المناخ يُغيّر نكهة الأغذية
تسبّب التغيّرات المناخية في إحداث تحولات جوهرية في الأطعمة التي نستهلكها. وفقًا لدراسة حديثة من المعهد الأوروبي للسياسة البيئية، فإن الأطباق الشهيرة، مثل عجة البطاطس والريزوتو، قد تواجه تهديدات بسبب الآثار السلبية للظواهر الجوية مثل الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، والأمطار الشديدة، والفيضانات، على المكونات الأساسية مثل البطاطس، وزيت الزيتون، وأرز كارنارولي. العلماء ينبّهون الآن إلى أن هذه العوامل لا تؤثر فقط على توافر هذه المكونات، بل تغيّر أيضًا من تكوينها الغذائي وطعمها.
أورورا دياز، الباحثة في مجال الزراعة في معهد أراغون لأبحاث وتكنولوجيا الأغذية الزراعية، تعدّ واحدة من الخبراء الذين يفحصون كيف تؤثر الظروف المناخية مثل الجفاف ونقص المياه على القيمة الغذائية للمحاصيل، مما قد تنتج منه تأثيرات إيجابية أو سلبية على جودة المنتجات. وتستعين النباتات بمجموعة من الاستراتيجيات لمواجهة هذه الظروف الصعبة.كما توضح دياز، أن “إحدى هذه الاستراتيجيات تشمل إنتاج مركبات تساعد النباتات في البقاء خلال فترات الجفاف، وبعض هذه المركبات هي السكريات التي تتراكم خلال الجفاف وتؤثر مباشرة على طعم الأطعمة”. التغييرات الناتجةتشهد المركبات المسؤولة عن اللون الأحمر في أوراق الخس الحمراء زيادة عند تعرّض النبات لدرجات حرارة مرتفعة. وقد لاحظ اليابانيون أن التفاح من نوع “فوجي” أصبح أقل حموضة وأقل قرمشة بسبب النضج المبكر الناجم عن الاحتباس الحراري.
وفي ما يتعلق بالنبيذ، فإن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة مستويات السكر في العنب، ما يرفع من نسبة الكحول ويغيّر من الخصائص الحسية للنبيذ. درست دياز المركبات ذات التأثير الإيجابي، مثل تلك المسؤولة عن اللون الأحمر لأوراق الخس الحمراء، والتي تزداد مع ارتفاع درجات الحرارة. ومع ذلك، وجدت أيضًا أن الخضراوات التي تعاني من الجفاف تحتوي على كميات أقل من فيتامين C.
قد يؤدي تغيّر المناخ أيضًا إلى تأثيرات غير مرغوب فيها. على سبيل المثال، تمّت ملاحظة أن بعض الدرنات تنتج المزيد من مادة “اللجنين” lignin لحماية نفسها من الجفاف، ما يؤدي إلى تدهور قوامها وصعوبة هضمها. تقول دياز: “قد تكون المركبات حمضية أيضًا، وبالإضافة إلى حماية النبات من الجفاف، فإنها تشكّل حاجزًا ماديًا على السطح، ما يمنح الثمار حموضة ومرارة وقابضة، وهي خصائص قد نعتبرها سلبية”.
تؤكّد العديد من الدراسات الحديثة على ما توصلت إليه باحثة CITA. فقد قام علماء من جامعة “ملبورن” Melbourne في أستراليا بتحليل كيف يمكن لتغيّر المناخ أن يؤثر سلبًا على جودة ما يصل إلى 55% من الأغذية الأساسية في بلادهم، من الخضراوات إلى اللحوم. ووجدت دراسة عام 2021، أجرتها جامعتا تافتس ومونتانا في الولايات المتحدة، أن زراعة القهوة في ارتفاعات أعلى كإجراء تكيفي مع التغيّرات المناخية يرتبط بانخفاض في جودة النكهة والرائحة. وتُلاحظ هذه التغيّرات الحسية والغذائية أيضًا في منتجات أخرى مثل البيرة والجبن ولحم الخنزير.