اخبار رياضية

شبهات فساد تضع اتّحاد الكرة الجزائري تحت مجهر القضاء

مقر الاتحاد الجزائري لكرة القدم.

مقر الاتحاد الجزائري لكرة القدم.

تحركت العدالة في الجزائر أخيراً نحو اتحاد كرة القدم واستدعت عدداً من  المسؤولين السابقين في أعلى هيئة كروية في البلاد، أبرزهم ثلاثة رؤساء تقلدوا مهماتهم في الفترة بين نيسان (أبريل) 2017 وتموز (يوليو) 2023، على خلفية ملفات وقضايا فساد. وتشمل دائرة الاتهام أمناء عامين ومسؤولين آخرين. وكشفت الجمعية العامة للاتحاد الجزائري لكرة القدم المنعقدة قبل شهر أرقاماً وصفت بالخطيرة والفاضحة. وأكدت حدوث تجاوزات عديدة مسّت التسيير المالي للهيئة الكروية خلال السنوات الست الأخيرة، وثغرات مالية ومصاريف بمليارات الدينارات غير مبررة، ما دفع الرئيس الحالي لـ”الفاف” (التسمية المختصرة للاتحاد الجزائري لكرة القدم) وليد صادي، إلى الدعوة لمحاسبة كل المتورطين في الفساد المالي الذي ضرب الهيئة، بخاصة أن اتحاد كرة القدم الجزائري كان قبل 2017 من أغنى اتحادات الكرة في العالم، ليجد صادي غداة توليه مهماته الخريف الماضي، أن خزينة الاتحاد فارغة وتعاني عجزاً ومديونية ضخمة. وأشار صادي إلى أن “المكتب المسير الحالي ورث وضعية مالية كارثية”، لافتاً إلى أن مبلغ الديون وصل إلى 7 مليارات دينار (أكثر من 52 مليون دولار)، ملياران ونصف مليار منها هي ديون متعلقة بتنظيم بطولة أمم أفريقيا للاعبين المحليين في كانون الثاني (يناير) 2023. 

الرئيس الجديد للاتحاد وليد صاديوقالت مصادر متابعة لـ”النهار العربي” إن مراسلات عديدة تلقتها النيابة العامة من الجهاز الإداري الحالي للاتحاد، متعلقة بثغرات كثيرة في الحسابات المالية للهيئة الكروية، ما استدعى تحرك القطب الجزائي الاقتصادي والمالي على مستوى مجلس قضاء الجزائر العاصمة. ونشر مجلس قضاء الجزائر بياناً جاء فيه أن معلومات وردته عن “شبهة فساد على مستوى الاتحاد الجزائري لكرة القدم، تتعلق بتورط عدد من الإطارات في إبرام عقود مخالفة للإجراء الداخلي لإبرام صفقات بغرض منح امتيازات غير مبررة للغير، نتج منها تبديد المال العام باتحاد الكرة وبالخزينة العمومية”، وعلى إثرها – يضيف البيان – فُتح تحقيق ابتدائي من قبل فرقة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية لأمن محافظة الجزائر.
البيان لم يخف أسماء المتهمين البارزين في القضية، فأشار إلى الرؤساء السابقين للاتحاد الجزائري لكرة القدم بالأحرف الأولى لأسمائهم، بالإضافة إلى الأمينين العامين السابقين والمدير العام السابق، و8 أشخاص آخرين، والجميع متهمون بجنح إساءة استغلال الوظيفة عمداً، والتبديد العمدي لأموال عمومية والمشاركة في التبديد، وإبرام عقود مخالفة للأحكام والتنظيم، بغرض منح امتيازات واستفادات غير مبررة من خلال إبرام عقود مع الدولة أو إحدى الهيئات والمؤسسات التابعة لها.ترقّبوتترقب أوساط كرة القدم في الجزائر مستجدات القضية باهتمام كبير، بخاصة أن النيابة العامة أكدت أنها ستكشف عن نتائج الإجراءات والقرارات المتخذة للرأي العام في غضون الأيام المقبلة.
وتلقى الشارع الكروي الجزائري أخيراً، بكثير من الحيرة، المعلومات عن المبالغ المالية المهدورة خلال ست سنوات فقط من تسيير اتحاد كرة القدم، في وقت لم تشهد فيه بطولة الدوري أي تطور، بخاصة ما تعلق بالمستوى العام للنوادي. 

مقر مجلس قضاء الجزائر. وقال متابعون إن الطريقة التي أدير بها الاتحاد الجزائري لكرة القدم منذ رحيل الرئيس السابق محمد روراوة، وعدم الاستقرار الذي شهدته رئاسته وتوالي 3 رؤساء في ظرف سنوات قليلة، اثنان منهم لم يعمرا سوى بضعة أشهر، أثرا كثيراً في المنتخب الجزائري، بخاصة منذ الفوز بكأس أمم أفريقيا 2019 في مصر، إضافة إلى التكسير الممنهج لكل ما كان يرمز إلى حقبة روراوة، ولها عوامل ساعدت في سوء الإدارة وأدت إلى فضائح مالية كشفتها الحسابات الدقيقة.  

راتب بلماضي!ويشير عدد من المراقبين الداعمين لخطوة العدالة الجزائرية، إلى التكتم الذي كان يصاحب الصفقات ورواتب الموظفين وغيرها على مستوى اتحاد الكرة، وبينها راتب المدرب السابق للمنتخب الجزائري جمال بلماضي الذي رُفع بعد نيله لقب كأس أفريقيا عام 2019، أضعافاً مضاعفة، من دون الإفصاح عنه ومن دون ضوابط مالية، بحسب ما يؤكده العارفون بالحسابات المالية. ويؤكد مطلعون أن الحوافز المالية للاعبين بلغت هي الأخرى أرقاماً قياسية في وقت عرفت فيه تشكيلة بلماضي عدداً من الخيبات بخاصة خلال سنة 2022، وهي السنة التي خرج خلالها المنتخب الجزائري من دوري المجموعات لبطولة الأمم الأفريقية في الكاميرون، وعرفت أيضاً خيبة عدم التأهل إلى مونديال قطر 2022، هذا دون الحديث عن صفقة الشركة الممولة لمنتخبات كرة القدم الجزائرية بالألبسة، والتي صاحبها ولا يزال جدل كبير في الأوساط الرياضية والإعلامية.
وبناءً على كل ما سبق، فإن تحرك القضاء الجزائري للكشف عن خبايا الملفات على مستوى مبنى دالي إبراهيم، مقر اتحاد كرة القدم الجزائري، يعد بمثابة خطوة ميدانية للوقوف على ما تم إهداره خلال السنوات السابقة ومحاسبة المتسببين في انحدار أساليب التسير إلى مستويات الفساد المالي والإداري، ما أدى إلى تراجع مستويات كرة القدم الجزائرية ومحيطها، يؤكد متابعون.