخير انهيار الحكومات. وفي الوضع الحالي في اقليم كوردستان الذي يعيش حربا معرفية فإن المجتمع الكوردستاني منقسم، السياسات الحكومية غير موحدة وبسبب التحالفات والمشكلات يلاحظ عدم التوافق السياسي، والوضع الاقتصادي الخطير والعديد من الاسباب الاخرى وفي مقدمتها عدم وجود ميزانية خلال السنوات العشر الماضية ومشكلة الرواتب وقرارات الحكومة التي ألقت بحمل كبير على كاهل أصحاب الأعمال، وتسببت بهروب الرساميل الى خارج الإقليم، وخراب البنى التحتية لاقتصاد الإقليم، ففي الهجمات الصاروخية الايرانية على اربيل رأينا استهدافا مباشرا لكبار أصحاب الاموال (اصحاب رؤوس الاموال في حالة انعدام الاستقرار يسعون لإخراج ثرواتهم)، احراق اسواق اربيل ودهوك (لماذا اربيل ودهوك؟) يمكن درجها في خانة تخريب الاقتصاد، والخطر يكمن فيما يجري الحديث عنه بأن جميع هذه المساعي تبذل من اجل القضاء على كيان اقليم كوردستان.

ووفقا لأسس الحرب المعرفية والواقع الحالي للإقليم، نرى أن الحرب أصبحت كبيرة جدا. وانه حينما نصحو من هذه الحرب يكون الاوان قد فات، ويجب على إقليم كوردستان أن يتعامل مع هذه الحرب القاتلة بحكمة.

ومن الدول التي تشتهر بحربها المعرفية هي إيران (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، إسرائيل في حرب معرفية كبيرة مع إيران)، ولا يخفى على أحد مدى تدخل إيران في شؤون العراق واقليم كوردستان.

وبعد الإعلان عن الجهود المباشرة التي بذلتها حكومة إقليم كوردستان لتوفير الأراضي وتوزيع راتبين في هذا الشهر، حدث على الفور حريق سوق الملابس المستعملة. ومن الواضح أن هذا استمرار للحرب المعرفية وتدمير للثقة بين الشعب والسلطات.

ويجب على إقليم كوردستان أن ينظر إلى هذا الموضوع بعناية وأن يأخذه على محمل الجد، لأن مستوى هذه الحرب كبير والمخاطر جسيمة. ومن أجل خوض هذه الحرب يجب تشكيل غرفة عمليات لدراسة هذه الحرب وآثارها ومحاولة إحباط الهجمات وحتى القيام بالهجوم المضاد.

ترجمة: شفق نيوز

التعليقات معطلة.