مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
صحراء النَّجف وبادية السَّماوة في الجنوب الغربي العراقي، هي شقيقة الحماد الشمالي ووديان الباطن وعرعر في الشمال السعودي.
كانت قوافل التجارة و«فِرقان» البدو، تجول من هنا لهناك، والعكس، بل كانت البضائع والسلع الآتية من «المشهد» في العراق تجد رواجها في حائل والقصيم والعارض، وكان تجار الأحساء ونجد يتجوَّلون في البصرة والناصرية وسوق الشيوخ، وطبعاً النجف وكربلاء.
أتذكر شخصياً قبيل حرب تحرير الكويت أن رأيت بعض البدو العراقيين ينتجعون الكلأ قرب رمال حائل. من «بني حجيم» وغيرهم، وهذه عاشر سماوية عراقية شيعية.
تذكرت كلَّ هذا وأنا أقرأ عن خبر زيارة السفير السعودي في العراق عبد العزيز الشمري إلى محافظة كربلاء، 13 مايو (أيار) الحالي، وسط ترحيب رسمي وشعبي واسعين، كونها الزيارة الأولى التي يقوم بها سفير سعودي إلى المحافظة التي تضم مرقد الإمام الحسين بن علي، وأخيه أبي الفضل العباس، والتي تعتبر مقصداً يأتي إليها سنوياً ملايين الزوار.
السفير الشمري كان في استقباله محافظ كربلاء المهندس نصيف الخطابي، وأعضاء مجلس المحافظة، حيث اجتمع بهم الشمري، الذي أشاد بالمدينة وتفاصيلها، في فيديو نشرته له العديد من المواقع الإخبارية العراقية، أكد فيه السفير حرص المملكة العربية السعودية على تعزيز العلاقات مع الجمهورية العراقية.
مصدر خاص قريب من أوساط «المرجعية الدينية»، تواصلت معه «العربية. نت»، قال إن: «الزيارة أشاعت أجواء إيجابية واسعة، تساهم من خلالها في تقريب وجهات النظر».
السفير عبد العزيز الشمري جاءت زيارته إلى كربلاء بعد أن أعلنت هيئة الطيران المدني السعودية في 26 أبريل (نيسان) الماضي عن تسيير رحلات جوية مباشرة من مدينة الدمام شرق المملكة إلى مدينة النجف العراقية بدءاً من الأول من يونيو (حزيران).
الحال أنَّ القادة الكبار يختارون المعاني الكبرى، والأهداف العليا، ويتعالون على صغائر الأمور، أيضاً أتذكر هنا كلمة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز للوفد العراقي برئاسة حيدر العبادي، رئيس الحكومة العراقية السابق في 2017، وحضور وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون (وهذه كانت لفتة مهمة) قال الملك سلمان: إن «ما يربط السعودية بالعراق ليس مجرد الجوار، والمصالح المشتركة، إنما أواصر الأخوة، والدم، والتاريخ، والمصير الواحد».
هذا الكلام في وقته لم يكن كلام مجاملات، بل حقائق، وشواهد راسخة على حجر الزمن الحاضر منه والغابر.
أذكر لكم مثلاً عابراً سريعاً، وإلا فالشواهد كثيرة، وهناك دراسات علمية عن هذه الروابط بين العراق والسعودية.
السيد محمد سعيد الحبوبي من أهم شعراء العراق من أهل «النجف»، وهو أستاذ «متنبي العراق المعاصر» محمد مهدي الجواهري، هاجر الحبوبي مع أبيه وعمه لمدينة حائل السعودية نحو 1864، عاش ثلاث سنوات مع أبيه وعمه بحي المشاهدة العراقي الشهير بحائل. من شعره تشوقاً لنجد:
يا نازلي (الرمل) من (نجد) أُحبكم
وإن هجرتم ففيمَ هجركُم؟ فيما؟