فتحت السلطات في الجزائر الأبواب واسعة أمام رجال المال والأعمال للمشاركة في مخطط الإنعاش الاقتصادي المرجو والاستفادة من نجاحه. قانون اسنثمار جديد صالح لرؤوس الأموال الداخلية مثلما هو صالح للمستثمرين الأجانب، امتيازات وتخفيضات وفتح رأسمال بنوك، غيض من فيض، ما جعله الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، طريقاً معبدة نحو تدخل المال الخاص في الاقتصاد الوطني.
وفي المجال المصرفي، أطلقت الحكومة الجزائرية ومن قبلها الرئيس تبون دعوات صريحة لرجال الأعمال في الجزائر، إلى الاستثمار في القطاع البنكي، بل كانت دعوته صريحة إلى فتح بنك خاص من قبل واحد من رجال الأعمال أو من ضمن مجموعة منهم.
وقال تبون في تصريحات سابقة، إن من المفارقات في الجزائر أن “رأس المال الوطني الذي يمثل ما نسبته 85 في المئة، موجود بين أيدي الخواص، غير أن المال المتداول في الميدان الاقتصادي عامة والتجاري والتبادلي والذي يمثل لحد الآن ما يقارب الـ90 في المئة، هو مال حكومي”. وأضاف أن هذا الخليط بين المال العام والخاص هو الذي دفع إلى تفشي الفساد والانحرافات، “لذا فإننا ندعو ونتمنى من القطاع الخاص الوطني المبادرة إلى فتح بنوك خاصة، حتى نقضي على الانحرافات”.
وفي نهاية العام الماضي، أطلق تبون دعوة صريحة خلال لقائه المتعاملين الاقتصاديين في ختام أيام “مقاولاتية الأعمال في قلب التجديد الاقتصادي الجزائري” في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، رجال المال والأعمال إلى فتح بنوك خاصة لتمويل الاقتصاد والاستثمار كثيراً في المجال البنكي.
الخطوة المالية التاليةيؤكد الخبير الاقتصادي محمد بوجلال أن الترسانة القانونية الموجودة حالياً هيأت الظروف وجعلتها مواتية لتأسيس بنك جزائري خاص، لا سيما بعد صدور القانون النقدي والمصرفي منتصف العام الماضي. ويعبر بوجلال عن أسفه لعدم استجابة رجال الأعمال الجزائريين لدعوات السلطات الحكومية لحد الآن، والمبادرة إلى تأسيس بنك خاص بصفة انفرادية أو جماعية، وقال: “في الجزائر 20 بنكاً، 7 منها حكومية والباقية أجنبية، هذا غير معقول، بخاصة أن التشريعات والتنظيمات القانونية الحالية مشجعة تشجيعاً لافتاً وغير موجودة في الكثير من البلدان الأخرى”.
وأكد بوجلال ما قاله تبون بخصوص الفساد والانحرافات المالية، فأشار إلى أن المال الخاص عصي على هذه الانحرافات مقارنة بالمال العمومي، وذلك من خلال الحرص الذي يبديه رجال الأعمال على رؤوس أموالهم، بالإضافة إلى التطور في العمليات المالية الذي من المؤكد أن يسعى إليه صاحب البنك الخاص، وخصوصاً ما يتعلق باستثمار الودائع المالية الموجودة في البنك، وإمكان تمويل المشاريع الاقتصادية، حكومية كانت أو خاصة.
ولفت بوجلال إلى أن السلطات بادرت إلى فتح رأس مال البنوك الحكومية، وهو مسعى جيد وإبداء حسن نية أمام الخواص، مشيراً إلى أن الحكومة تريد المرور إلى الخطوة التالية سريعاً عبر إقناع رجال المال والأعمال بإنشاء بنوك خاصة تعود فوائدها عليهم وعلى الاقتصاد الجزائري عامةً، وهو ما يفسر لقاءات الرئيس تبون العديدة مع منظمات رجال الأعمال، بخاصة “مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري” الذي يضم مئات الجزائريين من أصحاب الشركات والمؤسسات الاقتصادية الفاعلة في السوق الوطنية.
وكانت الحكومة قد باشرت بفتح رؤوس أموال بنوك عمومية، بنسبة تراوح بين 20 و30 في المئة، في خطوة لاستمالة أموال الخواص من رجال الأعمال ومن ثم استقطاب الأموال الكبيرة المتداولة في السوق الموازية والتي تتعدى الـ10 مليارات دولار، بحسب آخر الأرقام.
ويلفت خبراء إلى المساهمة الفاعلة التي يقدمها البنك الخاص للمنظومة الاقتصادية الوطنية، إذ بإمكانه تمويل الاقتصاد من خلال تقديم القروض والتمويل للشركات والأفراد، بالإضافة إلى دعم الاستثمارات عبر تقديم السيولة المالية ومن ثم النمو الاقتصادي، وكذلك تقديم خدمات مصرفية أكثر جاذبية وأكثر مرونة مقارنة بما تقدمه البنوك الحكومية.